المظاهرة امام مقر رئيس الحكومة في القدس في يوم السبت كانت الأكبر في موجة الاحتجاج الحالية. حسب المنظمين فانه في المساء جاء الى ميدان باريس القريب من المقر، 39 ألف شخص. في حين أن مصدر كبير في الشرطة قدر أنه جاء الى المظاهرة 12 ألف شخص فقط. الحقيقة موجودة كما يبدو في مكان ما في الوسط. حسب تقديري، في ذروة المظاهرة كان يوجد في الميدان حوالي 20 ألف شخص.
التقدير يرتكز على مساحة الميدان ومستوى الاكتظاظ فيه. مساحة الاحتجاج أمس بلغت حوالي 7500 متر مربع، بعد أن وسعت الشرطة منطقة التظاهر وسحبت الى الخلف عدد من الحواجز. في وقت الذروة كانت معظم المساحة مكتظة جدا، كتف بكتف، ومئات المتظاهرين وقفوا ايضا خارج منطقة التظاهر الرسمية. اذا وقف 2.5 شخص في كل متر مربع بالمتوسط فسنحصل على تقدير هو 20 ألف متظاهر.
إن توسيع منطقة التظاهر هو فقط دليل على أن تعامل الشرطة مع المتظاهرين أمس كان اكثر مرونة وليونة بكثير مقارنة مع الاسبوع الماضي. وقد ترأس العملية الشرطية قائد لواء القدس، المفتش دورون يديد، الذي قرر أن يقلل الى الحد الادنى الاحتكاك مع المتظاهرين. وفي الشرطة أكدوا بأن القرار اتخذ قبل المظاهرة في تل ابيب في يوم الخميس. هكذا، فان الامر لا يتعلق باستخلاص الدروس من السلوك اللين نسبيا لشرطة تل ابيب. ومهما كان الامر فان الشرطة ابعدت الحواجز وانتظرت تفرق المتظاهرين بعد منتصف الليل بنصف ساعة واعتقلت عدد قليل نسبيا من المتظاهرين. كان يبدو أن رجال الشرطة تلقوا تعليمات بالعمل بصورة حساسة، لم أحظ في أي يوم بأن ينادوني “سيدي” مرات كثيرة في مساء واحد، مثلما حدث في كل مرة أراد فيها رجال الشرطة تحريكي من مكان الى آخر.
ورغم ذلك، حاولت الشرطة ثلاث مرات وفشلت في أن توقف، أو على الأقل أن توجه، نحو ألفي متظاهر ساروا من منطقة جسر الأوتار الى ميدان باريس. هذه كانت المرة الثانية التي جرت فيها “مسيرة الأمل” في المدينة، عندما في الاسبوع الماضي تميزت بمواجهات مع رجال الشرطة الذين استخدموا القوة لوقفها. خلال المسيرة في الاسبوع الماضي، على سبيل المثال، تم توثيق نائب المفتش العام للشرطة، نيسو غواتا، وهو يقوم بضرب عدد من المتظاهرين.
عندما وصلوا الى ميدان باريس، المشاركون في المسيرة ضد رئيس الحكومة، التقوا مع مجموعة جديدة من المتظاهرين، اتباع بارسلاف الذين جاءوا للاحتجاج على أنهم لا يستطيعون السفر الى مدينة أومان في رأس السنة. لا توجد علاقة كبيرة بين المجموعتين من المتظاهرين، يمين مقابل يسار، علمانيين مقابل اصوليين، احتجاج ضد الفساد مقابل احتجاج من اجل الحق في السفر الى قبر أحد الصديقين. اتباع بارسلاف استقبلوا بالتصفيق من قبل المحتجين، لكن خلال فترة قصيرة حدثت نقاشات، بعد ذلك اغلقت مجموعة من الاتباع شارع يافا وتم تفريقهم بقوة كبيرة من قبل رجال الشرطة.
الاعياد تلوح في الأفق
موجة الاحتجاج الحالية بدأت بمظاهرة سميت “بيبيستيليا” في 14 تموز. منذ ذلك الحين تم القيام بسبع مظاهرات ضخمة في منتهى ايام السبت وأيضا عدد لا يحصى من المظاهرات الاصغر في ارجاء البلاد. ايضا الخيمة الاولى في الاحتجاج الاجتماعي في 2011 اقيمت في شارع روتشيلد في تل ابيب في 14 تموز. وبعد شهرين، في 3 ايلول 2011، جرت المظاهرة الكبرى للاحتجاج الاجتماعي بمشاركة مئات الآلاف. بعد ذلك الاحتجاج بدأ يخفت. حتى الآن موجة الاحتجاج لعام 2020 اجتازت عدد من العوائق وهي تواصل الكبر من اسبوع الى آخر، المزيد من المتظاهرين، الجسور والحضور الاعلامي. اضافة الى ذلك، المتظاهرون اثبتوا حتى الآن التصميم ووقفوا خلف شعارهم: “لن نتنازل الى أن يستقيل بيبي”.
هذا احتجاج مركز، تلقائي وشاب، يرتكز على آلاف الاشخاص الذين يدفعون الضرائب (25 شيكل) من اجل الوصول الى الميناء ويحملون لافتات تم رسمها باقلام التوش والصاقها بعصا مكنسة. الغضب اصيل والطاقات عالية. ولكن المتظاهرين سيقفون من بداية هذا الاسبوع أمام تحدي ايلول. المدارس ستعود في يوم الثلاثاء الى المعتاد، بهذا القدر أو ذاك. والاعياد اصبحت تلوح في الافق. ورغم أن معظم المتظاهرين في بلفور ما زالوا ليسوا في اعمار من يرسلون اولادهم الى المدارس، إلا أنهم سيضطرون الى مواجهة المشاعر العامة بأن النظام بدأ بالعودة الى حالته الطبيعية، وربما هناك القليل من الوقت والطاقة لتوظيفها في هذا الاحتجاج.
حتى الآن النظام السياسي الساخر لاسرائيل اثبت قدرة صمود مثيرة للانطباع امام الاحتجاج الشعبي. لم يتبين أن هناك شيء يهدد الانفصال بين ما يحدث في الشارع وبين القيادة، أو أن قوة الاحتجاج ستترجم الى تحرك سياسي معين. واذا تجاوز الاحتجاج تحدي ايلول وواصل بقاءه خلال وبعد الاعياد، فان تحدي تشرين الاول سيكون للسياسيين، الذين سيتوجب عليهم بذل جهودهم لمواصلة تجاهل ما يحدث تحت نوافذهم.