ركوب الموجة

مهداوي
حجم الخط

-خبر-كتب:رامي مهداوي
10 تشرين الأول 2015

ما يعيشه الشارع الفلسطيني هذه الأيام هو ليس فقط انتفاضة على الاحتلال؛ بل أكثر من ذلك بكثير لدرجة أن البعض اختفى واندثر وكأنه غير موجود جسدياً أو حتى بتصريحات بلغة الكلام؛ لأنه لا يريد أن يخسر بمفهوم الربح والخسارة المستقبلية السياسية، أضع هنا في هذا المقال بعض المشاهدات التي تابعتها، مع تحليل واستفسارات سيعارضها البعض ويتفق معه البعض الآخر، كمحاولة لفهم الواقع الذي يحيط بنا وليس لمحاولة التدمير والتذمر من جوانب مختلفة.
القيادة الحالية لكافة الفصائل هي الغائب التائه عما يحدث لأسباب لن أخوض بتفاصيلها_ فهي بحاجة لمقال أو مشروع بحث للحصول على شهادة الدكتوراه_ وما يقوم به الجيل الجديد للشارع الفلسطيني هو التمرد على كل الأبويات والبطريركيات الحزبية، وهذا ما يقوم به فعل الميدان وليس الكلام بتوحيد الدم دون تفرقته بعكس الأبوية الحزبية التي أصبحت متحجرة على ذاتها ويقاتلون ذاتهم بذاتهم فانفصلوا عن روح الشارع، ولا يتقنون سوى التبني والبيانات وكلمة هنا وكلمة هناك.
الفعل الفردي للشهداء، هو قرار شخصي بمحض الإرادة الذاتية وبكامل الإيمان العقلي للشهيد وبقناعة تامة لفعل الفعل، إذن لم تقم هذه الفصائل بإعداد وأمر وتخطيط وتجهيز المنفذ الذي وهب روحه للوطن وليس للفصيل أو لشخص ما، فكل ما كلف الفدائي/الشهيد هو قرار ذاتي وأداة ثم معاينة للموقع ثم الفعل. 
لهذا على من يسارع بالتبني وطباعة البوسترات والكلام على وسائل الإعلام أن يرتقي ويسمو سمو الشهيد. وهنا يجب أن تعترف جميع الفصائل بأنها ليست هي من تقود الفعل وعليها ألا تحاول أن تركب موجة الفعل، بل أن تتعلم كيف لها أن تضم وتحتضن أبناءها الذين هربوا/ سيهربون/يهربون منهم وأن لا تتراجع وتنتهي وتكتفي فقط بركب موج وشلال الدم الأطهر منا جميعاً ليتم التفكير فقط بالشباب الفلسطيني كونه "كيس دم" أو مجرد رقم لرفع شعبيتهم المنخفضة؟!
وهنا الجميع يسأل هل هذه انتفاضة ثالثة؟! وهل ستكون هناك رابعة؟! خامسة؟! الشارع الفلسطيني هو وحده من يقرر حسب رأيي وليست القيادة التي ما زلت أجهل أين هي من كل ما يحدث حتى البعض الذي يحب ويعشق الكاميرا لم يظهر حتى الآن وكأنهم يصطادون الوقت المناسب للظهور، لهذا لا يجب استغلال الشارع، بل وأيضاً يجب وضمن مسؤولية ما تبقى من القيادة أن تقود وأن تتحدث لشعبها أولاً وأخيراً تتحدث له بصراحة، أين نحن الآن؟! وما نستطيع أن نحققه! وهل نستطيع أن نحققه؟ وكيف نحققه دون الكذب؟ وحذار من الكذب على شلال الدم لأنه لا يوجد مجال للخطأ في هذا الوقت، وخير مثال على ما أقوله لا يجب أن يصرح بعض الأشخاص _حتى لو كانوا لهم مسميات ما_ تصريحات وكأنهم من كوكب آخر، هذا يضرب مصداقية السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير وبالأخص المساس بمصداقية السيد الرئيس وخصوصاً بعد كلمته الأخيرة في الأمم المتحدة.
سأنتقل إلى زاوية أخرى وهي الإعلام  من زاوية الإعلام الإلكتروني فقط لا غير، المتابع للإعلام الإلكتروني يجد أن بعض وسائل الإعلام الإلكترونية أيضاً تسعى لركوب الموجة عن قصد أو/و من غير قصد، لأسباب أجهلها قد يكون منها عدم الكفاءة المهنية، محاولة الحصول على أكبر عدد من المشاهدات والإعجاب على صعيد الفيسبوك والتويتر واليوتيوب، بالتالي إعلانات وأرباح، أو من أجل إثبات حضور إعلامي متميز دون الاكتراث لتبعيتها وما سيؤثر ذلك من مصداقية على ذاتها كمؤسسة إعلامية وما سيصيب النسيج الاجتماعي من آثار قصيرة وبعيدة المدى، ما أدى إلى نتائج عكسية أصابت الفعل، الشهيد، الضحية، العائلة، بالتالي إلى اهتزاز مصداقية ما يحدث وتقوية دعاية الاحتلال الكاذبة، فأعطينا تبريرات للاحتلال بقتلنا، مما جعل شهيدنا يستشهد مرتين؛ الأولى برصاص العدو والثانية بتداول أو/و خلق قصة كاذبة. 
فكم من شهيد صعد إلى السماء ضمن رواية "محاولة طعن" رغم أن الفيديو والصور يثبتان عكس ذلك. 
وعلى صعيد الصورة والخبر، البعض يتقن استخدام البهارات وهو لا يدرك أن الحقيقة ليست بحاجة إلى بهارات من اختراعه، ما جعل البعض يشوه الكلمة ويصطنع الصورة وما أوقعهم بالمحظورات الوطنية، مع الأخذ بعين الاعتبار بأن الآخر رغم كذب روايته يتم تصديقه على الصعيد الدولي والمحلي. 
علينا جميعاً أن نقف بوجه كل من يريد ركوب الموجة، أكان فرداً أو مؤسسة أو حزباً، لأن من يقدم روحه للوطن لا يقدمها لرفع أسهم أي كان، وهو ليس بحاجة إلى بهارات وقصص خيال تنسج في عالم "الآكشن".