10 تشرين الأول 2015
بقلم: يعقوب عميدرور
الاحداث الشديدة في عيد العرش وبعده، وبالذات اعمال القتل الفظيعة، أدت الى بروز بائعي الكذب من اليمين واليسار. بعض الناس يؤمنون بما يقولون، وبعضهم يستخدمون الاحداث من اجل مواقفهم، ويدركون أن اقوالهم لا صلة لها بالاحداث. واليكم بعض هذه الامور:
«هناك غياب لمبادرة سياسية شجاعة وقيادة مبادرة لوقف اليأس الذي يتسبب بالقتل».
في ذروة عملية اوسلو وعند انسحاب اسرائيل من كل مكان ممكن من غير حساب، وصل «الارهاب» الى ارقام قياسية. عندما وقع رئيس الحكومة على «اوسلو»، وحكومة اسرائيل كانت جدية في نية الاستمرار بالعملية، تفجرت في البلاد عبوات ناسفة قتلت اليهود من غير حساب. لا يوجد أي دليل على العلاقة الحقيقية بين مبادرة سياسية «شجاعة» وبين وقف «الارهاب». هناك من سيزعم أن العلاقة عكسية، وبالنسبة لمنظمات مثل «حماس» و»الجهاد الاسلامي» فان الامر فيه شيء من الصحة. عودة اليسار على قول «المفاوضات هي التي تُحدث التهدئة» هي مثل الطقوس الدينية التي لا ترتبط بالواقع، لكن الانطباع هو أن الكثيرين ممن يقولون هذا يؤمنون به.
«السلام الاقليمي كان المظلة التي ستجعل الدول العربية المعتدلة تضغط على الفلسطينيين من اجل تحقيق المصالح المشتركة لنا ولها. التعاون مع دول المنطقة هو مفتاح الاتفاق».
نظرية اخرى جذابة ولا ترتبط بالواقع. أولا، لأن الدول التي تسمى معتدلة ليست معتدلة في جزء كبير من الامور الخاضعة للنقاش (القدس هي الموضوع الابرز)، اضافة الى ذلك من الواضح لكل من يعرف الشرق الاوسط أن هذه السياسة لا تضغط على الفلسطينيين. لا يوجد زعيم عربي معتدل يتنازل باسم الفلسطينيين حتى لو أراد ذلك فان الشارع لن يقبل.
«هل نرد على القتلة برد ملائم ونبني بشكل كبير في المستوطنات، فيرتدع العرب ويتضاءل الارهاب، وفي المقابل، تجميد البناء سيزيد الارهاب».
في هذه الحالة أُشكك اذا كان من يرفعون هذا الشعار يؤمنون به فعليا، إنهم يعرفون أنه عندما يكون بناء يستمر «الارهاب» ولا يوجد لأحد برهان على أن شخصا قد تراجع عن نية القتل بسبب البناء. هذا استغلال للوضع الصعب من اجل موقف سياسي (شرعي!)، لأن من يريد البناء يعتقد أنه يجب فعل ذلك بدون صلة بـ»الارهاب» – العمل الفظيع مجرد حجة بالنسبة له.
لكن يوجد تأثير للاجواء، وقد تجد الحكومة نفسها أمام وضع يكون فيه المبرر القبيح صاحب الثقل في اتخاذ القرارات. الاشخاص المسؤولون الذين يرون ما هو أبعد من الموافقة على ألف وحدة سكنية اخرى في «يهودا» و»السامرة»، محظور عليهم نسيان أن اسرائيل تدير معركة صعبة مع المجتمع الدولي، واذا اتخذت قرارات من البطن فان النتيجة قد تكون أصعب في المحصلة النهائية.
«المشكلة هي رد عسكري اكبر، فقدنا الردع ويجب السماح للجيش باستخدام كل قوته».
هذه اجابة انفعالية لمن يجد صعوبة نفسية من الوضع، أو متهكم لاستغلال الوضع الصعب لمهاجمة المسؤولين. من المشكوك فيه وجود شخص مهني يعتقد أن المشكلة هي عدم استخدام القوة المفرطة. في جميع المواضيع التي تناولتها «المزيد من القوة» لا يحل المشكلة. مثلا لا يمكن اطلاق النار على عربي في شوارع البلدة القديمة قبل اخراج سكينه. أي أوامر اخرى كان يمكن اعطاؤها للشرطة حول فتح النار من شأنها أن تمنع القتل في الطريق الى «حائط المبكى»؟ لقد عرف «المخرب» أنه قد يُقتل، وما الذي يمكن أن يردعه عدا قتله؟ هل يوجد من يعتقد أنه لو كان الآن عدد القتلى الفلسطينيين 200 لكان وضع اسرائيل افضل، أو كان «الارهاب» أقل؟ اذا كان هناك من يعتقد ذلك فانه يعيش في كذبة خطيرة. لو وصل عدد القتلى الى 200 لكنا أمام موجة لا يمكن السيطرة عليها في الطرف الثاني، وسيكون هناك «ارهاب» أكثر. خلافا لتوصيات المنفعلين، لا تستطيع اسرائيل وهي ليست بحاجة الى الخروج في حملة مشابهة لما في الشيشان. لأن هذا غير اخلاقي وغير ناجع. في نقاط معينة مثل اطلاق القناصة على ملقي الزجاجات الحارقة وراشقي الحجارة، يمكن ومطلوب تحسين القدرة (قناصون أكثر مثلا)، وزيادة التواجد في شوارع «يهودا» و»السامرة» (لكن مع هذا يجب التذكر بأن هذا يلحق الضرر بالتحضيرات للحرب في غزة ولبنان).
خلافا للوضع الذي ساد بين عملية «اوسلو» وعملية «السور الواقي»، لا يوجد للجيش أي قيود على استخدام القوة العسكرية، إلا أن حل المشكلة المعقدة لا يوجد في القوة. التغيير يوجد في الاستخبارات التي هي الوحيدة القادرة احيانا على تغيير المعادلة بين القتل والاحباط. لا يزعم أحد أنه يجب تقييد الجهود الاستخبارية، إلا أن الاستخبارات لن تساعد في حالة «المخرب» الوحيد الذي لا ينتمي الى تنظيم، وفي هذه الحالات يتدخل القدَر وسرعة تحرك المواطنين في المكان. القوات الامنية لا تستطيع أن تكون طول الوقت وفي كل مكان، لذلك فان الرد الفوري يحدد احيانا مصير الحادثة.
«المبادرة الاولى ستبقى دائما في يد المهاجم ولا يوجد شيء يمكن فعله حتى لو كانت النتيجة صعبة». لا توجد للعرب، وتحديدا للفلسطينيين، خدعة فيما يتعلق بقوة الجيش الاسرائيلي، ولاسيما أمامهم. بعضهم مستعد للموت وهو يحارب «المحتل»، وفيما يتعلق بما يعتبرونه تهديدا للمسجد الاقصى، فان هناك في الطرف الفلسطيني من يستغل ذلك بشكل سيئ (لاسيما الجناح الشمالي للحركة الاسلامية)، وفي الطرف الاسرائيلي هناك من يعطيهم المبرر لذلك (مثلا احراق عائلة فلسطينية). يجب أن نعود ونذكر: نحن اليهود السلطة. نحن الاقوى في هذا الصراع حتى لو كانت هناك احداث «ارهابية» صعبة، فهي لن تغير الصورة الاساسية. اثناء الانتداب البريطاني حينما كانت الحكومة في احيان كثيرة في جانب العرب المخلين بالنظام، وصدقت «الايتسل» و»الليحي» حينما ردتا بقوة على اعمال القتل. الآن لا توجد حاجة للبرهنة على شيء. نحن الحكومة – لا شك لدى أحد. لذلك، كدولة سيادية قوية، يجب علينا استخدام القوة بحذر وفقط عند الحاجة. الملاذ الاخير هو الضرب، وعندها يكون الضرب بشدة. عندها فقط وليس قبل ذلك.
عن «إسرائيل اليوم»