أخيرا المواطنون العرب دخلوا في حالة زخم الى الارض الاكثر اصابة بالكورونا. في الموجة الاولى خفض العرب منحنى الاصابة بسبب نسبة الاصابة المنخفضة التي سجلت لديهم. الآن هم يعوضون ذاك الفشل في حينه، ومع الاصوليين يرفعون المنحنى الى أعلى فأعلى. بنيامين نتنياهو قال ذات مرة بأنه اذا قمنا باستبعاد العرب والاصوليين فان الوضع الاقتصادي غير سيء.
صديقي الطبيب، المحبط من سلوك الجمهور العربي، قال إن الشعار يجب أن يكون أنه على كل واحد أن يهتم بنفسه. يمكن أن نفهم مرارته، حتى لو كان هذا شعار يبث اليأس مع القليل من الأنانية. لأنه ما الذي يمكن فعله امام الانغلاق؟ أنت تتوسل من اجل وقف احتفالات الزفاف الجماهيرية وكأنك تتحدث مع الحائط، فقط يقومون بهز الرؤوس كدليل على الموافقة. وعندما يأتي موعد حفل زفاف الابن أو البنت فان الكورونا تتبخر.
تقريبا كل شخصية عامة عربية مستعدة في أي لحظة لالقاء خطاب تشرتشلي عن الحاجة الى الحفاظ على القواعد، لكن في المساء ستجد هذه الشخصية في وسط دبكة صاخبة. هناك اشخاص انفعالهم زائد وينهون الرقص بجولة واسعة من العناق والقبلات. وفي هذه الاثناء الكمامات المسكينة تتلاشى في صخب السعادة.
هذه الازدواجية بين الوعظ المثير وبين ممارسة معاكسة تطرح سؤال هل هذا فقط موجود لدى العرب؟ يقولون بنغمة معزية إن هذا ليس فقط من نصيب العرب. انظروا الى نتنياهو الذي قام بخرق التعليمات واحتفل مع إبنه عشية عيد الفصح في الوقت الذي كان فيه معظم اليهود يحتفلون لوحدهم. ولكن ليس بالامكان توقع أن يكون نتنياهو نموذج.
السؤال الرئيسي هو كيف حدث انقلاب بين الموجة الاولى والثانية؟ الجواب هو: حفلات الزفاف. لدى العرب توجد حكمة قديمة تقول إن “الحياة هي أن تقرض وتستدين”. بهذا المعنى، اذا شاركك الناس في فرحك فيجب عليك أن تشاركهم في فرحهم. في ايام بعيدة هدايا المعارف ساعدت الزوج السعيد في أن يتدبر اموره اقتصاديا في بداية طريقه.
الناس يقعون في صراع كلما تلقوا دعوة لحضور حفل زفاف. وفي المجتمع العربي تقريبا كل اسبوع انت تكون مدعوا لحفل زفاف واحد على الاقل. والشخص الذي يحافظ على قواعد الحذر من الكورونا يقول بينه وبين نفسه، لقد كان في حفل زفاف ابني أو ابنتي، فكيف لا أشاركه بمغلف يحتوي على نفس المبلغ الذي احضره؟ هذا غير سهل. هؤلاء هم القادة الذين يشكلون حياة المجتمع، هذا التضامن تجذر خلال السنين. اجل، من اجل التغلب على الكورونا من المهم علاج هذه المشكلة،كيف عليك أن تدفع دينك المعنوي والمالي، دون أن تعرض نفسه وتعرض الآخرين للخطر.
مع ذلك، اذا بحثنا عن شيء ايجابي في هذا الظلام فسنجد: اولا، موسم حفلات الزفاف اقترب من نهايته، والشاعر القديم امرؤ القيس قال عندما وصله نبأ قتل والده وكان في ذروة حفلة شرب قال “اليوم خمر وغدا أمر” (ثأر). واذا قمنا بترجمة ذلك بشكل يناسب ايامنا هذه، “اليوم عرس وغدا حرب ضد الكورونا”. والآن هو الوقت المناسب للحرب.
اضافة الى ذلك، لا يوجد تقريبا أي شخص في الجمهور العربي يتحدى المؤسسات الصحية والرسمية. يجب علينا أن نذكر أنه في الموجة الاولى، حتى في المساجد والكنائس، حافظوا على قواعد الأمان، وخلافا للقطاع الاصولي لم نلاحظ أي تذمر من هذه القيود التي ضايقت جدا المصلين. بالعكس، رجال الدين العرب اهتموا بالحفاظ على هذه القواعد. ايضا لا يوجد تقريبا من سيقول في اوساط العرب بأن تفشي الاصابة هو مؤامرة للصهيونية العالمية من اجل تشويه صورة العرب الذين لهم اجسام جميلة وأرواح جميلة. بالعكس، في الفيس بوك يمكننا أن نرى سيل من الانتقاد الذاتي.
الامر الايجابي الاخير (حتى الآن) هو أن نتنياهو لا يمكنه اتهام المتظاهرين في بلفور بتفشي الفيروس في اوساط العرب والاصوليين. لأنهم غير موجودين في المظاهرات تقريبا. وبالضبط هم على رأس قائمة الاعداد القياسية بالكورونا. ربما اذا شاركوا في المظاهرات فان وضعهم سيتحسن. هذه مادة للتفكير.