بقلم: الكاتب والباحث الاقتصادي صلاح حمدان

الانتحار السياحي

صلاح حمدان
حجم الخط

غزة - وكالة خبر

لم يعد القطاع السياحي في قطاع غزة مهدد بالانهيار كالسابق بل أصبح قطاع منهار أساسا بفعل ما أصاب قطاع غزة مؤخرآ جراء جائحة كورونا فبعدما كان القطاع السياحي يعاني لسنوات من آثار جمه نتيجة التبعيات السياسية والأوضاع الإقتصادية أصبح قطاع متهالك وقع في بركان حمم نارية يتأكل بسرعة غير مسبوقة بعدها تحول الي إنتحار سياحي 100% جراء جائحة كورونا , فيلعب القطاع السياحي دوارً بارزا من الناحية الاقتصادية من خلال مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي ومساهمته في الصادرات من السلع والخدمات، فإن للسياحة لها آثار على الاقتصاد الوطني من الناحية الاجتماعية من خلال توفير فرص عمل وتحسين المستوى المعيشي للأفراد. وتعد السياحة من أكبر القطاعات توليدآ  للوظائف في مجالات عديدة ومتنوعة، فهي صناعة كثيفة العمالة , ، كما أن معدل خلق فرص العمل  في قطاع السياحة يعد أسرع المعدلات السائدة من القطاعات الأخرى وتفوقها بالنمو فيلعب النشاط السياحي  دورا بارزا في خلق فرص العمل سواء بشكل مباشر أو بغير مباشر .

إن هذا القطاع السياحي يمثل اكبر قطاع اقتصادي في بلادنا وتتجاوز استثماراته اكثر من مليار دولار في أكثر من 500 منشأة ومرفق سياحي وخدماتي، ويشّغل نحو سبعة الاف موظف وعامل، ناهيك عن إن القطاع السياحي بلغت خسائره نحو 91 مليون دولار خلال الأشهر الستة الماضية حسب تقرير الهيئة الفلسطينية للمطاعم والفنادق والخدمات السياحية.

مما زاد العبء علي القطاع المتهالك جائحة كورونا حيث أثرت بشكل مباشر في وضع القطاع السياحي ووضعته تحت مأزق لا مفر منه ولا يمكن الخروج في الوقت الراهن منه بأي شكل من الإشكال ,فيعد أكثر القطاعات ضررا , فعام 2020  يعد عاما منكوبا علي القطاع السياحي في فلسطين والأسوء علي تاريخه .

ويلعب الانقسام  الفلسطيني الدور الأبرز للمشاكل التي تعرض لها القطاع السياحي بالإضافة إغلاق المعابر وعدم وجود سياحة خارجية , فالعوامل السياسية تلعب دوراً هامآ في خلق الاستقرار السياحي , ناهيك عن التقلبات والآثار السابقة التي أصابت القطاع السياحي جراء الحروب التي عاشها القطاع خلال السنوات السابقة وأثرها السلبي علي السياحة .

وخلال الأيام السابقة ومنذ توقفت عجلة الإنتاج بشكل مباشر وخاصة في قطاعات السياحة والخدمات ,فقد شملت حالة الطوارئ التي أقرتها الحكومة الفلسطينية في 24 أب/أغسطس الماضي، عن فرض حظر تجوال تام في جميع محافظات القطاع مما تسببت بإغلاق الأماكن السياحية باعتبارها أماكن تشهد ازدحاماً كبيراً بالمواطنين، وتشمل الفنادق وصالات الأفراح والشاليهات والمطاعم والمرافق السياحية ومكاتب السياحة، ناهيك عن إلغاء حجوزات المواطنين لصالات الأفراح وورش العمل وغيرها فقد كبدت أصحاب تلك المنشآت خسائر مالية كبيرة ، أدي الي تسريح موظفيها والعاملين فيها بنسبة 100 %  .

ونتيجة تداعيات جائحة كورونا انعكست بشكل كبير على القطاع الاقتصادي ككل ، حيث قدرت الخسائر بالمليارات ناهيك عن الوضع الإقتصادي الذي يعاني من اختلالات هيكلية حادة وصعوبة من التعافي نتيجة الإغلاق الكامل الناتج عن جائحة كورونا .

أضافة الي ذلك ومن القطاعات السياحية التي تأثرت بفيروس "كورونا"، شركات الحج والعمرة التي تعتمد بشكل أساسي على "العمرة"، والتي توقفت بعد اغلاق منفذ رفح البري مع جمهورية مصر العربية جنوب قطاع غزة بنسبة 100%  ايضآ , فالحركة شبه مشلولة والمواطنون لا يتحركون الا للضرورة القصوى لقضاء احتياجاتهم الأساسية .

ناهيك عن أن حوالي 69% يعانون من انعدام الأمن الغذائي في قطاع غزة، منهم 47% يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، 22% بشكل معتدل ناهيك عن زيادة نسبة الفقر والبطالة . 80% من السكان يعتمدون على المساعدات الغذائية.

فألقى فيروس كوفيد- 19"كورونا" بظلاله علي القطاع السياحي ليصبح كما أعلنت الهيئة الفلسطينية للمطاعم والفنادق والخدمات السياحية بأن القطاع السياحي قطاع منكوب . وهذا يتطلب تدخل سريع وواضح ضمن خطة واستراتيجية مبنية علي أسس مشتركة للخروج من حالة الانتحار السياحي فيتطلب الأمر الوقوف بجدية من خلال قيام السلطة الوطنية الفلسطينية بعملية الإسراع في دعم القطاع السياحي للخروج من الأزمة التي أحالت به الي نقطه الصفر , فهذا القطاع الذي يعد من أهم القطاعات دعما للناتج المحلي الإجمالي الفلسطيني يجب النظر أليه بصورة تليق بقطاع السياحة وعدم النظر الي هذا القطاع بموجب الرحمة أو الشفقة فيتطلب من السلطة وضع ميزانية وصندوق خاص للنهوض بهذا القطاع وعدم تركه قطاعا منكوبآ ويتطلب دعم موظفين القطاع السياحي من خلال تخصيص صندوق طوارئ لدعم ومساندة موظفيه  فهذه المرحلة تتطلب مسؤولية من الدرجة الأولي للسلطة الوطنية الفلسطينية في تحسين صورة القطاع السياحي ومرفقاته وموظفيه , ناهيك عن المطالبة بإعفاء الضرائب عن القطاع السياحي ضمن مدة زمنية  وضمن قانون طوارئ يتطلب الوقوف علي مثل هذا المطلب وتقديم رزمة من التسهيلات لدعم القطاع خلال هذه المرحلة وخلال المراحل القادمة ,  حيث أستبعد حصول أنتعاش للسياحة الداخلية سواء في الأجل القصير أو المتوسط ناهيك عن أن القطاع السياحي قطاع مرتبط ارتباطا كليآ وبشكل مباشر بالأزمات الإقتصادية والسياسية .

ختاما : نطالب الأمم المتحدة بالعمل على رفع الحصار الظالم عن القطاع وسرعة تلبية الاحتياجات العاجلة  لقطاع غزة المتهالك صحيآ وأقتصاديآ وسياسيا , وضرورة وضع خطة طوارئ عاجلة لإنقاذ قطاع غزة الذي يقطنه حوالي 2 مليون غزي فالقطاع واقع من جميع النواحي اقتصاديا وسياسيا وإنسانيا قاسيا، في ظل تشديد الحصار الإسرائيلي والإنقسام ومؤخرا جائحة كورونا .

ومن هذا المنطلق ندعو الرئيس محمود عباس بالتشاور مع كافة القوى الوطنية والإسلامية لتشكيل حكومة وحدة وطنية، كاملة الصلاحيات، تطبق مخرجات حوارات المصالحة وإنهاء الانقسام.

الذي يعتبر الممر والمنفذ الوحيد لكسر الحصار الظالم المفروض على قطاع غزة فلا بد من أنهاء الانقسام واستعادة الوحدة على أسس وطنية وشراكة حقيقية وتفعيل مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية  .