تمكن خبير فلسطيني في تربية النحل من الحفاظ عليه حيًا بأكبر قدر ممكن في ظل الأجواء الحارة نسبيًا في المنطقة العربية، وخصوصًا في دول الخليج.
خبير تربية النحل م. أحمد عبود تمكن من ابتكار طريقة استثنائية يُمكن من خلالها الحفاظ على حياة النحل وتقليل النافق منه، حيث يُعاني مربو النحل في الدول العربية من هلاك نسبة كبيرة منه، خصوصًا في موسم الصيف.
وقال م. عبود: "إنّ خبرته الواسعة في مجال تربية النحل وجني العسل دعته للتفكير في إمكانية "تثليج خلايا النحل" في مواسم الصيف، وذلك للحفاظ على مستوى عالٍ من الإنتاج طوال مواسم السنة".
وأضاف: "تلك الفكرة راودته خلال إقامته في بلغاريا، حيث يُمكن مشاهدة خلايا النحل المكسوة بالثلج، دون التأثير على دورة حياة النحل والكميات المنتجة موسميًا"، مُبيّناً أنّه سرعان ما لجأ لفكرة وضع خلايا النحل في ثلاجات تُستخدم أصلاً لتخزين الخضروات والفواكه.
وأكّد على أنّ التجربة نجحت في تسكين الخلايا وبقائها حيّة لأطول فترة زمنية ممكنة، مُشيراً إلى أنّ فكرة تثليج الخلايا تتلخص في "تشتية" النحل من خلال إدخاله في حالة سبات شتوي، بحيث يكون ذلك صيفًا.
وأردف: "في تلك المواسم الحارة تتقلص كميات الأزهار ومراعي النحل التي يتغذى عليها"، حيث يتم في هذه التشتية التكتل بين براويز الصندوق لتدفئة الخلية مع تناول القليل من العسل، وكذلك توقف ملكة النحل عن وضع البيض وعدم خروج النحل من الخلية إلى الأجواء الحارة لدرجات الحرارة المرتفعة في الخارج وبالتالي لا يتعرض النحل للهلاك ويتم ضمان سلامته".
وتابع: "لكنّ الأجواء الحارة ليست وحدها التي تُشكل تهديدًا حقيقيًا لدى النحل؛ فالدبابير والوروار أيضاً عدوُ آخر يتربص بتلك الحشرة الداجنة".
وبيّن أنّ فصل الصيف يُعد فرصةً مثالية وصيدًا ثمينًا لدى الدبابير والوروار لمهاجمة خلايا النحل الوادعة، إلا أنّ فكرة تثليج الخلايا تضيّع الفرصة على الدبابير من الوصول إلى هدفها المنشود.
ولفت خبير النحل .عبّود إلى أنّ فكرة تثليج الخلايا يُمكن أنّ تلقى رواجًا عاليًا في المنطقة الخليجية الحارة، حيث إنّ إمكانية نفوق الكثير من النحل بسبب الطقس أعلى من مثيلاتها في الدول العربية الأخرى.
ووفقًا للخبير؛ فإنّ النحالون في منطقة الخليج يخسرون كميات كبيرة من النحل الذي ينفق نتيجة الأجواء الحارة صيفًا، مُردفاً: "لذلك فإن فكرة تثليج الخلايا ستوفر الكثير من الأموال المهدرة في شراء كميات تعويضية من النحل المستورد من الدول الأوروبية، وبالتالي الحفاظ على دورة إنتاج مثالية وبخسائر يمكن تفاديها".
وبحسب عبود؛ فإنّ تطبيق فكرة التثليج في غاية البساطة؛ حيث بعد انتهاء موسم الصيف وانقضاء فترة التشتية، يُعاد إطلاق الخلايا إلى المراعي الطبيعية بعد أنّ قضت شهور الصيف بالحفاظ على قوة النحل والعاملات والملكة، وبذلك يُمكن ضمان موسم جيد من العسل المجني.
وأوضح صاحب فكرة تثليج الخلايا، أنّ النحل إذا استمر في الرعاية والعيش في ذات المنطقة؛ فإنّه سيتأقلم مع الطبيعية الجغرافية لتلك المنطقة، ويكون قادرًا على التكيف والتعايش مع ظروفها، وأنّه مع عمليات الانتخاب والتحسين يُمكن الحصول على سلالة نحل قوية خاصة بالتعايش مع أجواء الخليج العربي.
ودعا عبود النحالين العرب إلى ضرورة تقديم كامل الرعاية لخلاياهم على مدار العام، والاستفادة من تطبيق تجربة التثليج، مُطالباً المؤسسات العربية والدولية باعتماد التجربة كوسيلة فعالة لحماية النحل من الحرارة العالية وهجمات الدبور.
من جانبه، قال رئيس قسم النحل بشركة قطرات للإنماء الزراعي عرفات النوبي: "أوجه الشكر للأستاذ أحمد صالح عبود علي كل ما يُقدمه في مجال تربية النحل وتطويرها"، مُنوّهاً إلى أنّ عبود زار مؤخراً قطر لحضور دورة تدريبية للنحالين.
واستدرك: "تحدثت معه عن المشاكل التي نُواجهها في قطر بشأن تربية النحل، مثل التغذية والخلايا والاعتماد على النفس وتصنيع منتجات النحل ومستلزماته، وقد وصلنا لمرحلة متقدمة، والمشكلة الوحيدة هي كيفية استمرار النحل في قطر".
وشدّد على أنّ فكرة المهندس أحمد عبود قائمة على إدخال النحل في الثلاجة خلال فصل الصيف، مُردفاً: "في البداية تعجبت من كيفية تربية النحل في الثلاجة، ولكنّ بعد تطبيق التجربة بإشراف عبود عن بُعد وصلنا لنتيجة مبهرة".
وبيّن النوبي أنّ من شروط تخزين النحل ف الثلاجة: "أنّ تكون درجة الحرارة من 4 إلى تحت الصفر، وأنّ تكون الخلايا المراد تخزينها جيدة وبها فتحة سفلية ولا يوجد بها أيّ شقوق، بالإضافة إلى أنّ تكون التغذية بالبروتين السائل إلى حدٍ ما، وعدم تعرض الخلايا للضوء".
واستطرد: "من الممكن أنّ يتم فحص الخلايا كل 10 أيام للتأكد من التغذية وعدم تعرض النحل للضوء المباشر"، لافتاً إلى أهمية "مكافحة الفاروا" والتغذية الجيدة قبل دخول النحل للثلاجة.
من جهته، قال المدير العام لشركة قطرات للإنماء الزراعي، ثواب بن محمد سلطان الكواري: "أُهدي هذا الابتكار والنجاح للأمة العربية والإسلامية، ولكل من ثابر وعمل على أنّ ترى هذه التجربة النور".