ما يخفف عنا حدة الإحباط ويزرع فينا بصيص أمل، هي الأصوات الطاهرة التي لا تزال تتمسك بالحق وتصدح به جهراً ليل نهار، ليس هنالك شخص يملك صفة المُخلص او البطل الخارق كي نضع يدنا على خدنا وننتظر منه تغيير هذا الواقع المزري، بل علينا أن نوحد الجهود ونقاتل بكل السبل والأدوات لإنتزاع حقوقنا المشروعة، فالصمت في هذا الوقت هو أكبر جريمةٍ نرتكبها بحقنا وحق الأجيال القادمة وحق من ضحوا بأرواحهم وأطرافهم وزهرة أعمارهم لأجل الحفاظ على شرعية قضيتنا بإعتبارها القضية الأولى لأحرار وشرفاء العالم.
إن مسلسل التطبيع المخزي الذي سقط فيه بعض مراهقي السياسة خانعين أمام تهديدات أمريكا وإسرائيل، ومقاضيين شرفهم ورجولتهم بوهمٍ سراب سيتبدد قريباً، لهو بالأساس نتاج فشلٍ ذريعٍ للقيادة الفلسطينية التي عجزت عن الحفاظ على حالة التأهب والدعم الشعبي العربي والعالمي منقطع النظير الذي تركه لهم الزعيم الراحل ياسر عرفات، ونتيجة متوقعة لحالة التخوين التي مارستها الأطراف الفلسطينية دون استثناء، منشغلين عن الدفاع عن أطهر وأعدل قضيةٍ عرفها التاريخ، ولا يزالوا بعد كل هذا الفشل الذريع يهيمون على وجوههم في نفس المستنقعات القذرة التي لوثت شكل النضال الفلسطيني بتصرفات صبيانية غير مسؤولة، ولا يزال همهم الحفاظ على مواقعهم ومناصبهم ومكاسبهم رغم أنهم جميعاً يقفون على رمال متحركة، وهم يدركون ذلك تمام الإدراك، ولكن جشعهم وأطماعهم توثق أطرافهم عن إتخاذ أي خطوة حقيقية على درب النهوض بالواقع المزري الذي يحاصرنا من جميع الجوانب والجهات.
لقد لفت إنتباهي مقال للأخ حمزة ديب (أبو يوسف) أطلق فيه نداءً لكل الفلسطينيين الأحرار بشتى أماكن تواجدهم للضغط بإتجاه إنهاء الإنقسام وإزالة أثاره وتحقيق الوحدة، بصفتها الخطوة الوحيدة التي من شأنها استنهاض الإرادة الوطنية للوقوف بوجه الحلف الصهيوأمريكي، وهذا لن يتحقق إلا إذا خلعنا ثوب الحزبية المقيتة بمناصبه وإمتيازاته وارتدينا ثوب الوطنية الكفيل بتفنيد الوطنيين الأحرار عن غيرهم من المنتفعين على حساب مأساة الشعب وآماله في تحقيق حلم الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف.
نقف ثباتاً أمام كل شخص حر لايزال يحفاظ على تمسكه بالثوابت الوطنية في زمن التفريط، ويناضل بما يستطيع في سبيل التأكيد على الحقوق الفلسطينية العادلة، والتحية والتقدير للأخ حمزة ديب على كلماته الصادقة ونبضه الثوري.