منذ أن خرج قطاع غزة، عن سيطرة السلطة الوطنية الفلسطينية، اثر الانقلاب العسكري الدامي، تم إطلاق توصيفات شتى لما جرى، وصف بأنه انقلاب عسكري، يجب التعامل معه على هذا الأساس، وبالتالي فلا حوار معه، لا من قريب أو بعيد.
ووصف بأنه جاء عبر نسيج فلسطيني، اقتصادي واجتماعي وسياسي، وأن دواعي العمل الفلسطيني المشترك، تقتضي فتح الحوار معه، وأعلنت بيانات واتفاقات وتفاهمات، كما وصف بأنه تمرد، يجب الاعلان عنه على هذا الاساس، والتعامل معه على هذا الاساس.
هنالك تجارب عديدة ومتنوعة جرت في هذا العالم، عبر انفصال أقاليم عن اوطانها، وهنالك طرائق وتعاملات جرت معها، من المفيد للغاية دراسة تلك الحالات وما آلت إليه الأمور.
في تجربتنا الفلسطينية المرة، والمتمثلة بعمل مسلح جرى في قطاع غزة، وأدى لتشكيل كيان شبه مستقل، ايديولوجيا وسياسيا، لا يخضع لمشيئة السلطة الوطنية الفلسطينية، ولا لمرجعيتها م.ت.ف، تم التعامل معه كطرف سياسي، يجب الحوار معه، والتوصل معه لاتفاقات وتفاهمات من شأنها رأب الصدع، والوصول لما يسمى الوحدة الوطنية.
لدينا تراكمات من حوارات جرت، ولم تؤد لا لرأب الصدع، ولا الوصول "للوحدة الوطنية".
الآن، ونحن نعيش مرحلة دقيقة للغاية، وحاسمة حتى بالمعنى الوجودي الفلسطيني، أبدت م.ت.ف استعدادها مجدداً لإرسال وفد رفيع المستوى إلى قطاع غزة، للحوار مع حماس، لكن الأخيرة، لم تبد استعدادها، حتى لاستقباله.
لعله من نوافل القول، إن الأمور وصلت حداً، علينا كمنظمة تحرير فلسطينية، كمرجعية سياسية وتنظيمية، للفلسطينيين جميعاً، أينما كانوا، أن نقوم مجدداً، بدراسة حال غزة، ما يجري فيه، وتوصيفه بدقة، دون اضطراب أو تردد، وبالتالي الإعلان، عن أبعاد تلك الحالة. هل هي طرف سياسي فلسطيني، من المفيد الحوار معه، أم أنها حركة تمرد سياسي وعسكري، تحكم بالقوة المسلحة، وعلينا الإعلان عنه كحالة تمرد، وعلى المستويات كافة.
لا يجوز، بأية حال من الأحوال، ترك الأمور على حالها، فيما يتعلق بحال غزة، لأن من شأن ذلك، خلق حالة من الاضطراب والتردد، ودفع المزيد من الخسائر السياسية والمالية وغيرها.
لا أدعو هنا، لإجراءات سياسية، من شأنها خلق حالة من الانشقاق الجيو ـ سياسي، بقدر الدعوة لتجاوز ذلك لما فيه خير للفلسطينيين جميعاً.
حالة الانشقاق الجيو ـ سياسي قائمة، منذ الانقلاب العسكري، حاولنا تجاوزها عبر الحوار وفشلنا في ذلك.
ما أدعو إليه، لتماسك فلسطيني، ولكن على أسس واضحة ومتينة، لعل المجلس الوطني الفلسطيني، في دورة انعقاده العادية، القادمة، سيكون المكان الأنسب، لدراسة الحالة في غزة، عبر الملفات التالية:
• خلاصة مفيدة، لمجريات الحوار مع حماس، وما آلت إليه من تفاهمات واتفاقات، وما آلت إليه الأمور.
• دراسة الحالة التي جرت إبان الانقلاب العسكري، ومجريات الأمور الميدانية، من قتل وحرق والسيطرة على مبان رسمية.
• مضار بقاء حال غزة، على حاله، سياسياً وديمغرافياً وغير ذلك.
• اقتراحات بشأن توصيف حال غزة، بدقة والتعامل الحاسم مع هذه الحالة، على هذا الأساس. لم تعد الأمور قابلة، للتعامل مع حال غزة، بتردد، أو عبر رؤى مختلفة.