ماذا يعني قبول نتنياهو السلام مع دولة بعيدة مقابل دفن «حلم» الضم؟

حجم الخط

بقلم: شكيد مورغ



 منذ الإعلان عن التوصل إلى اتفاق سلام مع الامارات والبحرين يتجول رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، كطاووس فخور؛ "جئت بالسلام مقابل السلام"، يقول لكل من يسأل، بل لمن لا يسأل أيضاً. يعرف نتنياهو أنه من أجل تحريك الرأي العام، يجب النظر إليه في مستوى العينين، في رسائل بسيطة وقابلة للاستيعاب. وبالفعل، فإن السلام مقابل السلام هو شعار رائع في بساطته. فهو قابل للاستيعاب، مختصر، وإذا ما كررناه ما يكفي من المرات، فإنه سيبدو ذا مصداقية أيضا. ولكن الفرضية التي بموجبها يصنع اليمين القوي "السلام مقابل السلام" بينما اليسار أسير مفهوم "السلام مقابل الأرض"، هي بالإجمال كذبة أخرى غلّفها نتنياهو بغلاف لاذع بهدف إزاغة عيون الجمهور.
قبل كل شيء، السلام ليس "مقابل السلام"، بل مقابل التخلي عن "حلم" الضم، الذي عمل عليه نتنياهو ليس أقل من إرثه التاريخي. ثانياً، سابقة "السلام مقابل الأرض" مسجلة في "الطابو" على اسم مناحيم بيغن، من آباء "الليكود"، الذي تنازل عن أراض شبه جزيرة سيناء في صالح السلام مع مصر. وبالمقابل، في إطار اتفاق السلام مع الأردن لم تتنازل إسرائيل عن أراضٍ (باستثناء تعديلات حدودية هامشية)، ومثل السلام مع البحرين والامارات، السلام مع الأردن هو الآخر اشترط بالتقدم بالتسوية مع الفلسطينيين (رابين في اتفاقات أوسلو، نتنياهو في التنازل عن الضم). وإذا كان كذلك، فإن ادعاء نتنياهو بأنه خلق معادلة جديدة ورائعة أخرى سيختفي قريباً مع الإعلانات الكاذبة من الماضي مثل "لن يكون شيء لأنه لا يوجد شيء"، "سنسقط حكم حماس" او "سأنفذ اتفاق التناوب مع بيني غانتس".
ان أولئك الذين يدّعون بأن دولة إسرائيل، الآن، "صحيت من وهم السلام"، غرقوا على ما يبدو عميقا في حلم الصيف، الذي لا يوجد فيه نحو ثلاثة ملايين فلسطيني يعيشون في الضفة تحت الاحتلال، ومليون فلسطيني يعيشون في غزة تحت الحصار. اذا كان اليسار غارقا في "الأوهام"، فما هو "حل" اليمين؟ رئيس الوزراء يرفض عرض حله للمشكلة.
لا توجد هنا حلول سحرية: فلا أحد يدعي بان السلام سهل. ولكن من ينظر الى الواقع في العيون، ملزم بان يعترف بانه لا يوجد حل آخر. دولة غربية وديمقراطية، ترغب في أن تبقى كذلك أيضا، لا يمكنها أن تبقي الملايين تحت سيطرة عسكرية وتمنع عنهم إمكانية كتابة قصة حياتهم بأنفسهم.
إن رفض المساومة على الأرض سيجرنا الى التنازل عن ديمقراطيتنا، ليس اقل.
المفارقة هنا هي أن نتنياهو أيضا يفهم ذلك: في تنازله عن الضم يعترف نتنياهو ضمنا بان إسرائيل ستواصل الاحتفاظ في "المناطق" بمكانة احتلال مؤقت فقط. لقد لعب كل شيء في صالح نتنياهو: رئيس أميركي لم يتجرأ اليمين على أن يحلم به في الماضي، وعدم الاكتراث من جانب العالم العربي، وهدوء امني نسبي من جانب الفلسطينيين. كل هذه لن تكفيه كي يفي بوعده لقاعدته اليمينية. في نهاية المطاف اذا كان مقابل التطبيع مع دولة بعيدة وافق نتنياهو على أن يدفن حلم الضم، فان هذا على ما يبدو يقول شيئا ما عن الضم، وليس فقط عن نتنياهو.

 عن "معاريف"
*المديرة العامة للسلام الآن