صعود نجم نفتالي بينيت هل يمهّد الطريق لحكومة وحدة مع نتنياهو والأصوليين؟

حجم الخط

بقلم: ليلاخ سيغان



من الصعب على المرء أن يكون مواطناً إسرائيلياً في أيام يفقد فيها الجمهور الثقة بالمنظومة الحاكمة، ومن الصعب على نحو خاص أن يكون مواطنا علمانيا وألا يفقد صوابه. الكثير من طاقة الغضب تضيع على مصفف شعر سارة نتنياهو وصراخات العميد احتياط أمير هسكيل. ولكن كلما نشرت معطيات اكثر تتضح الصورة الكبرى، وينبغي للمرء أن يكون متزمتا في ايمانه (الديني او السياسي) كي لا يراها.
نصف المصابين في جهاز التعليم، الذي كان عاملا مركزيا في قفز مستوى الاصابة، هم أصوليون. معدل المصابين بـ «كورونا» في الوسط هو 12 في المئة، مثل معدلهم بين السكان.
لم يكن الاصوليون منقطعين أبدا عن الدولة وقوانينها بشكل علني وفظ أكثر (ودوما من المهم التحفظ والقول: ليس الجميع حقا). من جهة، منذ زمن بعيد اعتدنا على أن قانون التجنيد هو تعبير ادبي لن يتحقق أبدا. إن جهاز التعليم الاصولي يعد مئات آلاف الأولاد لحياة تعليم التوراة والمخصصات بدلا من العمل والرزق، وان يد المتفرغين السياسيين الأصوليين تقبض بثقة على صنبور لجنة المالية.
من جهة أخرى، لم تصفع الحقيقة أبدا وجوهنا بشكل عنيف بهذا القدر. وأجملَ ذلك جيداً مدير مستشفى معيانيه يشوعا في بني براك: «لم يكن ابدا جمهور كامل يتحلل من العبء بمثل هذا الشكل ويقتل الناس، ممن تربى على أن يحصل على كل شيء دون أن يعطي شيئا». شعب إسرائيل يجلس في الاغلاق بسبب الوسط الاصولي، ولا يزالون يريدوننا ان نؤمن بأن الحديث يدور عن التكافل.
ثمة أعمال تجارية صغيرة نجت، كيفما اتفق، من الموجة الأولى، لكنها تلقت ضربة قاضية. مستوى الضغط يرتفع، ومعه معدل العنف في الشارع وفي البيت. ينجح الإغلاق، شكراً للرب، ومعدل الإصابة القطرية نزل أخيراً عن 10 في المئة. ولكن قبل أسبوع نشر معهد «وايزمان» بان معدل الإصابة في الوسط الاصولي يبلغ 23 في المئة، بينما في الوسط العربي وفي عموم السكان يبلغ 8 في المئة فقط. ولا يزال الوحيدون الذين يخرقون التعليمات وليس في الخفاء هم من داخل أيديولوجيا مسنودة من الحاخامين، وهم أبناء طوائف أصولية معينة اعتادوا على الرضاعة من الدولة لميزانيات غير محدودة. هذا هو الوضع، وهو لن يتغير حتى لو كانت غيلا جمليئيل، الخارقة الدورية للتعليمات، كبش فداء يلقى به تحت عجلات الباص فتستقيل.

بينيت يرتفع الى 23 مقعداً
نعرف جميعنا انه لا يمكن تصديق الاستطلاعات، وبالتأكيد عدم التعويل على ألا تختفي نتائجها وكأنها لم تكن. وبالتالي ما هو المعنى الحقيقي للاستطلاع الذي نشر، هذا الأسبوع، وبموجبه ينزل «الليكود» الى 26 مقعدا ويرتفع بينيت الى 23؟ سؤال جيد.
«الليكود» يفقد الثقة، وتكتيك بينيت البراغماتي ينجح بالتأكيد، وكلما تعززت قوة بينيت يضعف دافع «الليكود» للتوجه مرة أخرى الى الانتخابات، ولكن هذا لا يعني ان بنيامين نتنياهو لن يحل الحكومة في كانون الأول. سينتظر «كورونا» ومادة حل الحكومة ستكون الميزانية، التي كما هو معروف – لا أحد على الاطلاق يعمل عليها. ويظهر بينيت البديل المحتمل الوحيد في الخريطة السياسية، ولكن الاعتقاد في المعارضة مختلف. النظرية هي انه رغم التظاهر بأنهما خصمان، من خلف الكواليس اتفق نتنياهو مع بينيت على التعاون، ويعول على أنهما مع الأصوليين سيصلون الى 63 او 64 مقعدا دون افيغدور ليبرمان، ومع حفنة أصوات من وسط اليسار الساذجين.
منطق النظرية هو انه من اجل إقامة حكومة يحتاج نتنياهو الى أصوات من الوسط لم تصوت له ابدا، وبالمقابل يحلم بينيت منذ سنين بالانخراط في «الليكود»، وبالتالي توجد هنا خلطة ما. وان كانت خلطة سرقة الأصوات التي ستجعل مصوتي «ازرق ابيض» الراحل يشتاقون الى خازوق بيني غانتس، وللمستقلين أن يشتاقوا لأحبولة جباة الخاوة، إلا انه من الصعب القول ان هذا الاعتقاد غير واقعي على الإطلاق.
إن مؤامرة نتنياهو للسيطرة بهذا الشكل او ذاك على الحكومة، سواء في جولة الانتخابات رقم 2 أو 3 أو 4 أو 5 أم ليس له أي نية لذلك، وكل شيء لاجل أن يحقق لنفسه قانونا فرنسيا، إيطاليا او بخاريا – لن تنتهي. هذا هو الرجل، هذا هدفه، وفي صالحه يقال انه لا يهم كم من الفوضى ستكون في المحيط، فهو يركز على قراراته.
أما بينيت في المقابل فقد لعب في الماضي دور النجم في الاستطلاعات، وسحق تحت نسبة الحسم في الواقع، ولا يزال ينطبق عليه واجب اثبات الاستقلالية الزعامية الحقيقية. وبالتالي فان السؤال ليس ما هي مؤامرة نتنياهو الحالية، بل ما هي مؤامرة الآخرين. لماذا يكررون الأفعال ذاتها ولا يعدون خطة بديلة جديدة تنقذ الدولة من خلطة عفنة أخرى لم يعد المجتمع الإسرائيلي قادرا على احتمالها؟
سيتقدم يائير لبيد بمشروع بنّاء لحجب الثقة، الأسبوع القادم، ولكنه لن يكون بنّاءً اذا لم يقر. في هذه اللحظة ليس له ما يكفي من الأصابع، وان كان في إطاره سيبقى وزراء «أزرق أبيض» في مناصبهم وسيعين بينيت «وزيراً للكورونا». يقول ليبرمان ان المشروع هو مناورة علاقات عامة، ولكن ليس واضحا ما هو الحل الصحيح في نظره. تسفي هاوزر ويوعاز هيندل يهددان بانه اذا لم تكن هنا حكومة رسمية تحرص على المواطنين وتجيز ميزانية فستكون انتخابات. ولكن في أي عالم يوجد سيناريو تكون فيه هذه الحكومة تحرص على المواطنين وتتصرف برسمية؟ بتعابير أخرى: لن يكون ثمة حل حقيقي طالما كان كل فصيل يتمسك بكل مبادئه القديمة.
اذا كنا نريد ان نعيد سواء العقل للدولة، فان كل العاقلين سيضطرون الى التنازل، بمن فيهم كبار العاقلين في «الليكود». وسيضطرون لينضموا إلى حجب الثقة البنّاء ويقبلوا وظائف وزراء كبار بعد أن يكونوا كنسوا الى الهوامش في صالح الآخرين. هاوزر وهيندل سيضطران ليفهما بأن السبيل الذي اختاراه لا يصمد، وبالتالي لا مفر من ايجاد السبيل للتعاون مع لبيد. يضطر لبيد ليرفع حجب ثقة بنّاء لا يكون فيه رئيس الوزراء، وبينيت وآييلت شكيد سيضطران ليجدا حلا ما لبتسلئيل سموتريتش وانطلاقا من الفهم بان سبيلهما الوحيد لتحقيق الاستطلاعات المثنية عليهما والتأييد الجماهيري، هو أن يصبح بينيت الآن رئيس وزراء.
تريدون طوارئ «كورونا»؟ إذاً، هيا، لكن هذه المرة حقا. مع توقيع 61 نائبا، حكومة عملية برئاسة بينيت لمدة سنة، وبفرض أن تنجح في مهمتها، بعد سنة نذهب الى الانتخابات في واقع مختلف. ولكن من أجل التصدي لـ «كورونا» لا مفر من تعطيل آثار محاكمة نتنياهو وتحطيم الفكرة الأصولية، ليس بالعنف وبالكراهية بل بطريق جديد يصمد على مدى الزمن. إسرائيل لا يمكنها ان تسمح لنفسها بحملة انتخابات أخرى تسلب المليارات من الأعمال التجارية الصغيرة ومن الفقراء، وتضخ وحلا إعلاميا آخر وتخدع مرة أخرى جزءا من المواطنين كي تخلق خلطة أخرى.
يقال ان السياسة هي فن الممكن. حجم الثقة البنّاء الوحيد الممكن هو أن يقف في رئاسة الحكومة البديلة بينيت، وهذا يحتاج تنازلات كبيرة من الجميع. الامكانية الثانية تبدو كابوسا صعبا. هكذا بحيث إن السؤال هو ما الذي يستعد ليفعله المعسكر عديم الراعي الذي يرى بخوف الصورة الحقيقية، كي لا تحصل هذه الامكانية السيئة؟

عن «معاريف»