من المهم أن نتحدث في مداخلة غير مباشرة تعليقًا على مكالمة مسربة لصالح العاروري المكلّف بإدارة ملف التوافق (بين فتح المؤتمر السابع وحماس). حقيقة في تلك المكالمة التي يخاطب فيها على ما يبدو أحد الأطراف في حماس، أو خارج حماس، المهم أن هذا الطرف طرح تساؤلاته حول مسار حماس مع نهج الرئيس الفلسطيني، وهو نهج معروف حتّى في كلمة الرئيس مع أمناء الفصائل التي وضع فيها محددّات (محاربة الإرهاب، السلام والمفاوضات خيار إستراتيجي، مؤتمر دولي تحت مظلة الأمم المتحدة) هذه هي المحددات التي طرحها الرئيس محمود عباس والتي كان بينها وبين حماس تباعد في الطرح، ولكن ما يهم في ذلك الأمر أن هذا الموقف يتعارض مع كل ما ذكره العاروري في مكالمته المسربة التي يسعى فيها لبناء مؤسسات جديدة وبقائمة مشتركة بينه وبين فتح المؤتمر السابع وكما قال لبناء مؤسسات تستطيع مواجهة الإحتلال وليس لها علاقة بأوسلو، وعلى حد قوله لم تذكر أوسلو في المباحثات والإجتماعات التي دارت بينهم وبين فتح المؤتمر السابع، ولكن هناك تساؤل وهو ما تحدث به العاروري في بداية جمله في المكالمة المسرّبة عندما قال:* "الآن في الضفة الغربية امكانية ان الناس تنزل الشوارع وتسبق القرارات الرسمية وتندفع على الجواجز، أنت تعرف غير ممكن الان في ظل الصدع بين فتح وحماس والناس ملدوغين منهم أكتر من مرة وانت من اكتر الناس اللي التدغو من اعتقالاتهم وملاحقاتهم والناس خايفين المناديب تكتب فيهم تقارير وخايفين بكرة يردو يرجع التنسيق الأمني وتجري الاعتقالات مرة تانية أمامنا مشوار اجباري لاصلاح الوضع الداخلي الفلسطيني".
هذا الواقع الذي تحدث عنه العاروري الآن وما يحدث من قبل الأجهزة الأمنية في الضفة وبالتأكيد باشارة وتوجّه من منظومة أوسلو ونظامها السياسي والأمني، فهل الانتخابات فعلًا ستحل أو تنفي هذا السلوك في المستقبل؟ والقائمة المشتركة التي يتحدث عنها العاروري مع فتح المؤتمر السابع هل ستتيح للناس كما قال الذهاب إلى الحواجز، أعتقد أن كلام العاروري مجرّد كلام انشائي لا يمت للواقع بصلة فالانتخابات لن تحل المشكلة والقائمة المشتركة لن تحل المشكلة إلا بقواعد وبرنامج سياسي يجب أن توافق عليه أطراف أوسلو. الرباعية الدولية التي تحدث عنها العاروري بقيادة أميركا وإسرائيل والسلطة الطرف الضعيف فيها، هل ستوافق إسرائيل على حدوث تلك الانتخابات على برنامج مقاومة مثلا؟ ومؤسسات لبنية مقاومة؟ أعتقد أن هذا الكلام هراء فالانتخابات لن تكون مدخلًا تحت مظلّة أوسلو التي مازالت السلطة وبرغم قرارات المركزي التي أشار إليها العاروري في تلك المكالمة لم تنفذها السلطة إلى الآن، ولكي تبني نظامًا جديدًا يجب تجاوز السلطة تمامًا سواء رئاسية أو تنفيذية وليس الدفاع عنها في ظل مستوجبات وقانون الإحتلال والأطراف الموقعة عليها، فمن الأفضل إذا كنا نريد أن نخرج من مقصلة أوسلو التي يقول العاروري أن لا أحد يعترف بها، ولكن يا سيد عاروري ما هو الموجود على الأرض الآن؟ ولقائكم في قائمة مشتركة مع من هم أسسوا مؤسساتها السيادية ويعملون بها إل حد الآن؟ وهل ستوافق إسرائيل أو الرباعية الدولية على مثل تلك الانتخابات تحت برنامج الكفاح المسلح أو المقاومة بكل طرقها وأساليبها السياسية والقانونية والمقاومة بكل أشكالها؟ فربما زيارة رئيس اللوبي الاسرائيلي اليهودي ولقاءه مع عباس اليوم كان يحمل عدة رسائل بين التلويح بقطع المساعدات أو حدوث انتخابات تحت برنامج الاعتراف بإسرائيل، هذه هي رسالته اليوم إذًا هذا ما تحدث عنه العاروري أيضًا قال ماذا لو قطعت الرباعية الدولية المساعدات عن السلطة وقام الإحتلال بقطع أوصال الضفة الغربية، إذًا هنا سيتوفّر البديل بدلًا من السلطة ونحن توافقنا على أن نمنع هذا البديل الذي يمكن أن يقدم تنازلات للإحتلال، يعني يا سيد عاروري كل زمام السلطة الآن بمؤسساتها ومستقبلها سيكون في يد الإحتلال أيضًا فهل ستوافق إٍسرائيل على مؤسسات لمقاومة الإحتلال من خلال الانتخابات التي تطرحها؟
ولكن من بين السطور والكلمات والجمل الدوافع التي فدعت حماس نحو التوافق مع فتح المؤتمر السابع تأتي في بندين:
- الحيلولة دون وجود بديل آخر للقيادة الحالية بشقيها في غزة والضفة وكان هناك اللقاء.
- تجديد الشرعيات من خلال الانتخابات تحت مظلة أوسلو ودخول حماس منظمة التحرير لتكتسب الشرعية كما ذكر العاروري.
- هذين البندين هما اللذين دفعا الطرفين خوفًا من طرف ثالث وبديل يمكن أن يقبله الواقع الإقليمي والدولي.
ولكن ما هي المقاييس التي وضعها العاروري الذي قال فيها أنه لن يسمح بدخول الانتخابات لأي شخص لا يتم التوافق عليه، أي يعني ذلك أن حماس وفتح هما قدر الشعب الفلسطيني لكي يعطوا صك الغفران لهذا أو ذاك لدخول الانتخابات، وهذا أعتقد يطعن في ما قاله العاروري من حرية الرأي ووقف الملاحقات والإعتقالات وغيره من الأصناف التي يتم استخدامها في الضفة وغزة. من حق أي فلسطيني أن يدخل الانتخابات، بالرغم من أنني لا أعترف لا بأوسلو ولا بالانتخابات التشريعية والرئاسية، فأي فبركة وتلاعب في الألفاظ تبقي النتيجة واحدة أن الطرفين لا يمكن أن يتم برنامجهما إلا تحت مظلة أوسلو لاعتبارات سياسية وأمنية واقتصادية.
أعتقد أن البديل لكل هذه الهرطقات والتوافقات التي كل منها يحتاج للآخر كما قال العاروري وليس ما يحتاجه الوطن، وهما لا يمثلان اجماع وطني. وكما قال العاروري لن نحتاج لحملات انتخابية مادمنا قائمة مشتركة مع فتح، معنى ذلك أن الشعب الفلسطيني مجرد غنم ستسيروه للانتخابات وهل توافقكم وتوافقكم فعلًا سيشعل الضفة الغربية وتخرج الجماهير زاحفة على الحواجز الاسرائيلية ومستعمرة بيت ايل؟ أشك في ذلك يا سيد عاروري فالبديل هو حل السلطة وإعلان دولة فلسطين تحت الإحتلال بكاملها والرجوع فعلًا لميثاق منظمة التحرير وعقد مجلس وطني فلسطيني ينتخب لجنة تنفيذية أو حكومة تدير الأعمال للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، هكذا يمكن أن تلغى أوسلو وليس كما قال العاروري في تبريراته للقاء المحتاجين لبعضهم البعض.