الإســــرائيلـــيــون يعـيـشـــون "هسـتــيريــــــا" مبــالـــغـــاً فيهـــــــا

111
حجم الخط

من اطلع على الرسائل والبريد الالكتروني والواتس أب لأولياء الاولاد في المؤسسات التعليمية، مؤخرا، يعتقد أننا نعيش في فوضى مطلقة. تقرير غير واضح لعاملة في روضة اطفال عن شخص توجه اليها بالعربية، أوجد قصة متدحرجة نهايتها «عملية طعن في روضة اطفال». هذا نبأ مزعزع. فبالاضافة الى حقيقة أنه لم يحدث، فان هذا اشارة للمخاوف الكبيرة والطبيعية، حسب رئيس الحكومة، التي يشعر بها الآباء.
 لكن الحقيقة هي أن هذه المخاوف تحولت الى هستيريا. إن اضراب الجهاز التعليمي البلدي بالكامل هو تعبير عن الهستيريا. أليس من الافضل أن يكون الاولاد في هذه الايام في اماكن مغلقة بدلا من التجول في الشوارع؟ فمن الواضح أن كل من يبقى في البيت لن يبقى بين اربعة جدران. هذه الموجة «الارهابية» المتصاعدة، بغض النظر عن دراماتيكيتها، فانها لا تصل الى مستوى الاحداث الامنية الاخرى التي شاهدناها في السابق، سواء في الانتفاضة الثانية أو اثناء الحروب ضد «حماس» في غزة. صحيح أنه يوجد عامل المفاجأة هنا، وهناك صعوبة في التغلب والدفاع عن النفس. الفوارق بين الفترات التي فقدنا فيها الامن الشخصي آخذة في الانحسار. لكن المجتمع الاسرائيلي لا يستطيع أن يسمح لنفسه الدخول الى هكذا هستيريا. هذه ليست جائزة لـ «الارهاب» بل تشجيع له. نجاح كبير لعدة عمليات طعن واطلاق نار.
يجب عدم الاستخفاف بأي حادث ولا يمكن عدم الخوف. لكن بالتفكير العقلاني فان موجة «الارهاب» هذه ما زالت بعيدة عن كونها «تسونامي»، بل يمكن أن تهدأ. يمكن القول إن جزءاً كبيرا من الهستيريا لدى الجمهور ينبع من نشر تفاصيل الاحداث في وسائل الاعلام والشبكات الاجتماعية والافلام عن الطعن. هذه هي المواجهة الاكثر تغطية بوساطة الافلام، وهذا ما ندفع ثمنه نفسيا، وقد ندفع ثمنه من حياة الناس في المستقبل.
أول من أمس طُعن يهودي بعد الاشتباه بأنه عربي، فقط بسبب الاشتباه بأنه عربي. نحن قريبون جدا من لحظة اطلاق النار على الناس بسبب وجود أيديهم في جيوبهم من اجل الاطمئنان. ليس واضحا ما الذي يدفع انسان الى تصوير لحظة طعن «مخرب» لأحد الاشخاص.
  حان الوقت للهدوء والتوقف عن بث افلام العمليات في الاخبار الرئيسية. فهمنا، رأينا، واكتفينا. الآن نريد سماع أخبار. حدّثونا عن المغزى. ما الذي تسبب بكل هذا وكيف يمكن الخروج منه.
  اضافة الى ازدياد الخوف والقلق فان هذه الافلام هي انتصار آخر لـ «المخربين»، وتأكيد لرواية الفلسطينيين الذين يتحدثون عن الاعدام في شوارع اسرائيل بمساعدة هذه الافلام.
لم يتحدث العالم بعد عن الضحايا اليهود بل الضحايا الفلسطينيين، وهذه الافلام التي يصورها اليهود في موقع الحدث تساعد على تجنيد المزيد من العمليات لالحاق الضرر باليهود. قد تنجح الدعاية الاسرائيلية في تغيير الصورة، لكنها لن تنجح في تغيير التأثير علينا. دخلنا في هستيريا مبكرة ومبالغ فيها، وهي غير ملائمة للوضع. ما زال أمامنا الكثير من التحديات، ومن الخطأ أن نفقد صوابنا الآن.

 عن «معاريف»