في كانون الاول 1987 اندلع ما سُمي الانتفاضة الاولى. بدأ ذلك باخلال بالنظام في غزة، وكان الرد الاسرائيلي على ذلك ضعيفا. ومع الوقت اعترف السياسيون في اسرائيل أن التساهل في الرد أدى الى ارتفاع الاحتجاج الذي تحول الى الاخلال بالنظام و»الارهاب». هذا «الارهاب» تم سحقه بالقوة على أيدي الجيش الاسرائيلي و»الشاباك» بعد بضع سنوات من محاولات التهدئة السياسية وتخفيف اللهب. الحكومة والاجهزة الامنية فهمت أن الحديث يدور عن حرب، ووضعت حدا لذلك. الانتفاضة الثانية اندلعت في ايلول 2000 بمبادرة الشريك ياسر عرفات. وحتى آذار 2002 حاولت الحكومة والاجهزة الامنية استيعابها، وفي عيد الفصح في 2002 في اعقاب العملية في فندق «بارك» في نتانيا وبعد 135 قتيل اسرائيلي في ذلك الشهر وآلاف القتلى نتيجة اتفاقات اوسلو، تدحرجت عملية «السور الواقي» التي قضت على موجة «الارهاب
إلا أنه رغم الاستنتاجات الواضحة، فان القيادتين السياسية والامنية في اسرائيل بروح اتفاقات اوسلو تكبل أيدينا وأفق تفكيرنا. وهما اللتان انشأتا عالما من المفاهيم التي أبقتنا في مرض مزمن. لذلك حاولوا القضاء على «حزب الله» في العام 2006 بوساطة «نار في المقابل». وبسبب ذلك هربنا من غوش قطيف في 2005. لذلك فان كل العمليات ضد غزة في السنوات الاخيرة تعكس النظرة العكسية لمبادئ الحرب وتناقض المنطق واحتمال هزيمة العدو.
تلك الروح هي التي قادتنا الى الهاوية الحالية. فمنذ فترة طويلة ونحن نضبط أنفسنا ضد التحريض المنهجي للسلطة الفلسطينية والتيارات الاسلامية على جانبي الخط الاخضر. نحن نتجاهل ما يحدث لنا وسلب شرعيتنا ومحو تاريخنا، ونحاول استيعاب الوضع والتحدث مع نظرائنا ونقوم بالتنسيق الامني. الجهاز القضائي عندنا من محكمة العدل العليا وحتى النيابة العامة يتحمل المسؤولية الاساسية عن هذا الفشل ويتسبب في اخصاء قدرة مواجهة الدولة للتحريض و»الارهاب». لكن لو كان عندنا قيادة جديرة لكانت استطاعت التغلب على ذلك.
حان الوقت لتغيير أولويات الجيل الاخير. أولاً، يجب إدراك حقيقة أنهم أعلنوا الحرب علينا نظريا وعمليا. لذلك لا يمكننا أن نقيد أيدينا ونكبل تفكيرنا. من المحظور علينا اختيار حلول سحرية خطيرة مثل الاغلاق والعقاب الجماعي التي تدفع الأبرياء الى احضان «الارهاب». بل يجب علينا تحديد الاعداء والعمل ضدهم بكل ما لدينا من قوة. وهذا يعني كل من يحرض ضدنا حتى وإن كان جنرالا في جيش أبو مازن أو وزير التربية والتعليم أو شخصية رفيعة في «فتح». يجب اعتقاله ومحاكمته فورا. وكذلك كل من يمول عائلات القتلة أو يذهب الى خيمة العزاء ويلقي الخطابات التي تثني على «الارهاب» مباشرة أو غير مباشرة. وهذا ينطبق على متحدثي السلطة و»حماس» والحركة الاسلامية في اسرائيل. هذا صحيح وهو ملائم لجانبي الخط الاخضر، وملائم ايضا لاعضاء الكنيست العرب الاسرائيليين مثل حنين الزعبي وجمال زحالقة اللذان يجب أن يكونا في السجن.
من يرفع حجرا أو زجاجة حارقة يجب اطلاق النار عليه، ومعاقبة الوالدين والاولاد. ومن قام بتنفيذ عمل «ارهابي» يجب أن يفقد المواطنة والسكن ومخصصات التأمين الوطني. وفي الوقت ذاته يجب أن يكون هناك رد صهيوني ملائم – الاستيطان. اذا كانت هناك حاجة لقانون طوارئ بسبب ذلك، فيجب وضع قوانين أو تعديل قوانين قائمة. لقد أعلنوا الحرب علينا وحان الوقت لكي نكف عن استيعاب ذلك ونرد بالشكل الملائم.
عن «معاريف»