بقلم: ستاف شبير
لم أتوقف يوماً عن توجيه الانتقادات لرجال المالية. فهم من ناحيتهم ردوا على النيران. وجدنا، هذا الأسبوع، أنفسنا في قارب واحد. تبين أنه حتى الموظفون المخلصون جدا لنتنياهو توجد لهم خطوط حمر. استقالة المديرة العامة، كيرن تيرنر، بعد خمسة اشهر، هي استمرار لسلسلة المغادرة. فقبلها استقال شاؤول مريدور. وقد ترعرعوا في حكم «الليكود»، وخدموا نتنياهو وأيدوه في نهجه وفي أموره السياسية. استقالتهم هي نقطة تحول جديدة في تدهور القطاع العام.
يوجد لنتنياهو اتفاق غير مكتوب مع وزارة المالية: هم سيسكتون السياسيين بوساطة صفقات من أموالهم. وفي المقابل، سيحصلون على احتكار ادارة الدولة. وخلال ذلك تخصيص قيادة سياسة للخدمات الاجتماعية، تزيد العبء الملقى على الجمهور. ولكن حتى هذا التعايش يوجد له ثمن. يصعب شرح عجز بمبلغ 100 مليار شيقل، تولد رغم أن الاقتصاد المنهار بعيد عن الحصول على مساعدة بدرجة كافية. يصعب شرح اغلاق المصالح التجارية دون أي خطة عمل، في الوقت الذي لا تسري أي قواعد على القطاعات المقربة من نظام الحكم. ايضا الموظف المخلص جدا سيتلعثم عندما سيطلب منه الادعاء بأن رئيس الحكومة من حقه استرجاع ضرائب بمبلغ مليون شيقل، في حين أن مليون اسرائيلي يفقدون اماكن عملهم. وعندما يضاف الى ذلك أنه لا توجد لاسرائيل ميزانية حسب القانون ومن المشكوك فيه أن تكون لها، يمكن أن نفهم إلى أين نسير.
فهم تيرنر ومريدور ذلك. بالنسبة لنتنياهو يدور الحديث عن تحقيق حلم. حتى الموظفون المخلصون لن يخرجوا الى حيز التنفيذ المهمات القادمة في خطته: نقل كل السيطرة على اموال الجمهور اليه بدون رقابة وبدون ازعاجات مهنية، وحل ممنهج لكل مؤسسات الرقابة في طريق هربه من المحاكمة. من اجل ذلك لا يكفي الموظفون المخلصون: نحن بحاجة الى رجال يقولون نعم. كلما زادت الوظائف الشاغرة فسيضطر المرشحون للوظيفة الى اظهار الاخلاص المطلق له ولحاجاته، وليس لاحتياجات الدولة. ليس عبثاً أن وظائف المفتش العام للشرطة والنائب العام للدولة ومدير عام مكتب رئيس الحكومة والمستشار القضائي للكنيست، ما زالت شاغرة. ولا تتوقعوا أن يتم إشغالها قريبا.
الموظفون الوحيدون الذين سيحافظون على قوتهم هم الموظفون الذين سيعملون بجد من اجل اخفاء معلومات عن الجمهور. شاي باباد وميخال عفدي، على سبيل المثال، مقربان من نتنياهو، وليس صدفة أنهما من كبار معارضي الرقابة والشفافية. عندما كنت رئيس لجنة الشفافية، رفض باباد، الذي كان في حينه مدير عام وزارة المالية، القدوم الى اللجنة – مدير عام الوزارة الوحيد الذي رفض. ذات مرة أوقف نقاش في لجنة المالية من اجل عقد صفقة في الممر مع عدد من اعضاء في حزبي. وعندما طلبت الدخول ومعرفة ما يتم اخفاؤه عن الجمهور، أغلق باباد الباب وصرخ بأنه أنا فقط ممنوع دخولي. ليس موظفاً – هو سياسي يعرف ما يتوقع نتنياهو منه. في حادثة اخرى عندما طلبت فحص نظام نفقات الدولة من اجل التأكد من أن الميزانية التي يراها أعضاء الكنيست والجمهور هي الميزانية الفعلية، خرجت عفدي عن اطوارها لمنع ذلك. وقد اضطررنا الى الالتماس للمحكمة العليا من اجل كشف معلومات، من شأنها بطبيعة الحال أن تكون متاحة ليراها الجمهور. حتى الآن لا يوجد حكم. ولو كان لدينا سبيل لنظام كهذا الآن، تخيلوا ماذا كنا سنكتشف عن ألاعيب الحكومة بأموالنا.
توجد اسرائيل في شرك. إن مغادرة الموظفين الكبار هي ضوء تحذير واضح. ومع ذلك، البقاء في الوظيفة سيزيد من خطورة التدهور. الاجابة هي متحدية لكنها واضحة: من اجل اجبار نتنياهو على المغادرة، يجب على كل من يشغل وظيفة ادارية أو سياسية أن يهب ويضع المفاتيح على الطاولة. من جميع هؤلاء يتوقع الانضمام الى الاحتجاج المدني الذي يتعاظم ازاء الاضرار التي يتسبب بها حكم نتنياهو. والآن من يخشى القيام بهذا ليس جبانا فقط، بل شريك في هذه الجريمة، ويتخلى عن مستقبلنا جميعا.
عن «هآرتس»