مطلوب لجنة تحقيق رسمية لاستيضاح الأمور

حجم الخط

بقلم: عاموس جلعاد  


   
ينبغي للاسم الدقيق لقضية الغواصات أن يكون قضية قصور أدوات الملاحقة. الغواصات سلاح استراتيجي حيوي للغاية للدفاع عن الدولة ولتنفيذ جملة واسعة من المهام. فعمّ يدور الحديث، إذاً؟ في كل تسلح وتعاظم للقوى مطلوب قرار – أين تستثمر المقدرات. يفعّل الجيش الإسرائيلي سلاح جو، قوات برية، وسلاح بحرية. اذا ما سُئل قائد سلاح البحرية كم غواصة يريد يحتمل أن يقول 50 ويحتمل أن يقول 500، وهذا مشروع. ولكن تحليل كم غواصة بالنسبة لحجم سلاح الجو وسلاح البر هو في يد رئيس الأركان. فهو يعرض توصياته على وزارة الدفاع ووزير الدفاع، اللذين لهما المسؤولية في جملة مجالات، وعندها يطرح هذا على رئيس الوزراء، وبعد ذلك في الطريقة الديمقراطية الإسرائيلية يفترض بالكابينت ان يتخذ القرار النهائي بينما تكون القرارات شفافة على الأقل للجان السرية من أجل تأكيد الرقابة.
لا يدور الحديث عن تدقيقات بيروقراطية، بل عن تخصيص المقدرات الصحيحة لتعاظم القوة على أساس تقديرات استخبارية للتهديدات المتوقعة والوسائل اللازمة للتصدي لها. فمثلا: في السنة القادمة سيهاجم «حزب الله إسرائيل»، فهل سلاح البحرية سيحسم أم قوات البر والجو؟ هل يجب الاستثمار في الغواصات؟
لا يحتمل أن يكون رئيس الوزراء، مهما كان خبيرا ومجربا، أن يتخذ القرارات وحده. هذا ليس مسألة أنا، هذه مسألة تخصيص مقدرات في سياق مرتب من توازن المصالح.
لا شك أن زيادة القوة عبر زيادة عدد الغواصات الأصلي- كما يظهر في الشهادات المختلفة التي تتجمع- لا يتناسب وقدرات الجيش الاسرائيلي. فلا توجد المقدرات لتمويل الشراء او لصيانة الأدوات، الغالية جدا صيانتها. للغواصات يوجد مدماك إضافي وهذا هو السفن التي تحمي طوافات الغاز، والتي نقل العمل عليها الى شركة بناء السكن تيسين غروب. وكان يفترض أن تشترى في عطاء دولي، يضمن السعر الأدنى مع المردود الأعلى. إسرائيل قادرة على أن تنتج بنفسها سفناً دفاعية متفوقة. فلماذا لا يسلم بناء السفن لجهة إسرائيلية او إصدار عطاء دولي كما حاول مدير عام وزارة الدفاع العمل؟
ثمة أناس كبار للغاية ضالعون أو يقفون أمام الاستماع قبيل رفع لائحة اتهام ظاهراً على عمولات رشوة اذا ما ثبت ذلك حقاً في المحكمة. اذا ما اثبتت الأمور حقاً فهذه فضيحة غير مسبوقة. خليط من الاعتبارات الغريبة، اي المال والرشوة، مع اعتبارات الأمن القومي هو تهديد للأمن القومي الاسرائيلي. اذا ما اعطيت لجهة ما مقدرات اكثر، فإنك تحرم جهات حيوية اخرى منها مثل القوات البرية. فهل يعقل ان اسرائيل، التي تنتج الدبابات الافضل في العالم ومنظومات الدفاع عن الدبابات، لا تنتج كل دباباتها بالتحصين الافضل بسبب مشكلة مقدرات؟ هل يعقل الا تكون المخازن مليئة بسبب مشكلة المقدرات.
ان خليطاً من قرارات على التسلح بحجوم غير لازمة لأمن الدولة وبين شبهات خطيرة بالرشوة على حافة لائحة الاتهام لاناس رفيعي المستوى جدا يبعث على التقيؤ حقاً، ويهزّ الثقة الأساسية بطهارة الاعتبارات للتسلح بأسلحة ضرورية لحماية الدولة. لسبب ما هذه رسالة غير مفهومة في دوائر واسعة، وثمة من يقول: ما هذا الانشغال بالغواصات؟ هذا في أرواحنا، وأخطر من كل القضايا الأخرى التي موضوعها طهارة المقاييس.
يطرح السؤال ما الذي ينبغي عمله؟ والجواب هو أمران: أولا، أصلي لكي لا يكون شيء آخر، وان تفتح الشرطة تحقيقاً جنائياً لاستنفاد كل الجوانب المحتملة. ولكن التحقيق الجنائي لا يكفي. مطلوب لجنة تحقيق رسمية، الجسم الوحيد المخول لاستنفاد استيضاح قضايا خطيرة من هذا النوع بطرق ناجعة. ولما كان الحديث يدور عن القضية الأكثر خطورةً منذ قيام الدولة، فإن هذه الأمور يجب أن تستوضح.

عن «يديعوت»
*رئيس معهد السياسة والاستراتيجية.