كشفت صحيفة (يديعوت أحرونوت) الإسرائيليّة في عددها الصادر اليوم الجمعة النقاب عن أنّ مفاوضات سريّةٍ جدًا جرت بين المحامي يستحاق مولخو، المبعوث الشخصيّ لرئيس الوزراء الإسرائيليّ، بينيامين نتنياهو، وبين حسين الأغا، المُقرّب جدًا من رئيس السلطة الفلسطينيّة، محمود عبّاس، والذي يعمل في جامعة أكسفورد، مُشيرًا إلى أنّ الأغا هو لبنانيّ الأصل، وفي فترة شبابه انضمّ إلى منظمة التحرير الفلسطينيّة، ومنذ ذلك الحين يُعتبر الرجل الأكثر قربًا من رئيس السلطة عبّاس.
وبحسب كبير المُحللين السياسيين في الصحيفة، ناحوم بارنيع، فإنّ المفاوضات السريّة بين الطرفين جرت في الفترة الأولى من تولّي نتنياهو رئاسة الوزراء في إسرائيل، كما شدّدّ المُحلل على أنّه رئيس الوزراء الإسرائيليّ تعمدّ إخفاء هذه المفاوضات خشية من ردّ فعل اليمين واليمين المُتطرّف في إسرائيل، على حدّ تعبيره. وبحسب الوثيقة، التي نشرتها الصحيفة الإسرائيليّة، فإنّ الطرفين توصلا إلى شبه صيغة اتفاق تاريخيّ بينهما، كما أنّ المفاوضات شملت انسحاب إسرائيل إلى خطوط ما قبل عدوان حزيران (يونيو) من العام 1867، كما ناقش الطرفان مسألة مدينة القدس، وبالإضافة إلى ذلك تمّ النقاش حول قضية عودة اللاجئين الفلسطينيين.
ولفت المُحلل بارنيع، إلى أنّ مسودّة الاتفاق الذي يُنشر لأوّل مرّة، تم التوقيع عليه بين الطرفين في شهر آب (أغسطس) من العام 2013، وجاء تحت اسم: اقتراح لويثقة مبادئ فيما يتعلّق بالحلّ النهائيّ بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وقال بارنيع أيضًا إنّ مسودة الاتفاق تكشف عن تنازلات كبيرة جدًا قام بتقديمها رئيس الوزراء نتنياهو إلى الجانب الفلسطينيّ، كما أشار إلى أنّ نتنياهو وافق على العودة إلى حدود ما قبل الرابع من حزيران (يونيو) من العام 1967، مع تبادل الأراضي بنسبة متر إلى متر، مُوضحًا أنّه فيما يتعلّق بالقدس، فإنّ الكلمات كُتبت بتحفظٍ شديدٍ، ولكنّها ت‘بّر عن موافقة نتنياهو على منح الفلسطينيين الحقّ في تحقيق طموحاتهم الوطنيّة في القدس.
علاوة على ذلك، نصّت الوثيقة، كما جاء في الصحيفة، على إخلاء مستوطنات إسرائيليّة من الضفّة الغربيّة المُحتلّة، وإبقاء عددٍ آخر من المستوطنات داخل الدولة الفلسطينيّة العتيدة وتحت الحكم الفلسطينيّ، كما أنّ نتنياهو وافق على إعادة لاجئين إلى داخل ما يُطلق عليه الخط الأخضر، ولكن بشكلٍ فرديّ وليس جماعيًا. جدير بالذكر أنّ هذا النشر، يعتبره المراقبون في تل أبيب، هو محاولة من صحيفة (يديعوت أحرونوت)، التي تخوض حربًا ضدّ نتنياهو لإضعاف الأخير وتخفيض حظوظه في الفوز للمرّة الثالثة على التوالي برئاسة الوزراء في إسرائيل.
وكان موقع (WALLA) الإسررائيلّ الإخباريّ قد نشر مؤخرًا أنّ رئيس الدولة السابق، شيمعون بيريس، أجرى مفاوضات سريّة مع السلطة محمود عبّاس، بمعرفة وبعلم نتنياهو، وذلك في العامين 2011 و2012، على حدّ قوله. ووفقًا للتقرير، الذي اعتمد على مصادر إسرائيليّة وفلسطينيّة، التقى بيريس وعبّاس خلال فترة معينة في عدة مدن أوروبية، منها روما ولندن، وبعدها عُقدت لقاءات بينهما في العاصمة الأردنية عمّان. وشدّدّ أنه في اللقاءات المذكورة قد أقترب الاثنان جدًا لاتفاق أسماه بالتاريخيّ بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وقد تمّ ذلك بمعرفة نتنياهو بكامل التفاصيل.
وأوضح أنّ الحديث هو عن مفاوضات كهذه، التي تمنح إسرائيل الإمكانية بأنْ ترفض الموافقة على الاتفاقات التي يصل إليها كلا الطرفين، وذلك لأن بيريس لا يُمثّل الحكومة الإسرائيلية، إنما يمثل نفسه فقط. ولفت المُحلل إلى أنّ القصد من وراء محادثات عبّاس وبيريس كان تحقيق تقدم ملحوظ في جميع المجالات، ويمكن لهذه المحادثات أنْ تصبح رسمية فقط عندما يكون الاتفاق وشيكًا، على حدّ تعبيره. وأردف أنّ المحادثات الثنائيّة، والتي شارك فيها طاقم من المفاوضين، وفي مقدّمتهم صائب عريقات، تناولت جميع قضايا النزاع بين إسرائيل وفلسطين، وأحرزت تقدمًا هائلًا في جميع المجالات. ومن بين أمور أخرى، تمّ الاتفاق على أنّه مع توقيع الاتفاقية سيُعلن عن نهاية الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وساق قائلاً إنّ الطرفين توصّلا إلى اتفاق يشمل تشكيل دولتين، إسرائيلية وفلسطينية، وفقًا لحدود عام 1967 مع تبادل أراض بشكل متساوٍ ومنطقيّ، والذي من شأنه أن يُبقي الكتل الاستيطانيّة الكبرى الواقعة في الضفة الغربية تحت سيطرة إسرائيلية، والتي تُسّمى بغوش عتصيون، وبالمقابل سيتّم منح مناطق متساوية من حيث المساحة والجودة للدولة الفلسطينية.
كما تمّ الاتفاق على أنّ الدولة الفلسطينية لن تملك جيشًا خاصًا، إنمّا قوات شرطة فقط، وأنّ المعابر الحدوديّة ستكون تحت سيطرة طرف ثالث، مثل الاتحاد الأوروبيّ. علاوة على ذلك، جاء في التقرير، أنّه تمّت مُناقشة قضية اللاجئين الفلسطينيين بشكلٍ مُسهبٍ وأحرزت المفاوضات في هذه القضية تقدّمًا كبيرًا.
وشدّدّ إيسخاروف على أنّ الطرفين اتفقّا على أنّ حل النزاع سيكون عادلًا ومتفقًا عليه، والخطوط العريضة التي ناقشها الطرفان، ولم يتم الاتفاق عليها تمامًا، كانت بحسبه كالتالي: سيُمنح كل لاجئ أربعة خيارات: الأوّل، الحفاظ على مكان الإقامة الحالي والحصول على تعويض مالي. الثاني، الانتقال لمدينة ثالثة والحصول على تعويض مالي. الثالث، العودة لدولة فلسطين (حسب حدود 1967). رابعًا العودة لإسرائيل، بموافقة الحكومة الإسرائيليّة.
ولفت التقرير إلى أنّ المحادثات انهارت في الـ28 من شهر تموز (يوليو) من العام 2011، عندما طُلب من نتنياهو أن يُقدّم وثائق رسمية تثبت وجود المحادثات، لكنّه رفض. وبعد رفض نتنياهو قرر عبّاس أنْ يُلغي اللقاء ووضع حدًا للاتصالات السريّة بشكلٍ فعليٍّ.