مــاهــــر الأخــــــرس شاهــــداً عـلــى ديمــقــراطـــيـــة إســــرائـيــل "الـبـلاستـيـكـيـة" !

حجم الخط

بقلم: جدعون ليفي


وزير الإعلام، يوعز هندل، شخص حسّاس، تملأه الشفقة. في الأسبوع الماضي زار قسم «كورونا» في مستشفى سوروكا، ووصف في تويتر ما شاهده هناك: «شاب بجيلي، أب لأربعة أولاد، ينام في قسم العناية المكثفة، موضوعا على التنفس الاصطناعي وهو بين الحياة والموت. عائلته لم تكن تستطيع الالتقاء به، وكل ما بقي هو أن نصلي من أجله».
قبل يوم من ذلك شاهد وزير الشفقة والإنسانية صورة مريض آخر بجيله. هو ايضا يراوح بين الحياة والموت وعائلته ايضا لا يمكنها زيارته وكل ما بقي هو أن تصلي من اجل سلامته.
هذه المرة أُصيب الوزير بالصدمة بدرجة أقل بكثير. والحقيقة هي أنه لم يصدم أبدا.
مصير هذا الشخص، الذي يتوجه نحو الموت، لم يمس قلبه، وربما كان سعيدا بمعاناته.
إلى جانب سرير المضرب عن الطعام، ماهر الأخرس، وقف عضو الكنيست، عوفر كسيف، الذي جاء هو وصديقه في القائمة يوسف جبارين لزيارته ودعمه. وقد غرد هندل: «هذا هو السبب الذي من أجله لا يوجد أي احتمال في أن أوافق على شراكة مع القائمة المشتركة.
أنا صهيوني وأؤيد دمج كامل لعرب إسرائيل، وليس دمج من يؤيد أعداءها. وهذا تذكير لمن ضل الطريق».
وهاكم تذكيرا لهندل، الشخص الذي يعرف من تجربته الشخصية شيئا أو اثنين عمن ضلوا الطريق.
الأخرس هو الشخص الأكثر شجاعة في إسرائيل في هذه الأثناء، فهو محارب من اجل الحرية ومستعد للتضحية بحياته.
ونجاح نضاله سيفيد الديمقراطية الإسرائيلية، بالتأكيد اكثر من أسلوب الخداع السياسي لهندل وعنصريته.
هندل لا ينسى عنصريته للحظة، حتى ولو ازاء صورة من يحتضر: الانسانية والرحمة اللتان غمرتاه ازاء المريض الإسرائيلي اختفت وكأنها لم تكن عندما كان الحديث يدور عن الشخص الفلسطيني المحتضر. ولكن خلافا لهندل، الفلسطيني المحتضر هو شخص صاحب مبادئ.
الاخرس يضرب عن الطعام منذ تسعين يوما تقريبا. ورفضت المحكمة العليا طلبه لاطلاق سراحه. القضاة كثيرو الطيبة علقوا، أي أوقفوا، اعتقاله الى أن يستطيع الوقوف على رجليه، لكنهم لم يوافقوا على إعطائه وعدا بأن لا يتم اعتقاله مجددا.
رفض الأخرس هذا العرض بشجاعة. قاضيا المحكمة العليا، اسحق عميت وعوفر غروسكوفف، كتبا بأنهما راضيان عن الاعتقال الذي يوجد له مبرر تام.
وعندما يكون قضاة منارة العدل راضين ويبررون فظاعة الاعتقال دون محاكمة، عندها ينتهي المكان الذي يمكن لإسرائيل أن تعتبر فيه ديمقراطية. كل ذلك بالطبع هو أكبر من مقاس هندل، الديمقراطي المصنوع من البلاستيك.
نحو 350 شخصا يوجدون في الاعتقال الاداري دون محاكمة في السجون الإسرائيلية، من بينهم أيضا قاصران.
وقد كانت هناك فترة وصل فيها عددهم الى ألف معتقل. كانت المحكمة راضية في حينه ايضا، والضمير الميت لهندل لم يستيقظ في أي يوم ليسأل ما هي هذه الدولة التي تقوم باختطاف عشرات آلاف الاشخاص وارسالهم إلى السجن بدون محاكمة بأعداد كان يجب أن تدهش كل صاحب ضمير.
الاخرس كان يراوح في نهاية الاسبوع بين الحياة والموت. مصيره فطر قلوب عدد قليل.
تسميه إسرائيل «ارهابيا» دون أن يكون لأي شخص فكرة عما هي جريمته، ولا يوجد أي دليل عرض أمامه.
الدليل الذي تم عرضه كان نكتة: فيلم قصير فيه حسب الادعاء يتفاخر بكونه عضوا في «الجهاد الإسلامي». كشفت هجار شيزاف في «هآرتس» في 6/10 بأنه حسب تفريغ كلمات الفيلم فانه لم يقل ذلك على الاطلاق.
في نهاية الاسبوع توفي اسحق ايلان، الذي كان نائب رئيس «الشاباك» ورئيس قسم التحقيقات في الجهاز، والذي عرف بقسوته الشديدة. أقامت إسرائيل الحداد عليه. وزير الدفاع، بني غانتس، كتب بأنه كان «أحد الاشخاص الجيدين جدا الذين عرفهم»، قال واضاف: «لقد جلب الكثير من النور وأنقذ حياة الكثيرين».
من الصعب معرفة كم شخص أنقذه ايلان وكم من النور جلب، ومن الاكثر سهولة احصاء كم شخصاً قتل وكم من التعذيب القاسي كان مسؤولا عنه. دماء الأخرس وآلاف الفلسطينيين الآخرين على أيدي هذه الشرطة السرية، «الشاباك»، الذي حصل فيه إيلان على المجد.
من المشكوك فيه أن تكون هناك دولة ديمقراطية اخرى فيها هذا العمل يعتبر مجداً.

عن «هآرتس»