مصالحة "موظفي غزة" أولوية عن "المكلمة السياسية"!

حجم الخط

كتب حسن عصفور

 منذ انقلاب حماس يونيو 2007، وقضية موظفي قطاع غزة المنتمين للسلطة الفلسطينية تحتل عنوانا مستديما على جدول الأعمال، خاصة بعد القرارات غير السوية ضدهم، بلا أي ذنب سوى رؤية أمنية ساذجة.

موظفي القطاع علهم الأكثر انتماء كونهم لم يترددوا في تنفيذ "أغبى قرار وظيفي" قررته قيادة السلطة، عندما أمرتهم بالجلوس في منازلهم "احتجاجا" على الانقلاب الحمساوي الأسود، وحتى ساعته لا يوجد توضيح حقيقي لذلك القرار الغريب، سوى انه قدم خدمة "استراتيجية" لحماس للقيام بسد "الفراغ" تحت ذريعة رسمية من عناصرها، لتكمل الانقلاب الأمني بانقلاب وظيفي، وكأنه جاء مشاركة لتدعيم الانقلاب وليس مقاومته.

وبعيدا عن مناقشة قرار قبل 13 عاما، فما كان ما بعده يضاف أيضا الى جريمة جلوسهم في منازلهم، بعد أن بدأت حكومات السلطة المتعاقبة بتنفيذ قرارات أساسها التمييز الصريح بين موظفي قطاع غزة عن أقرانهم في الضفة الغربية، شملت حزم يمكن اعتبارها عنصرية وغير قانونية، من وقف الرواتب الى مخترع "التقاعد المالي"، الى منع كل امتياز وظيفي، وخصم ما له من حقوق بذريعة أنه لا يعمل.

ومؤخرا كشفت حالات تمايز في الراتب لذات المهنة بفارق مالي كبير، أدت لفتح جبهة غضب ضد الحكومة الفلسطينية، وأيضا دون توضيح لماذا يتم ذلك وما هي مسبباتهم، او أقله "تبريرهم" لقرارات "التمييز الوظيفي" بين ذات المهنة الواحدة بفارق مثير جدا.

دوما هناك وعود بحل أزمة قضية موظفي قطاع غزة، وهناك قرارات تتراكم منذ سنوات، لا تقتصر على الحكومة بل تجاوزتها لتصبح جزءا من قرارات المجلس الوطني، ولكن لا حياة ولا يحزنون في شأن موظفي القطاع.

وما يثير "الدهشة" أن تتحدث السلطة وقوتها المركزية حركة فتح عن الذهاب الى "مصالحة كاملة"، او "شراكة كاملة" مع حماس (صدقا أم مسايرة ما)، دون أن تفكر أن هناك ما هو أكثر أهمية وطنية من تلك "المكلمة السياسية"، والتي يدرك الشعب الفلسطيني تماما أنها ليست سوى "مصالحة المصالح".

مصالحة "موظفي قطاع غزة" أولوية وطنية عن تلك المكلمة الدائرة، بل أن "مصالحة الفصائل" لا قيمة لها دون مصالحة تلك الفئة العريضة من أهل فلسطين، فهم كانوا وقود تنفيذ قرار "القيادة الرسمية"، ولا يجوز استمرار اعتبارهم "وقود" لغايات مبهمة.

والسؤال، هل عدم حل أزمة "موظفي" قطاع غزة تلبية لمطالب من جهات ما غير محلية لها مصلحة في تعزيز "ثقافة الفصل" سياسيا وانتماءا، لتسهيل مهمة تنفيذ صفقة ترامب التي تستند في جوهرها على تهويد بالضفة وفصل لقطاع غزة، أم انه مطلب حمساوي ليبقى الموظف الغزي تحت رحمة حكمها الخاص، كجزء من عملية "التقاسم السياسي" القادم بين حكم "المحميات السبع والنتوء".

ما هو مطلوب ليس أكثر من حق ولا يوجد به أي امتياز لمن يعاقب مرتين، من حكومته المباشرة ومن حكومة الانقلاب، بصفته متهم أمني الى أن يثبت غير ذلك، الى جانب ما نتج عنها من "مصائب اجتماعية كبرى".

المسألة ليست توسلا، ولا مناشدة بل هي إعادة المسلوب منهم ووقف الإهانة التي نالتهم ولا تزال، كي لا يصل الموظف الى قناعة أن هناك من يقدمه كـ "بضاعة رخيصة" الى الحكم الانقلابي.

تلبية الحقوق ضرورة أولى لو أريد فعلا مقاومة صفقة ترامب، وتصحيح مسار المشهد الانقسامي، وقبل كل ذلك إعادة الروح لحركة فتح التي أصابها "نعاس طويل".

ملاحظة: أصبح ملاحظا أن تعبير "الوطنية" لم يعد مرادفا لمصطلح "السلطة الفلسطينية"، هل هو زهق سياسي أم استجابة سياسية لطلب ما ..الأمر مستغرب وكأن وراءه حكاية..فشو هي!

تنويه خاص: يشهد قطاع غزة ظواهر من الجريمة قد تكون غريبة.. فهل هي تعبير عن أزمة لحكم غير سوي مغلق الفكر مستمر منذ 13 سنة، أم هي مقدمة لفرض شيئا ما على أهل القطاع مرتبط بقادم سياسي؟!