«شبعنا من اتفاقات السلام هذه، ومن البث المباشر للقاءات الودية بين لابسي الجلابيب البيضاء وبين لابسي البدلات المكوية».
أقوال أو تأوهات من هذا القبيل تطلق ربما في الأمسيات في أحاديث الصالون. كما أن محرري الأخبار باتوا قصيري النفس: وُقّعت بضعة اتفاقات لتطبيع العلاقات، وكم غيرها سيوقع؟ ولماذا تتلبث السعودية؟ يعشعش تخوف من السأم: اي دول عربية أخرى ستحسد أخواتها ستسارع هي أيضا إلى الطاولات التي تبسط عليها الوثائق لتوقيع الطرفين.
لم تعد بعد اليوم حاجة إلى كُتّاب خطابات؛ يمكن أن تمتشق صيغ الخطابات من الاحتفالات السابقة، وبعد بضع تعديلات طفيفة، يمكن للزعماء أن يتلوها مجددا. وبعد قليل سيلمّح الرئيس ترامب إلى مناسبة كهذه في جدول أعماله.
إن التخوف من احتفال آخر لتطبيع العلاقات يجب أن يفسر بإمكانية أن يتفوق جو بايدن على الرئيس ترامب.
وإذا كان هذا ما سيحصل فهل سيبرر بايدن في السنوات الأربع من الولاية الأولى لقب «جو النعسان» الذي ألصقه به ترامب في مهرجاناته الجماهيرية؟ لا يوجد شيء يشبه لسان ترامب السليط.
ما معنى التخوف، الوهمي برأيي، من عهد بايدن، الذي يعرب عنه عندنا المحللون والسياسيون؟ مصدره في الذاكرة حديثة العهد للبادرات الطيبة التي أغدقها علينا الرئيس ترامب.
هنا من يخافون من أن بايدن كرئيس سيوقف دولاب الدلال السياسي الذي حركه سلفه، خوفا من أن تذكر رئاسته بالذات بأنها عهد العلاقات الباردة مع إسرائيل في أيام إدارة أوباما.
من المشكوك في ذلك جدا. من الصعب أن نصدق بأن بايدن، إذا ما انتخب، سيعيد السفارة الأميركية إلى تل أبيب فيشطب شيئا مهما من إرث ترامب.
وهل يمكن لبايدن إذا ما انتخب أن يتجاهل تماما الموجة الراديكالية الجارفة لحزبه الديمقراطي؟ هل سيكون منبرا للنبرات النقدية تجاه إسرائيل التي ينشرها السناتور ساندرز وبعض من أعضاء الكونغرس الديمقراطيات؟ لن نتنبأ، وسنكتفي بالإعراب عن التخوف، الذي من المشكوك أن يصبح واقعا.
برأينا، من المشكوك فيه أن يقلب بايدن سياسة ترامب راسا على عقب. ومع ذلك، في عهد بايدن ستشعر حكومة إسرائيل بمبادرتها بأن هذا ليس الوقت لمواصلة توسيع سياسة الاستيطان.
لقد تصرف نتنياهو في هذه المسألة بضبط للنفس حتى في عهد ترامب. ولكن الحاجة إلى اللجام في مجال السياسة في «المناطق» مطلوبة حقا.
منذ بداية السباق للرئاسة استبعد بايدن نية بسط السيادة الإسرائيلية في «المناطق». ومن خارج الحدود: اتخذ ترامب خطا انعزاليا تطلب دفع مقابل على المساعدة الأميركية.
من المعقول الافتراض بأن بايدن، مقارنة بترامب، سيعيد الولايات المتحدة إلى إطار الاتفاق لتقييد سياسة النووي الإيرانية.
وإذا عدنا إلى البعد الحقيقي للانتخابات، إلى أرض الواقع حقا، فعلى رأس سلم أولويات من ينتخب ستكون الصحة، الجريمة، الاقتصاد وبالأساس: استئناف الحلف بين البيض والسود، بين أجزاء السكان في خمسين ولاية أميركية.
عن «إسرائيل اليوم»
بايدن يكشف تفاصيل إحدى محادثاته مع نظيره الروسي بوتين
17 يناير 2025