فــاز بايــدن أو تـرامــب: الاحـتــلال الإسرائيـلـي بــاقٍ ويتــوسّــع !

حجم الخط

بقلم: جدعون ليفي



لا يهم الاحتلال من سينتخب في نهاية الأمر رئيساً للولايات المتحدة، دونالد ترامب أو جو بايدن، فكلاهما الشيء ذاته.
فاز الاحتلال ثانية، أول من أمس، فوزاً كبيراً، حتى قبل أن تغلق صناديق الاقتراع.
هذا وضع غير معقول حتى بين رجلين متناقضين جداً مثل ترامب وبايدن، حيث يسود هنالك اتفاق راسخ، فوق كل اختلاف في الآراء: استمرار التأييد الأميركي للاحتلال الإسرائيلي.
يبدو أنه لا يوجد موضوع آخر يتفق عليه الاثنان بهذا القدر. لهذا ليس مهماً من منهما سينتخب.
صحيح أن ترامب صديق المستوطنين، ويعترف باحتلال الجولان ولكن بايدن لن يفعل شيئاً يؤدي إلى إخلائهم أو على الأقل إلى تجميد مشروعهم.
صحيح أن ترامب يحتقر الضعفاء، ومن بينهم الفلسطينيون أضعف الضعفاء. حقوق الإنسان هي آخر المواضيع التي تهمه، القانون الدولي لم يطرح في يوم من الأيام على مكتبه، وعن آلام الفلسطينيين من المشكوك فيه أن يكون قد سمع، ولهذا فإنه عكس خصمه.
يعرف بايدن أمراً أو اثنين عن حقوق الإنسان وعن الضعفاء المضطهدين والمقموعين، العبودية يتردد صداها لديه، وربما أيضاً أن معاناة الشعب الفلسطيني تمس قلبه بتأثير رئيسه باراك أوباما، الذي قارنها بالعبودية السوداء.
لدى بايدن أيضاً سيختفي الفريدمانيون والكوشناريون وسيأتي بدلاً منهم فريدمانيون أكثر اعتدالاً وجدية، ومع ذلك فإن بايدن لن يفعل شيئاً من أجل إنقاذ الفلسطينيين والعدالة، ولن يطبق القانون الدولي ولن يدخل يده إلى النار، باستثناء دفع ضريبة كلامية جوفاء، هكذا فعل أيضاً الرئيس الأكبر منه أوباما.
سيقود بايدن مجموعة مختلفة من المحيطين به، أقل ازدراءً للفلسطينيين وأكثر اعترافاً بوجودهم. وعندما سيطلق خطته للسلام  - خطة القرن، بعد مئة خطة سلام أميركية لم يتم تطبيقها - سيشارك في الاحتفال ليس فقط حاخامات أرثودوكسيون وقساوسة أفنجلستيون مثلما لدى ترامب، بل أيضاً فلسطينيون. ولكن ما سيتبعه لن يكون مختلفاً جداً. فرص لالتقاط الصور، مبعوث خاص، وفي أحسن الأحوال ربما يكون هنالك مؤتمر.
رؤساء ورياح ولكن لن يهطل المطر. سيواصل الفلسطينيون نزف دمائهم على جانب الطريق، الجزمة الإسرائيلية تجثم على رقابهم وتخنقهم، والأصفاد تقيد أيديهم في حين أن عُمان سيتم ضمها أيضاً لـ»عملية السلام».
وليس هنالك موضوع موحد، يوجد عليه كما يبدو اتفاق دولي واسع جداً، بين جميع الكتل الدولية وبين جميع القارات مثل معارضة الاحتلال وعدم الاعتراف به، وليس هنالك فرق بين رئيس وآخر في الولايات المتحدة. حتى الآن لم يأتِ رئيس فكّر بأن يضع له حداً، ربما حتى لم يولد بعد مثل هذا الرئيس.
لا تكفي الادعاءات المنطقية من أجل تفسير هذه الظاهرة، فكل خرائط المصالح، الداخلية الأميركية والدولية، غير مقنعة بما فيه الكفاية لتشرح أنه في موضوع واضح جداً وحاسم تماماً – وهو انعدام شرعية الاحتلال وغياب أحقيته، والسير الحثيث باتجاه تشكيل دولة أبرتهايد ومعاناة الشعب الفلسطيني، والذي الملايين من أبنائه هم الوحيدون على الكرة الأرضية ليسوا مواطنين في أي دولة – في هذا الموضوع ليس هنالك أي فرق بين إدارة وأخرى، عشرة رؤساء و53 عاما: والاحتلال في أوج قوته، واحتمالية إنهائه هي أقل من أي وقت مضى، فليكن بايدن أو ترامب.
إنها الدولة العظمى التي تمول وتسلح وتؤيد وتحمي بؤبؤ عينها إسرائيل، وتغطي على جرائمها ولا تنوي استغلال قوتها من أجل محاولة التأثير عليها والعمل على إلغاء الاحتلال. وهي أيضاً لم تنوِ في يوم من الأيام فعل ذلك. ليس هذا لأن أميركا ملزمة بفعل ذلك؛ فإسرائيل هي التي تتحمل بالأساس الذنب والمسؤولية، ولكن عندما تواصل دولة عظمى تأييدها بصور أوتوماتيكية ودون أي اشتراطات للدولة المسؤولة عن ذلك، إدارة بعد أخرى، ولم يهب رئيس واحد يسأل لماذا وإلى متى - عندها أيضاً تكون ملطخة ومذنبة في ذلك.
اليمين الإسرائيلي يمكنه أن يزيل القلق عن قلبه: سيختفي الموضوع المصيري عن طاولة من سيدخل في كانون الثاني إلى الغرفة البيضاوية.

عن «هآرتس»