بايدن يوفّر فرصة لإسرائيل بشرط إزاحة نتنياهو أولاً

حجم الخط

بقلم: تسفي برئيل


مع كل جنونه، فإن دونالد ترامب كان رئيساً ثابتاً. عرفت إسرائيل معه دائماً أين تقف. اعترف هذا الرجل من أجلها بضم هضبة الجولان وشرقي القدس، وقرر أن إسرائيل يمكنها أن تضم مناطق في الضفة؛ وفرض هذا الزعيم المحب للسلام على 3 دول عربية التوقيع على اتفاق تطبيع مع إسرائيل؛ وباع لها سلاحاً دون أي شرط؛ ولم تكن محبته لنتنياهو مرتبطة بشيء؛ وحوّل الولايات المتحدة لدولة تابعة لإسرائيل. صحيح أنه شخص فظ، كذاب أشر، فاسد، محتال، ولا يعرف مطلقاً مفهوم «حقوق الإنسان»، لكن ماذا في ذلك؟
بايدن بالمقابل بدأ يرتسم كتهديد. يبدو فقط أن تحالفاً يضم إسرائيل والسعودية وتركيا ومصر - وكلها دول فقدت درعها الأميركية مع ذهاب ترامب - يستطيع وحده مواجهة التهديد الجديد. يبدو أنه لا يوجد مناص. نتنياهو مضطر أن يستمر في رئاسة الحكومة. من سواه يمكنه أن ينقذ إسرائيل من الجنون غير المتوقع لبايدن؟
وفي نهاية المطاف­ هذا هو رئيس، قال في جملة واحدة أنه «يحب بيبي»، وأنه «يختلف معه حول كل موضوع». أعلن بايدن أنه ملتزم بأمن إسرائيل، ولكنه أيضاً يؤيد حل الدولتين. من جانب هو مخلص لعقيدة أوباما التي تقول، إن الولايات المتحدة لن تسمح لإيران بالحصول على سلاح نووي، ومن جانب آخر فإنه أعلن نيته إعادة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي، فإذا كان الأمر كذلك كيف بالإمكان الاعتماد على رئيس كهذا؟ أياً من تصريحاته نصدق؟
الفرحة التي تملكت اليسار - الوسط الإسرائيلي، في أعقاب انتخاب بايدن، وكأنه، الآن، جاء إلينا زعيم ثوري، ليبرالي، مهذب، قام بتنظيف القذارة التي خلفها ترامب وراءه، شخص سيصنع سلاماً وسيلوي يد نتنياهو، هي فرحة مفهومة ومعروفة، حيث إنها تشبه ذلك الشعور المريح الذي جاء لدى فوز بيني غانتس وقائمة «أزرق ـــ أبيض». ولكن كان ذلك سروراً للحظة قصيرة، وقد انهار في اللحظة التي عقد فيها غانتس اتفاق الاستسلام مع نتنياهو. فقط تبقى التهذيب، وحتى هذا بدأ بالتبخر. سبق وأُثبت أن التفكير - والأصح أن نقول الوهم - بأنه الرئيس الأميركي الذي يمكنه إخراج حبات الكستناء من النار، من أجل دولة تكره الكستناء، وهو أمر ليس له صلة بالواقع.
سيكون بايدن شبيهاً بطائرة مليئة بالخيرات، ولكنها لا تجد مساراً للهبوط في إسرائيل، حيث إنه قبل التصفيق ودموع الفرح بسبب فوزه، يفضل القول إنه ليس مقاولاً للوسط أو اليسار، ولا حتى للفلسطينيين. في أحسن الأحوال، بايدن يمكنه أن يكون وسيطاً، أو منظماً في مفاوضات إسرائيل مع الفلسطينيين، بشرط أن توفر له إسرائيل الشريك الذي بدونه لا يكون هناك أهمية لرئاسته.
بايدن يمكنه أن يصرخ في وجه إسرائيل بسبب البناء في المستوطنات، ويدعوها لإنهاء الاحتلال، وربما أن يجلسها مع محمود عباس. وهو سوف يثير غضبها إذا عاد للاتفاق النووي مع إيران، وهددها أنه إذا حاولت أن تهاجم بنفسها المنشآت النووية، وربما في لحظة ضعف، ربما يقدم ملاحظة أو اثنتين، بشأن نوعية الديمقراطية الإسرائيلية. ولكن طالما أن الإسرائيليين أنفسهم لم يمزقوا غلاف التيفلون الذي يغلف إسرائيل فإن أي بايدن لن يساعدها - وخلال فترة قصيرة سيصبح في إسرائيل هو الرئيس المكروه كنوع أبيض من أوباما، هو جو حسين بايدن.
التجديد الكبير والمهم الذي يجلبه بايدن هو الدعم لمحبي السلام في إسرائيل. مع ترامب لم يكن لديهم أي فرصة. هم لم يستطيعوا حتى التحذير من أنه إذا لم يتصرف نتنياهو بصورة جيدة فسيأتي الشرطي الأميركي، حيث إن هذا الشرطي كان جزءا من نظام التدمير الذي استخدمته إسرائيل ضد أي احتمالية للسلام مع الفلسطينيين. يعرض بايدن على إسرائيل فرصة، ليس أكثر. فرصة كهذه لا يمكن أن تتحقق دون إزاحة نتنياهو أولاً.

عن «هآرتس»