خالد مشعل (أبو الوليد) الذي عرفته منذ أربعين عاماً لم يتغير في أدبه وأخلاقه ووطنيته العالية، ولكنَّ رؤيته السياسية ووعيه بالآخر ومفاهيمه التنظيمية والحركية تجددت كثيراً، وأصبحت تعبيراته في السياق الوطني أكثر وحدوية؛ لأنها تجمع ولا تُفرق، وتعطي لكل ذيحقٍ حقه، فلا تهميش لأحد ولا إنكار لتضحيات أي فصيل ناضل وسبق، بل اعتراف وإنصاف بمساهمات وجهد الجميع، والتعبير بلغة صريحةبأن الشراكة السياسة والتوافق الوطني هما طوق النجاة للجميع، ولكنَّ هذا يتطلب ضبط معادلة العلاقة بين "الكل الفلسطيني" في إطار منظمة التحرير، وضمن الاعتراف بالمتغيرات التي فرضتها قوة حركة حماس وحضورها المشهود في الشارع الفلسطيني على المستويين السياسي والنضالي المقاوم.
كان اللقاء الحواري للأخ خالد مشعل؛ الرئيس السابق للمكتب السياسي لحركة حماس، والذي نظمه مركز مسارات بمشاركة واسعة عبر برنامج زووم،ومشاهدة الآلاف له على منصات التواصل الاجتماعي، فرصةً لرؤية إطلالات التجديد التي جاء بها صديقنا العزيز خالد (أبو الوليد)، والتي لقيت استحساناً وترحيباً ممن أتيحيت لهم الفرصة للتعقيب وطرح الأسئلة حول المحاور الأربعة التي تناولهابالعرض والتحليل، وهي:
أولًا) الرؤية التي طرحها في يوليو الماضي، والموسومة (المشروع الوطني الفلسطيني ومواجهة قرار الضم)، والموقف من السلطة: حلها أم تغيير وظيفتها؟
ثانيًا) لماذا لم تنجح محاولات إنجاز المصالحة، وكيف يمكن تحقيقها؟
ثالثًا) الموقف من بايدن، وإمكانية استئناف المفاوضات والعملية السياسية، والموقف من المحاور العربية والإقليمية؟
رابعًا) إلى أين تتجه حركة حماس، وما علاقتها بجماعة الإخوان المسلمين، إضافة إلى الانتخابات الداخلية للحركة؟
لا شك أن تلقائية الخطاب وانسياب لغة التعبير التي ظهر عليها الأخ حالد مشعل في تناوله لأسئلة المرحلة تلك، تعكس حقيقة صدقية الموقف والقناعة والرغبة الحقيقية في التوجه لمنصات الخلاص، بهدف النجاة والخروج من الحالة الكارثية لمشهد الحكم والسياسة التي تربعت عليه كل من حركتي فتح وحماس، وليس بعيداً عن تداعياتها المشهد الفلسطيني العام في إطاراته الفصائلية والشعبية، حيث استبدت حالة الصدمة والذهول والشعور بالعدميِّة وفقدان النصير بالجميع
لقد حملت روح الحديث ونبرة الخطاب نَفساً إيجابياً ورؤية سويِّة لرجل يحمل في فكره مشعلاً يمكن أن يصل بنا وبشعبنا إلى شاطئ الأمان، رغم شدة الأعاصير والأنواء التي تحاصرنا جميعاً في بحر من الظلمات، والذي تهتز وتتأرجح بين أمواجه العاتية أشرعة سفينتنا.
قنديل ديوجين أم مصباح علاء الدين؟!
يقال أن الفليسوف اليوناني ديوجين كان طوال حياته يحمل قنديلاً مضيئاً، ويتجول به نهاراً بحثاً عن رجل:شريف.. محترم.. فاضل.. أمين.. مستقيم.. صادق.. صريح.. مخلص.. متواضع.. بسيط.. بريء، عله يجده!! فقنديل ديوجين.. هو رمز الحكمة، والبحث عن الحقيقة. أما مصباح علاء الدين فهو يرمز للخيريِّة والقدرة. فهل جاء مشعل يحمل لنا في حواره حكمة ديوجين أم قدرة علاء الدين؟!
السؤال الذي يطرحه الشارع الفلسطيني: ما الجديد الذي جاء به حديث خالد مشعل؟ وهل هناك ما يمكن التعويل عليه كرؤية للخلاص؟ وهل لهجة الخطاب تحمل في طياتها سياسة جديدة لحركة حماس أم هي فقط تعبيرات وقناعات خاصة؟!
لا شك أن الأستاذ مشعل وضع نقاطاً على حروفٍ ساخنة لم تتعودها الساحة الإسلامية، ورسم خطوطاً على رمال متحركة تحتاج إلى أكثر من نقطة ارتكاز لتثبيتها. من هنا، وجدت أن من الأهمية استنطاق نخبة من الإسلاميين للتعقيب على نقاط خالد مشعل، والتي تلخصت في النقاط التالية:
• إنهاء السلطة بحاجة إلى توافق وطني.
• حماس من مدرسة الإخوان المسلمين الفكرية والثقافية والتربوية، ولكنها تنظيم وطني فلسطيني إسلامي مستقل.
• هناك تخوف متبادل حول الشراكة والبرنامج السياسي، وحركة حماس ترى أن يكون الجميع شريكاً في القرارين السياسي والنضالي.
• لابدَّ من برنامج حقيقي لمقاومة الاحتلال، ونحن متفقون على المقاومة الشعبية.
• متمسكون بسلاح المقاومة ولا نُخضعه لشروط التوافق، ويكون استخدامه ضد الاحتلال بقرار وطني في ظل الوحدة، والشراكة في القرارين السياسي والنضالي.
وطرح مشعل مقاربة لإنهاء الانقسام تقوم على ثلاثة عناصر: أولها العمل معًا في الميدان وفق برنامج نضالي لمواجهة الاحتلال؛ وثانيها، الشراكة في بناء المرجعيات والمؤسسات الوطنية في السلطة والمنظمة على أسس ديمقراطية؛ وثالثها، المسارعة إلى خطوات على الأرض تعزز الثقة وتعيد الاعتبار للحريات بالضفة وغزة.
أما تعقيبات النخبة الإسلامية التي استطلعنا وجهات نظرها فقد جاءت كالتالي:
- د. إبراهيم ماضي:من المهم أن نذكر أن السيد خالد مشعل والمعروف عنه الوضوح والعمق في تحليل الأمور علي صعيد وطني وإقليمي ودولي قعَّد لتلك المحاور الأربعة قبل الخوض فيها تحليلاً ونقاشاً بضرورة تحقيق هدفين، هما غاية في الدقة والأهمية ويمكن الاعتماد عليهما، وذلك من أجل ترتيب العلاقة بين "الكل الفلسطيني"بهدف إنجاح المصالحة وإعادة بناء المشروع الوطني الفلسطيني، والذي اعتراه الخلل ما بعد اوسلو.فالهدف الاول؛ هو ترسيخ جملة من المفاهيم الوطنية يقع في قلبها قبول الآخر والشراكة الحقيقية لتشكل أساساً قوياً لثقافة وطنية عابرة للفصائلية ومتجاوزة للانقسام الفلسطيني. أما الهدف الثاني؛ فهو خلق بيئة فكرية محفِّزة للعمل عند شعبنا الفلسطيني في الداخل والخارج،بغرض الخروج من نفق الانقسام، وبناء المؤسسات الوطنية للسلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية.. لقد كان أبو الوليد دقيقاًفي شرح مسألة الجمع والمزاوجة بين السلطة ومشروع المقاومة، وضرورة التوافق علي بقاء السلطة، وكذلك علي أشكال وأدوات المقاومة ضمن رؤية وطنية جامعة.
- د. عدنان أبو عامر؛أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأمة: لا شك أن المداخلة التي قدَّمها الأستاذمشعل تشكل نموذجاً واضحاً عن ترجيح كفة الخطاب الوطني الفلسطيني على الحزبي التنظيمي، مما يمنحه مكانة في الفضاء الفلسطيني العام دون البقاء داخل شرنقة التنظيم، وهي عملية طبيعية ومتوقعة بدأها مشعل منذ سنوات، من خلال امتلاكه لشبكة علاقات محلية وإقليمية ودولية من جهة، ومن جهة أخرى توجهه الذي تتبناه حماس بالعمل على قيادة المشروع الوطني الفلسطيني العام، وبالشراكة مع باقي القوى السياسية الفلسطينية.
- د. أيمن دراغمة؛نائب عن كتلة التغيير والإصلاح: إن ما طرحه الأخ خالد مشعل ينسجم مع تطلعات شعبنا كأهداف عامة ورؤية النخب الفلسطينية للخروج من المأزق،وهو خطاب يمتاز بالواقعية والعمق ويؤسس لقواعد العمل المشترك، من خلال فهم الواقع والظروف المحيطة واسباب الانقسام وحاجة الأطراف كافة وتخوفاتها، وبناء على ما تمَّ من تفاهمات سابقة وما حدث مؤخراً من خلال لقاءات التقارب..ليس أمامنا اليوم سوى مسار واحد يؤدي إلى نتائج مقبولة وهو مسار التأسيس السليم للشراكة الوطنية الجامعة، من خلال تشارك المسؤوليات وتحمل التبعات والذهاب لعملية اعادة تشكيل وبناء جديدة، على قاعدة وثيقة الأسرى. أنا أرى أن ما تمَّ تقديمه بحاجة لإجابة صريحة وواضحة من طرف الرئيس، الذي بيده مفاتيح قيادة تغيير الواقع الفلسطيني الحالي نحو رؤية مشتركة وعمل مشترك ومؤسسات منتخبة وقوية وفاعلة .
- د. أحمد دلول؛كاتب ومحلل سياسي: إن من شاهد الحوار حقيقة يدركُ أنَّ الأستاذ خالد مشعل ما زال يتابع حيثيات المشهد السياسي الفلسطيني بتفاصيله الواسعة، وقد امتلأت كلمته بالمصطلحات الوطنية،حيث تحدَّث بلهجته وطنية متميزة، وأقصد هنا أنَّه قد تجاوز الكثير من تفاصيل الهوية الحمساوية في خطابه، كالتأكيد على وطنية حركته ذات الأصول الإخوانية، والمطالبة بالشراكة في صناعة القرار الفلسطيني، وكذلك عرض أن يكون استخدام سلاح المقاومة بقرار وطني، وهنا ربما لو لم أعرف الرجل من قبل لاعتقدتُ أنَّ المتحدث هو رجل دولة بخلفية إسلامية، وأعتقد أنَّ هذه الحالة يجب تعميمها على قيادات الحركة الإسلامية من الصف الأول وما دون ذلك.
- د. أكرم رضوان؛ أستاذ جامعي: خطاب مشعل كماعهدناه خطاب سياسي ووطني بامتياز، ففيه قليل من الأيديولوجيا والعواطف.. كثير من السياسة والواقعية، وهو يحاول أن يُقدم مقاربةً وطرحاً يمثّل توافقاً بين القوى الفلسطينيّة.. كما أن خطابه يتسم بلغة توافقية ونَفسٍإيجابي وانفتاح على جميع الأطياف، فتراه يُثني على الآخر ولا يسفهه، ويتعامل معه على أساس الشراكة والهمّ العام والانتماء للوطن، وليس من منطلق التنافسية أو العداء، فتراه يترحم على عرفات ويشكر عباس ويثتي على الإخوة في فتح، ويركز في حديثه على المساحات المشتركة ويضع الخلافات جانباً. ولخَّص كل هذا -كما ورد في مقدمة حديثه في اللقاء-بأنه يسعى لترسيخ ثقافة عابرة للفصائلية وللحزبية ومتجاوزة لحالة الانقسام.. وعندما يتحدث عن الانقسام، فإنه يُشخّص الهواجس والتخوفات لدى الطرفين،والمسببة لعرقلة مسار المصالحة بشكل واضح، بعيداً عن الكلام المنمق. ومشعل من القادة القلة الذين لديهم جرأة ليعترف بوجود أخطاء لدى حركته، ولا ينفي حدوث ذلك.. كم نحن –حقيقة- بحاجة الى أن يتحول هذا النموذج (مشعل) إلى ظاهرة لدى الساسة الفلسطينيين، وألا يتحول خطاب التوافق لخطاب موسمي حسب مزاج القادة أو مساعي المصالحة، نحتاج هذه الثقافة وهذه النماذج لتعزيز الثقة والشراكة والتأسيس لبناء مرجعيات موحدة.
- د. صبحي رشيد اليازجي؛ أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الإسلامية: بعد أن استمعت إلىالأستاذ خالد مشعل في كلمته حول المصالحة الوطنية الفلسطينية، قلت: حق للشعب الفلسطيني أن يفاخر بشخصية قيادية منحها الله البصر والبصيرة والرؤيا الواضحة للمشروع الوطني الفلسطيني، والتي تدور حول ترسيخ المفاهيم الوطنية وتشكيل الثقافة، وخلق بيئة فكرية سياسية ونفسية تكون محفزة لدى الجميع، لخوض غمار الميادين المختلفة في مواجهة ما يدور حولنا.. كما أنه وقف كقائد مسئول وعارف يتحدث عن سلبيات الماضي بكل قوة وجرأة، وكان هذا من باب فتح الآفاق ووضع الجميع أمام مسئولياته، ولكن أخشى ما أخشاه أن لا تلتقط حركة فتح هذه الرسالة وتكابر وتعاند كالمعتاد، فلا تعترف هي الأخرى بأخطاء الماضي، لنسير معاً وسوياً نحو بناء الدولة والإنسان الفلسطيني، برؤيا واضحة المعالم، ولا نأبه بقوى الشر.
- د. مأمون أبو عامر؛ كاتب ومحلل سياسي: ما يميز حديث الأستاذ خالد مشعل عن المصالحة تقديم رؤية تفتح الطريق للعمل المشترك بين الفصيلين الكبيرين، على قاعدة التعاون فيما يخدم المصالح الوطنية العلياللشعب الفلسطيني وتجاوز الخطوط الحزبية لصالح الخط الوطني الجامع، الذي يشعر المجموع الوطني بحاجة ماسة له، خاصة في هذا التوقيت بالذات، من خلال الدعوة للاتفاق على العمل معاً وفق برنامج نضالي مشترك لمواجهة الاحتلال والظهور بموقف موحد والتعاقد على الشراكة في بناء المؤسسات الوطنية والسلطة والقرار السياسي، مع المسارعة لاتخاذ خطوات على الأرض لإطلاق الحريات وبناء نظام لكي يشعر الجميع بأنه في وطنه وخلق واقع ثقة..لقد تجاوز مشعل اكبر تحدٍ طُرح في وجه حماس وهو مسالة الاستعداد لمناقشة مكانة سلاح المقاومة.وضرورة أن يكون قرار الحرب والسلام باتفاق وطني ولبس حكراً لأي طرف من الأطراف.
- م. سفيان أبو سمرة؛وكيل وزارة سابق: إن هذة الرؤية تمثل نقطة انطلاق ودعوة صريحة وواضحة للوحدة والعمل المشترك في ساحات العمل الوطني الفلسطيني، دعوة إلى إزالة كل حواجز التفرد والانعزال والتفرق، دعوة صادقة لصياغة أهداف واستراتيجيات المشروع الوطني الفلسطيني ككل دعوة إلى توحيد صورة الشعب الفلسطيني أمام الكل الإقليمي والعالمي.. نأمل أن تجد هذة الدعوة صدىً صادقاًلدى إخواننا في حركة فتح حتى نكون يداً واحدة على من سوانا.
- د. حسام الدين الجزار؛ أستاذ التاريخ بجامعة الأقصى: حين يتحدث الأستاذ خالد مشعل في السياسة تجد أن نفسكَ منسجمة مع انسيابية أفكاره، حيث يستطيع بناء الفكرة بطريقة عبقرية..لقد استطاعالرجل أن يصنع الدواء للداء الذي أصاب القضية الفلسطينية، وتمكن أن يكون جرَّاحاً ماهراً.لقد كان واضحاً وسلساً في أفكاره التكتيكية والإستراتيجية، حيث تحدث بحروف وكلمات محددة وبزمن محدد، بعيداً عن النرجسية والخطابات اللولبية. إن حالة الفهم والوعي والوطنيةكانت حاضرة بقوة في خطابه،وكذلك البعد عن الحزبية.
- د. فهمي شراب؛ أستاذ جامعي؛ في الحقيقة، قدَّم الأستاذ مشعل في حواره حلولاً عملية وواقعية بعيداً عن لغة التنظير، وأعطي لكل طرف من فواعل القضية الفلسطينية حقه حسب مدى قوته وتأثيره، وأظهر حرصاً على لمِّ الشمل الفلسطيني وتقديم خطة عمل مشتركة وتقارب أكبر تجاه تحصين مجتمعنا، والاهتمام بكل الشعب الفلسطيني في الشتات والداخل وغزة والضفة. وقد أصاب الوصف عندما قال:"إن المفاوضات فشلت بينما المقاومة لم تفشل"، بل نرى أنها طورت نفسها ولا تزال رغم الحصار. إن خطاب مشعل في جوهره وحدوي وواقعي، ويكشف بأنه على مقربة دائمة بكل تفاصيل القضايا الفلسطينية وتحديثاتها.
- د. أيمن أبو العنين؛ أستاذ جامعي: بداية، اعتقد بقوة أن الخطاب السياسي الأخير للأستاذ خالد مشعل كان وطنياً خالصاً، ويشتمل على عدة نقاط ارتكاز أساسية لجمع الشمل الفلسطيني وتوحيد الصف الوطني، لقد كان خطاباً ناضجاً برؤية وطنية، بعيداً عن الرؤية الحزبية الفصائلية الضيقة، كما أن الخطاب كان صريحاً في الاعتراف بتضحيات الآخرين، وأن الكل الفلسطيني هو جزء أساسي في عملية التحرير المتواصلة واستعادة الحقوق.. بصراحة، لقد حلَّق الاخ الأستاذ خالد مشعل في سماء الوطن بكلماته كنجم منير، يقدم حلولاً مقنعة للحالة الفلسطينية على كل الأصعدة الوطنية.. علاوة على ذلك، إن الأخ مشعل؛ غادر مربع الحزب بمحدداته الضيقة إلى فضاء الوطن واتساعه للجميع، لقد سبق الاخ الأستاذ مشعل الجميع من قادة الفصائل الوطنية في تقديمه الحلول الوطنية الفلسطينية، والتي توحد وتجمع ولا تفرق.
- الأستاذ أحمد أبو ارتيمة؛ناشط مجتمعي: في رأيي أن الأستاذ خالد مشعل هو شخصية وطنية يتميز حضوره بقدرته على بعث الأمل في نفوس شعبه حتى في ظل الأوقات والتحديات الصعبة. ربما أهم ما يتميز به أمران: الخطاب الوحدوي الذي يتبناه، وحثِّه دائماً عن المساحة المشتركة التي يمكن أن تجتمع عليها قوى العمل الوطني، وحتى حين ينتقد البرنامج السياسي للآخر فهو يفعل ذلك بنبرة هادئة غير توتيرية وخطاب عقلاني بعيد عن لغة التخوين والتهجم الشخصي. أما الميزة الثانية؛ التي تحسب له فهي جرأته على النقد الذاتي، وهي ميزة نادرة في حالتنا الفلسطينية، كأن يقول قائد سياسي: "نعم؛ لقد أخطأنا" في اجتهادنا!! إن هذه الميزات تجعل من الأستاذ مشعل قائداً وطنياً قادراً على تجاوز حدود الفصيل وبإمكانه تذليل العقبات واكتساب مساحات جديدة في الساحات الخارجية، فنحن حقيقة في حاجة إلى تعزيز هذا النهج من الخطاب التجميعي الهادئ العقلاني .
- الأستاذ إبراهيم خضر؛ ناشط شبابي: في بعض الأحيان لا يجد المرء ضالته إلا في اختراع التناقضات المريحة، لا لشيء إلا ابتغاء الإنصاف، فأن تجد رجلاً منَّ الله عليه بإتقان الجمع بين الممارسة والتنظير لهو أمر جدير بالاحترام والتقدير، لكنَّ مستنقع الأزمات الذي يحاول مشعل إخراجنا منه لا يحتاج مجرد قائد أو سياسي محنك، بل يحتاج زعيماً قادراً على الأخذ بيدنا إلى برِّ الأمان..في ظني، أنه برؤيته الوطنية ومنطقه الذي يدعو للشراكة والتوافق يمكن أن يقربنا مما نطمح إليه من وحدة الصف وتصويب البوصلة.
- الأستاذ عبد الرحمن زيدان؛ نائب عن كتلة الإصلاح والتغيير: منذ عرفت الأستاذ خالد مشعلمنذ أربعة عقود وهو يتميز بحضور بارز بين أقرانه،كما أن شخصيته محببة جذابة، وهو يتمتع بفهم عميق واضح وبحجة وبيان وشخصية جامعة تظهر عليها سمات الروح الشفافة.. لا تختلف عليه الأراء،فهو قادر دائماً على احتواء إخوانه في مختلف المواقف. اليوم، يظهر أكثر نضجاً وعمقاً ووضوحاً واقناعاً ليس على المستوى التنظيمي، بل تجاوز أطر التنظيم وقيود الفكرة إلى الفضاء الوطني،وهذا ما سمعته من قيادات الفصائل الذين تعاملوا معه وخبروه عن قرب.
- م. باسم شراب؛.... : لا شكَّ أن هناك تغيراً في الأفكار، ولو طُرحت هذه الأفكار بعد انتخابات التشريعي في 2006 لتجنبنا كثيراً من الخلافات، وحافظنا على الحد الأدنى من العمل الفلسطيني المشترك.لاشك أن هناك تغيراً واضحاً في الفكر الإسلامي، كما عبر عنه الأستاذ خالد مشعل، وهو أن حاملي الفكرة الاسلامية هم جزءٌ من كُل، وأن الوطن يتسع للجميع، وأن الجميع يجب أن يعمل لتحقيق الغايات الوطنية الأساسية؛ سواءًأكان ذلك داخل منظومة الحكم والتمثيل الرسمي أم في المعارضة.
في الحقيقة، إن ما عليه نخب الحركة الإسلامية وحركة حماس اليوم هو أقرب لما تحدث به الأستاذ خالد مشعل، وأنا من وجهة نظري أن هذا النهج هو التوجه المستقبلي للحركة، والذي به ستردم هوَّة الخلاف في الخطاب السياسي بين حركتي فتح وحماس، ليأخذ السياق الوطني تجلياته في أدبياتنا الحركية ومساراتها النضالية، كون السياسة –باختصار-هي درجة انصهار الأيدولوجيا واحتراقها.