تقارب مصري - تركي: هل هناك فرصة؟!

هاني حبيب.jpg
حجم الخط

بقلم: هاني حبيب

مؤشرات تنشط حيناً ما تلبث أن تهدأ حيناً آخر، تفيد بأن هناك مراجعة حثيثة من قبل القيادة التركية للتقارب مع جمهورية مصر العربية، بعد قطيعة امتدت لأكثر من سبعة أعوام شهدت العلاقات بينهما خلالها حرباً باردة واتهامات متبادلة، وحسب بعض المتابعين جرى في الأيام الأخير ما يشبه الغزل السياسي من قبل القيادات التركية نحو القاهرة، كان آخرها تصريح وزير الخارجية التركي مولود شاويش أوغلو قبل أيام، عن أنه يتوجب تحسين العلاقات التركية مع مصر وإسرائيل والسعودية، وذلك في إطار يحفظ السلام الإقليمي والأمن والاستقرار في المنطقة، حسب قوله.
هناك ثلاث قضايا رئيسية كانت سبباً في القطيعة بين البلدين، الحرب على الإرهاب ذلك أنّ أنقرة تستضيف عدداً من قادة «الإخوان المسلمين» وشخصيات من المعارضة المصرية تفتح لهم أبواق وسائل إعلامها ودعايتها، كذلك حالة الاستقطاب شرق المتوسط على خلفية «حروب الغاز»، ومؤخراً المسائل المتعلقة بالتدخل العسكري السافر في ليبيا، الأمر الذي تعتبره القاهرة تهديداً للأمن القومي المصري.
فيما يتعلق بملف «الإخوان المسلمين» كان من اللافت حديث الرئيس التركي أردوغان بأنه لا مانع من اجتماع مسؤولي المخابرات من البلدين، وسبق هذا التصريح المفاجئ طلب وزير الخارجية التركي زيارة للقاهرة بصحبة مسؤولين أمنيين، شريطة عدم الإعلان عن ذلك، مع حرص أنقرة على تفهّم طلب القاهرة بتسليم المطلوبين من خلال طرف ثالث، إلا أنّ القاهرة تجاهلت التعقيب على تصريح أردوغان، كما لم تلتفت إلى تكرار الخارجية التركية لطلب زيارة وزيرها للقاهرة، بينما سرّبت وسائل الإعلام المصرية أنّ القاهرة لم تطلب أصلاً تسليم المطلوبين، إلا أنّ أنقرة تدرك أن هذا الملف يشكل عقبة كبيرة أمام مساعيها للتقارب مع القاهرة.
وإذا صح ما نقلته فضائية «روسيا اليوم» في 20/9/2020، بأنّ لقاءً واحداً عقد بين الجانبين داخل السفارة المصرية في أنقرة، بين نائب رئيس جهاز الاستخبارات التركي ودبلوماسي مصري؛ بهدف التعرف على المطالب المصرية لتعبيد الحوار بين البلدين، وذلك دون أن يكون هناك رد مصري، ما يشير إلى أن القاهرة تتريث كثيراً وتتحسب أكثر في التعامل مع آليات المراجعة التركية للتقارب معها، مستفيدة من أزمات النظام التركي الداخلية والخارجية، والتي تدفعه لمثل هذه المراجعة التي هو بحاجة إليها لتكريس نفوذه في منطقة معقدة وخارطة سياسية اقتصادية أمنية مستقطبة ومتغيرة.
ويلاحظ أن معظم التصريحات السابقة لهذه المراجعة من قبل القيادات التركية كانت تشير إلى علاقات طيبة مع الشعب المصري، إلا أن التصريحات الأخيرة أشارت بوضوح في سياق صياغة مختلفة إلى علاقات طيبة مع «الشعب المصري والدولة المصرية»، ما يشير إلى تطور ملموس في آليات التقارب المقترحة والمبادرات المرتقبة من قبل أنقرة لتحسين علاقاتها مع القيادة المصرية، يتجاوز الإنشاء والعلاقات العامة إلى آليات العمل السياسي والدبلوماسي.
معظم الإشارات والأنباء عن مراجعة تركية لتعبيد العلاقات مع القاهرة يأتي من قبل تصريحات القيادات التركية ووسائل إعلام ومصادر تركية. في الجانب المصري على الصعد السياسية والدبلوماسية والإعلامية، هناك ما يمكن وصفه بالتجاهل، أو بالقول: إن على أنقرة أن تراجع سياساتها الشاملة في المنطقة كلها. وربما هذا ما يفسر حديث أوغلو عن علاقات مع مصر وإسرائيل والسعودية وكأنه استجابة للطلب المصري.
مع ذلك، فإن هناك ما يشير إلى أنّ القاهرة بحاجة إلى دراسة معمقة للإشارات التركية للتقارب معها، خاصة بعد الحديث المتداول أن العلاقات التطبيعية بين الإمارات وإسرائيل من شأنها أن تؤثر تأثيراً مباشراً على إيجاد بدائل لقناة السويس، الأمر الذي يدفع القاهرة إلى مزيد من التمعّن وقراءة الإشارات التركية بشكل لا يهدد مصالحها.