مع قرب انتهاء فترة التهدئة بين فصائل المقاومة ودولة الاحتلال "الإسرائيلي"، تتعاظم المخاوف من تدهور الأوضاع الأمنية في قطاع غزة، نحو جولة تصعيد جديدة؛ لكنّ إطلاق المقاومة الفلسطينية فجر اليوم عدد من الصواريخ قرب تل أبيب ومدن احتلالية آخرى، ورد الاحتلال المحدود، يُرجح سيناريوهات الهدوء على التصعيد، إلا أنّ التطورات الميدانية على الأرض تبقى هي سيدة الموقف، فهل ترجح كفة التصعيد أم الهدوء في الأيام القادمة؟
النيران الخفيفة
المختص في الشأن الإسرائيلي عاهد فروانة، رأى أنّ التصعيد مرشح في كل وقت بقطاع غزّة، وذلك نظراً للطبيعة الأمنية والظروف الصعبة التي يعيشها القطاع؛ لافتاً إلى أنّ تهرب الاحتلال من استحقاقات "التهدئة" يدفع نحو توتر الأمور ويفتح سيناريوهات التصعيد في كل لحظة.
وأضاف فروانة في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "يوجد مجموعة تقديرات تجعل سيناريو التصعيد محدود، على الرغم من أنّ حدث فجر اليوم، يُعد تطوراً جديداً في وصول القذائف الصاروخية إلى جنوب تل أبيب كما تحدث الاحتلال".
وأشار إلى أنّ الرد "الإسرائيلي" كان في بعض مناطق قطاع غزّة، ضمن" قواعد اللعبة"، أيّ تصعيد محدود ومضبوط، ويُمكن تسميته بـ"النيران الخفيفة".
وبيّن فروانة أنّ كافة الأطرف لا ترغب بتدحرج الأمور إلى أكبر من تصعيدٍ مؤقت؛ لأنّ الظروف في ظل وباء كورونا تجعل التحديات كبيرة.
بدوره، قال المحلل السياسي مصطفى الصواف: "إنّ التهديدات الصهيونية ليست جديدة؛ فالاحتلال منذ سنوات يُمارس سياسية التهديد والقصف"، مُردفاً: "لا أعتقد أننا على وشك الدخول في جولة تصعيد جديدة؛ حتى لو انتهت فترة التهدئة مع الاحتلال".
أدوات المقاومة
وبالحديث عن خشية الاحتلال من ثأر المقاومة لدماء الشهيد بهاء أبو العطا في ذكرى استشهاده الأولي، استبعد الصواف حدوث ذلك، مُضيفاً: "بدليل إطلاق صاروخ قرب تل أبيب فجر اليوم، وردّ الاحتلال بقصف بعض المواقع دون الوصول إلى مرحلة التصعيد".
وأردف الصواف خلال حديثه لوكالة "خبر": "الاحتلال لديه حسابات كبيرة؛ لأنّ أيّ عملية عسكرية يسعى لأنّ تكون ناجحة وتحقق أهدافها، مُستدركاً: "لكنّ حال ارتكب الاحتلال أيّ حماقة ستكون المقاومة بالمرصاد".
وتابع الصواف: "يوجد من الأدوات التي يُمكن أنّ تستخدمها المقاومة؛ لإجبار الاحتلال على التراجع عن عدوانه، كالبلالين الحارقة وفعاليات الإرباك الليلي، لكنّ في حال تدهور الأوضاع فقد تصل الأمور لمعركة شديدة بين الاحتلال والمقاومة".
أما فروانة فقال: "إنّه لا يوجد أيّ طرف في الوقت الحالي يبحث عن الذهاب لحرب أو مواجهة كبيرة، وسبتقى الأمور مستقرة عند البالونات الحارقة وإطلاق القذائف الصاروخية بين الحين والآخر، من أجل العمل على تطبيق تفاهمات التهدئة وإمداد الجهاز الصحي في غزّة باحتياجاته".
واستدرك فروانة: "ربما يتم التفاوض تحت النار من أجل تحريك ملف تبادل الأسرى؛ خاصةً أنّ قائد حماس في غزة يحيى السنوار، عرض قبل عدة أشهر ما يمكن أنّ نُسميه بـ"الصفقة الإنسانية" وذلك بالكشف عن مصير الجنود في قطاع غزّة، مقابل الإفراج عن كبار الأسرى والمرضى والأطفال".
استعادة سياسة الردع
أما عن أهداف الاحتلال من أيّ تصعيد قادم، قال فروانة: "إنّ الاحتلال له أهداف مُعينة في قطاع غزّة، حيث شاهدنا بعد كل حرب يسعى لتوجيه ضربة قوية للفصائل وخصوصاً حركة حماس في غزة".
واستطرد: "لكنّ لم يبحث عن إنهاء الأوضاع في غزّة، بل يحاول توجيه الضربات من أجل أنّ يضمن فترة هدوء كبيرة بعدها، أيّ ما يندرج في إطار سياسية الردع"، مُتابعاً:"من الممكن حال حدث تطور في الأمور أنّ يتدحرج التصعيد إلى مواجهة كبيرة وهو أمر مستبعد".
وأوضح أنّ جميع الأطراف لم يكن لديها في العام 2014 بالوصول إلى الحرب بصورة جدية، لكنّ الأمور تطورت ووصلت لحرب استمرت51 يوماً تبعها فترة هدوء طويلة.
وأكّد على أنّ الاحتلال يسعى دوماً من خلال الحروب والمواجهات، أنّ يُعيد سياسية الردع والعمل على ضمان فترة هدوء وإبقاء الأوضاع في القطاع محصورة في الجانب الأمني والإنساني، بدون أيّ شق سياسي، من أجل تعزيز الانقسام والحصار بين الضفة وغزّة؛ لأنّه هدف "إسرائيلي" بامتياز وبالتالي يعملون على المحافظة عليه.
كما رأى الصواف أنّه ليس للاحتلال أهداف على الأرض، سوى تأكيد وبسط سيطرته، مُردفاً: "لكنّ الاحتلال سيتألم من كثرة القذائف التي ستُطلق عليه؛ خاصةً أنّه لم يعد أيّ مكان بمأمن من سلاح المقاومة"