هستيريا في القدس: الجدران ستصبح حدوداً

111
حجم الخط

  20 تشرين الأول 2015

بقلم: يوعز هندل
اسرائيل دولة ذات مشاكل استرتيجية تنشغل اساسا بالتكتيك. فالعمليات تحرك سياقات كبرى، والغضب في الشوارع ينتج قرارات مؤقتة تصبح (رغم التصريحات) الامر الاكثر ثباتا. هكذا، بسبب أنهار الدم، نشأ جدار الفصل قبل عقد في قسم من القدس الموحدة. هكذا، بسبب الهدوء الذي جاء بعد الانتفاضة، اخترق جدار الفصل في منطقة الجنوب. هكذا تنشأ الان أسوار في العاصمة بسبب موجة «الارهاب». والعبث هو أنه بعد جدال التصريحات السياسية فان «المخربين» بالذات هم اسلحة بدائية تنتج هنا بدائل سياسية.
المشكلة المركزية في ما يجري حولنا هي الهستيريا. فـ «الإرهاب» يمكن هزيمته لانه يوجد عدو محدد، أما الهستيريا فلا. فالضغط يؤدي الى اقامة جدران سرعان ما ستصبح حدودا بلا تخطيط. والضغط يؤدي الى أخطاء في التشخيص.
في العام 1990 قتل تشارلي شلوش، مقاتل متميز من وحدة «يمم» الخاصة، على ايدي «مخرب» طعنه فقتله. أطلق الراحل شلوش النار على «المخرب» ولكنه لم يعطله. كان هذا خطأ كلفه حياته.
رغم الاخطاء الجسيمة التي تقع هذه الايام – أحدها، أول من امس، في العملية في بئر السبع، فانه ينبغي اطلاق النار على «المخربين» حملة السكاكين من أجل قتلهم. وكيف نعرف «المخرب»؟ من خلال قاعدتين يتعلمونهما في جهاز الامن. الوسيلة (السلاح) والنية (التي يستخدمها). كل من يشتبه به وليس لديه هذان العنصران ليس «مخربا»، ولكن المشبوه يجب أن يفحص. اما الهستيريا فلا تساعد في شيء.
بشكل مشابه يمكن فحص ما يجري الآن في القدس. قبل يومين كتبت أنه دون اعتراف بالواقع الذي تقسم فيه القدس حسب مستوى الحكم فيها، بلا استثمار في شرق المدينة التي داخل الجدران – من انفاذ القانون وحتى البناء – سيتم اخراج المزيد فالمزيد من الاحياء الى ما وراء الجدار. اليوم يوجد خمسة احياء كهذه. كتبت انه اذا استمر هذا سنجد انفسنا في المستقبل مع احياء اخرى بقوة القصور الذاتي. كتبت وقصدت سياق السنين، وليس سياق الساعات.
يخيل أنه، أول من أمس (رغم أنه لم يجرِ الحديث الا عن مقاطع قليلة)، بدأت مسيرة إخراج حي جبل المكبر الى ما وراء الجدار. في البداية يكون هذا سورا جزئيا فقط، بعد ذلك سيستكمل السور، وفي النهاية ستخرج الشرطة بعد عقد من الزمان (مثلما حصل في الماضي في أحياء مثل قلنديا) لن يكون هناك أي ذكر لدولة إسرائيل باستثناء دفع اموال التأمين الوطني.
في هذه الحالة ايضا هناك قواعد واضحة لتحييد الاحياء العربية. فالمنطق يقول اننا نحتاج هنا إلى وسيلة ونية من الحكومة. والا فان هذا سيكون خطأ في التشخيص او ببساطة مسيرة بلا تحكم.
أنا من اولئك الذين يعتقدون انه لا يمكن حل هذا النزاع. والادعاءات التي تطلق من جانب اليسار في الايام الاخيرة في أن ادارة النزاع فشلت – عديمة التواصل المنطقي. والاستنتاج الناشئ منها هو أنه يجب حل النزاع، واحلال السلام، اذا كان ممكنا.  
لا يمكن حل نزاع ديني، التحريض والتعليم على الكراهية بالنية الطيبة والاعلانات السياسية.
كل ما تبقى هو الادارة بمعونة الترتيبات، الاتفاقات المؤقتة، القوة العسكرية والقرارات الاسرائيلية من طرف واحد. 
ادارة النزاع اكثر تعقيدا من الحل غير الموجود في الواقع. فهي تتطلب التخطيط طويل المدى والتصدي لسياقات غير مخطط لها. 
تتطلب طول نفس، حلول وسط ومناورة سياسية، اما السماح للاحداث بالاملاء، لحملة السكاكين ببناء الجدران، تشخيص المشاكل حسب المشاعر – فهذه ادارة فاشلة.

عن «يديعوت»