غير مقبول، بل وغير مسموح، الاستهانة بأي خلاف او سوء يصيب العلاقة مع مصر. وغير مقبول التعامل معه بخفة، أو بمنطق ردات الفعل والعنتريات، ولا الارتداد الى تحالفات ومحاور بديلة ومضادة والاستقواء بها.
المقبول فقط هو معالجة الأمر بأعلى درجات الحكمة والمسؤولية، والبحث عن مسببات ذلك الخلاف أو السوء أياً كان نوعها أو صحتها او حجمها والسعي لمعالجتها بكل الوسائل والطرق المتاحة.
لا يمكن تقدير أو حصر الضرر الذي يمكن ان ينتج عن اي علاقة غير تحالفية عميقة بين فلسطين ومصر، فما بالك بعلاقة متوترة وسلبية.
فالعلاقة بين مصر وفلسطين يحكمها عامل التاريخ وعامل الجغرافيا معاً، وهما عاملان إذا حصل والتقيا بين أي بلدين او طرفين فانهما يخلقان حالة شديدة التميز والترابط والتداخل، فما بالك إذا ما أضيفت إليهما عوامل عديدة أُخرى من الانتماء الواحد الى أُمة واحدة، الى اللغة الواحدة والثقافة الواحدة، الى النضال الموحد والدم الممتزج ضد عدو مشترك، الى المصاهرة الى...الخ كما هي الحال بين مصر وفلسطين. وفي العلاقة بين فلسطين ومصر بكل عواملها يحتل قطاع غزة موقعاً متميزاً.
مناسبة هذا الحديث هو حالة التدهور السائدة بين دولة مصر بأجهزتها، وحركة حماس الحاكمة الفعلية لقطاع غزة، ومعها كتائبها المقاومة - كتائب عز الدين القسام. الحكمان الصادران عن المحكمة المصرية، باعتبار «كتائب القسام» ثم حركة حماس ذاتها منظمتين إرهابيتين، يقربان كثيراً حالة التدهور هذه من درجة العداء.
ان تدهور العلاقة مع مصر لا يمكن ان تقف أضرارها الفادحة بحال عند حدود حركة حماس و»كتائب القسام»، مهما قيل من كلام العواطف وكلام السياسة والإعلام.
فهي تطال أولاً عموم الأهل المقيمين بالقطاع، وتمتد لتطال القضية الوطنية الفلسطينية والنضال الوطني الفلسطيني والكل الوطني بجميع تشكيلاته ومؤسساته. وبهذا المنطق والفهم لا يجب بحال اعتبار حالة التدهور الموصوفة أمراً حمساوياً خالصاً، بل يجب التعامل معها والسعي لحلها بوصفها قضية وطنية عامة، وان تتولى قيادة العمل على تصحيحها وتجاوزها القيادة السياسية الفلسطينية ومؤسساتها، وعلى قاعدة التوافق الوطني الجامع. مرة اخرى يتأكد ان لا طريق للخروج من مشاكلنا وتحدياتنا سوى وحدتنا الوطنية.
علاقة «حماس» المتوترة، ثم المتدهورة، مع مصر لم تبدأ بالحكمين ولا قبيلهما ولا بفتح معبر رفح لفترات محدودة ومتباعدة ولا بهدم الأنفاق وإنشاء منطقة عازلة وصل عرضها حتى الآن الى 1000متر. فهذه العلاقة بدأت منذ سقوط حكم حركة الإخوان المسلمين في مصر.
وحماس هي، بالأصل والأساس والواقع، فرع لحركة الإخوان المسلمين- العربية والعالمية - ترتبط معها بالفكر والبرنامج والأهداف والسياسات، وبالروابط التنظيمية، وان علاقات خاصة قد ربطتها مع مركز الحركة وقيادتها في مصر. وقد عبر أعضاء ومناصرو «حماس» في مناسبات عدة عن تأييدهم ومناصرتهم لنظام الإخوان المنصرف ورفعوا فيها شعار رابعة. اي انه يمكن تصنيف حركة حماس بخانة التنظيمات الشمولية، أو فوق الوطنية، بتعبير آخر. وتزيد المرجعية الإيمانية قوة ومتانة إضافيتين لارتباطها مع الحركة الأم وفروعها وانضباطها لتوجهاتها وقرارتها.
والحال كذلك لا يمكن، بثقة واطمئنان كاملين، استبعاد احتمالية ان تكون «حماس» قدمت دعماً ومساندة لحركة الإخوان في مصر بأشكال مختلفة ومتعددة، سواء تم ذلك قبيل وصولهم للحكم وسعيهم له، أو أثناء فترة حكمهم القصيرة، او بعد إسقاط حركة الجماهير المصرية العارمة لذلك الحكم. وسواء تم هذا الدعم بقرار تنظيمي قيادي مركزي، أو بقرار مناطقي أو بمبادرات فردية. فمثل هذه الممارسة ووجوب الدعم والإسناد من طبائع وموجبات العلاقات بين التنظيمات فوق الوطنية على اختلاف مرجعياتها الفكرية، أممية كانت أو قومية أو دينية او غيرها، ولا تختص بهذا النوع من العلاقة «حماس» وحدها ولا تنفرد بها.
لكن ذلك لا يفترض به أن يشكل أساسا كافيا لان تصل العلاقة الى هذه الدرجة من التدهور المتجهة نحو العداء. يبقى ذلك صحيحا حتى مع الرؤية الموضوعية والمتضامنة لما تمر به مصر من ظروف صعبة على اكثر من مستوى وهي تعالج الإرث الثقيل للحكم السابق في اكثر من مجال، ولما تتعرض له من مخاطر واعتداءات دموية وتدميرية من قوى الظلام والعدوانية الداخلية، وعبر حدودها، ومن قوى إقليمية، وكلها تلتقي على محاولة النيل من أمن مصر واستقرارها وتوجهها للتنمية واستعادة دورها الطبيعي في المنطقة.
صحيح ان الحكمين اللذين صدرا كانا قاسيين وربما بأكثر مما تحتمله الأمور، لكن لا يجب التسرع بإلقاء تهمة التسييس عليهما، على قاعدة الثقة بعدالة القضاء المصري وحياديته، فالحكم يصدر بشكل طبيعي استنادا الى الأوراق والوثائق والبراهين التي يقدمها الادعاء، والحكمان صدرا في غياب هيئة دفاع موكلة. والحكم لا يزال في درجة تسمح بنقضه من درجات قضائية اعلى، فلماذا لا يتم سلوك اكثر الطرق طبيعية ومباشرة وهو التوجه نحو نقض الحكمين عبر سلك القضاء وتقديم ما يلزم من الأدلة والبراهين اللازمة لذلك ما دام هناك ثقة واطمئنان الى عدم صحة الأدلة والبراهين التي تأسس عليهما الحكمان.
يساعد على هذا التوجه ضعف المقبولية للحكم بشكل عام، كما عبرت عن ذلك بجلاء جامعة الدول العربية التي أعلنت انها لا تعتدّ بالحكم.
المهم الا يسمح لهذه القضية ان تتفاعل بشكل سلبي بما يؤثر على موقف المواطن المصري العادي الذي تعشش القضية الوطنية الفلسطينية ودعم الحقوق الوطنية والنضال الوطني الفلسطيني في عقلة وقلبه ووجدانه ودماء شهدائه، ولا على المواطن الفلسطيني الذي يؤمن بعمق بأهمية وخصوصية وريادية الدور المصري وتلاحمه مع الشعب الفلسطيني ودعمه لحقوقه التاريخية في ارضه، وإسناده المتميز لنضاله الوطني.
المقبول فقط هو معالجة الأمر بأعلى درجات الحكمة والمسؤولية، والبحث عن مسببات ذلك الخلاف أو السوء أياً كان نوعها أو صحتها او حجمها والسعي لمعالجتها بكل الوسائل والطرق المتاحة.
لا يمكن تقدير أو حصر الضرر الذي يمكن ان ينتج عن اي علاقة غير تحالفية عميقة بين فلسطين ومصر، فما بالك بعلاقة متوترة وسلبية.
فالعلاقة بين مصر وفلسطين يحكمها عامل التاريخ وعامل الجغرافيا معاً، وهما عاملان إذا حصل والتقيا بين أي بلدين او طرفين فانهما يخلقان حالة شديدة التميز والترابط والتداخل، فما بالك إذا ما أضيفت إليهما عوامل عديدة أُخرى من الانتماء الواحد الى أُمة واحدة، الى اللغة الواحدة والثقافة الواحدة، الى النضال الموحد والدم الممتزج ضد عدو مشترك، الى المصاهرة الى...الخ كما هي الحال بين مصر وفلسطين. وفي العلاقة بين فلسطين ومصر بكل عواملها يحتل قطاع غزة موقعاً متميزاً.
مناسبة هذا الحديث هو حالة التدهور السائدة بين دولة مصر بأجهزتها، وحركة حماس الحاكمة الفعلية لقطاع غزة، ومعها كتائبها المقاومة - كتائب عز الدين القسام. الحكمان الصادران عن المحكمة المصرية، باعتبار «كتائب القسام» ثم حركة حماس ذاتها منظمتين إرهابيتين، يقربان كثيراً حالة التدهور هذه من درجة العداء.
ان تدهور العلاقة مع مصر لا يمكن ان تقف أضرارها الفادحة بحال عند حدود حركة حماس و»كتائب القسام»، مهما قيل من كلام العواطف وكلام السياسة والإعلام.
فهي تطال أولاً عموم الأهل المقيمين بالقطاع، وتمتد لتطال القضية الوطنية الفلسطينية والنضال الوطني الفلسطيني والكل الوطني بجميع تشكيلاته ومؤسساته. وبهذا المنطق والفهم لا يجب بحال اعتبار حالة التدهور الموصوفة أمراً حمساوياً خالصاً، بل يجب التعامل معها والسعي لحلها بوصفها قضية وطنية عامة، وان تتولى قيادة العمل على تصحيحها وتجاوزها القيادة السياسية الفلسطينية ومؤسساتها، وعلى قاعدة التوافق الوطني الجامع. مرة اخرى يتأكد ان لا طريق للخروج من مشاكلنا وتحدياتنا سوى وحدتنا الوطنية.
علاقة «حماس» المتوترة، ثم المتدهورة، مع مصر لم تبدأ بالحكمين ولا قبيلهما ولا بفتح معبر رفح لفترات محدودة ومتباعدة ولا بهدم الأنفاق وإنشاء منطقة عازلة وصل عرضها حتى الآن الى 1000متر. فهذه العلاقة بدأت منذ سقوط حكم حركة الإخوان المسلمين في مصر.
وحماس هي، بالأصل والأساس والواقع، فرع لحركة الإخوان المسلمين- العربية والعالمية - ترتبط معها بالفكر والبرنامج والأهداف والسياسات، وبالروابط التنظيمية، وان علاقات خاصة قد ربطتها مع مركز الحركة وقيادتها في مصر. وقد عبر أعضاء ومناصرو «حماس» في مناسبات عدة عن تأييدهم ومناصرتهم لنظام الإخوان المنصرف ورفعوا فيها شعار رابعة. اي انه يمكن تصنيف حركة حماس بخانة التنظيمات الشمولية، أو فوق الوطنية، بتعبير آخر. وتزيد المرجعية الإيمانية قوة ومتانة إضافيتين لارتباطها مع الحركة الأم وفروعها وانضباطها لتوجهاتها وقرارتها.
والحال كذلك لا يمكن، بثقة واطمئنان كاملين، استبعاد احتمالية ان تكون «حماس» قدمت دعماً ومساندة لحركة الإخوان في مصر بأشكال مختلفة ومتعددة، سواء تم ذلك قبيل وصولهم للحكم وسعيهم له، أو أثناء فترة حكمهم القصيرة، او بعد إسقاط حركة الجماهير المصرية العارمة لذلك الحكم. وسواء تم هذا الدعم بقرار تنظيمي قيادي مركزي، أو بقرار مناطقي أو بمبادرات فردية. فمثل هذه الممارسة ووجوب الدعم والإسناد من طبائع وموجبات العلاقات بين التنظيمات فوق الوطنية على اختلاف مرجعياتها الفكرية، أممية كانت أو قومية أو دينية او غيرها، ولا تختص بهذا النوع من العلاقة «حماس» وحدها ولا تنفرد بها.
لكن ذلك لا يفترض به أن يشكل أساسا كافيا لان تصل العلاقة الى هذه الدرجة من التدهور المتجهة نحو العداء. يبقى ذلك صحيحا حتى مع الرؤية الموضوعية والمتضامنة لما تمر به مصر من ظروف صعبة على اكثر من مستوى وهي تعالج الإرث الثقيل للحكم السابق في اكثر من مجال، ولما تتعرض له من مخاطر واعتداءات دموية وتدميرية من قوى الظلام والعدوانية الداخلية، وعبر حدودها، ومن قوى إقليمية، وكلها تلتقي على محاولة النيل من أمن مصر واستقرارها وتوجهها للتنمية واستعادة دورها الطبيعي في المنطقة.
صحيح ان الحكمين اللذين صدرا كانا قاسيين وربما بأكثر مما تحتمله الأمور، لكن لا يجب التسرع بإلقاء تهمة التسييس عليهما، على قاعدة الثقة بعدالة القضاء المصري وحياديته، فالحكم يصدر بشكل طبيعي استنادا الى الأوراق والوثائق والبراهين التي يقدمها الادعاء، والحكمان صدرا في غياب هيئة دفاع موكلة. والحكم لا يزال في درجة تسمح بنقضه من درجات قضائية اعلى، فلماذا لا يتم سلوك اكثر الطرق طبيعية ومباشرة وهو التوجه نحو نقض الحكمين عبر سلك القضاء وتقديم ما يلزم من الأدلة والبراهين اللازمة لذلك ما دام هناك ثقة واطمئنان الى عدم صحة الأدلة والبراهين التي تأسس عليهما الحكمان.
يساعد على هذا التوجه ضعف المقبولية للحكم بشكل عام، كما عبرت عن ذلك بجلاء جامعة الدول العربية التي أعلنت انها لا تعتدّ بالحكم.
المهم الا يسمح لهذه القضية ان تتفاعل بشكل سلبي بما يؤثر على موقف المواطن المصري العادي الذي تعشش القضية الوطنية الفلسطينية ودعم الحقوق الوطنية والنضال الوطني الفلسطيني في عقلة وقلبه ووجدانه ودماء شهدائه، ولا على المواطن الفلسطيني الذي يؤمن بعمق بأهمية وخصوصية وريادية الدور المصري وتلاحمه مع الشعب الفلسطيني ودعمه لحقوقه التاريخية في ارضه، وإسناده المتميز لنضاله الوطني.