رحيل صائب عريقات في وقت قد تتبدل فيه اوراق و مواقف و قد يفتح باب من التنافس او الصراع على موقع امانة سر منظمة التحرير الفلسطينية التي تعتبر الممثل الشرعي و الوحيد كإطار وطني و سياسي و ثقافي للشعب الفلسطيني هكذا هي ابجديات انشاء منظمة التحرير و مهمتها في تمثيل الشعب الفلسطيني ، ومازالت منظمة التحرير و بخياراتها التي اعتمدتها المجالس الوطنية الفلسطينية و رئيس منظمة التحرير الرمز الذي يقرر والذي يقنع والذي يضغط والذي يرهب الى ان كانت اللحاق بالقطار الامريكي و هي كلمة الرئيس عرفات في اجتماع قيادة الاركان قبل الانسحاب من بيروت بأيام المهم موقع امانة سر منظمة التحرير التي كان الرئيس الحالي عباس يحتل هذه المهمة او مكلف بها سيان ، ومن ثم اتى عبد ربه من فصيل الديمقراطية ليمثل هذا المكان وهو خارج اطار حركة فتح وفي ظروف توجس فيها عباس من سلوكيات ياسر عبد ربه و ميوله للقائد الفتحاوي دحلان فأقصاه من منصبه كما اقصى فياض ايضا وهو ايضا من خارج حركة فتح و ليلقي المهمة على صائب عريقات كأمين سر للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير وكبير للمفاوضين الفلسطينيين ، بالاضافة الى انه عضو لجنة مركزية في حركة فتح .
قد تزيد الامور كثيرا في خلط الاوراق فكانت الاقاويل والتحليلات تتحدث عن خليفة عباس و بضرورة تحديث النظام السياسي الفلسطيني قيادة ومؤسسات وكان هناك ما هو ظهر على السطح و هناك ما دونه الخلافات والصراعات الباطنية والمعلنة على تلك الخلافة ، وهنا محمود عباس يمثل رأس جميع المؤسسات الفلسطينية للسلطة والمنظمة والامن ولكن ايضا هناك نهج واسع في الساحة الفلسطينية يعتبر ان خليفة عباس لن يكون على رأس كل تلك المؤسسات فعهد القائد الاوحد و الرمز قد ولى بعد رحيل عرفات و من اهم الاصوات التي تنادي بتوزيع زعامة تلك المؤسسات على اكثر من قائد او منتخب محمد دحلان فليس بالضرورة ان يكون رئيس منظمة التحرير هو رئيس السلطة او القائد الاعلى للأمن و كذلك امين سر منظمة التحرير اي ازدواجية المهام والمواقع ، وباعتبار ان منظمة التحرير تمثل الكل الفلسطيني ولا تمثل فصيل ، ولذلك ليس محبذا ان يكون امين سر منظمة التحرير او رئيس منظمة التحرير عضو مركزية في فتح او فصيل اخر ، اي هذا المنصب للوطنية الفلسطينية الشاملة .
المهم في هذا الموضوع وامام مركبات اضافية للصراع اتت برحيل عريقات اين تتجه الرياح وماهي الاسماء المرشحة لذلك سواءا بالتحليل او الاستقراء و القرار الاخير بالتأكيد للرئيس محمود عباس ، فإذا ما استبعدنا دحلان كشخصية قوية ولها تجربة في التفاوض والحقل السياسي والامني و العلاقات الواسعة الدولية وبسبب الخلاف المعقد بين ابو مازن و دحلان فلذلك ملعب ابو مازن و قراراته بخصوص تعيين خلفا لصائب عريقات ينظر لها البعض في ظل الصراع في داخل اللجنة المركزية وقد نستبعد اسماء كثيرة في المركزية من هذا الصراع لمواقف سيياسية او تنظيمية او القرب او البعد من محمود عباس ، ولذلك الجميع يتحدث الان على الاسماء الاتية :
- حسين الشيخ ، جبريل الرجوب ، شتيه ، ماجد فرج ، باستثناء عباس زكي والاخرين .
فهل ينظر ابو مازن لتعيين خليفة صائب من داخل الصندوق الفتحاوي ام من خارجه ولكن لا ننسى هنا الضغوط التي قامت بها اللجنة المركزية للتخلي عن فياض ورامي الحمد لله وياسر عبد ربه ايضا فهؤلاء يريدون امانة السر و رئاسة الحكومة ان تكون فتحاوية و من الشيء الضئيل ان نذكر المنظور يدخل في اطار العلاقات والمصالح ، ام محمود عباس سيقفل الصندوق الفتحاوي ولأن امانة السر للجنة المركزية ليست خيار فلسطيني بحت ، فهناك دول اقليمية و دولية يرتبط التعيين لهذا الموقع بموافقتها .
فسبق ان قام الرئيس محمود عباس بتعيين رئيس المحكمة الدستورية العليا من دكتور مقيم بالمغرب وليس فتحاوي ، وقام بتعيين فياض ايضا بضغط دولي لرئاسة الوزراء وهو ليس فتحاويا و في حينها لا ينتمي لأي فصيل ، وقام بتعيين رامي الحمد الله وهو ليس فتحاويا ايضا وقام بتعيين صائب عريقات وهو من خارج اطار حركة فتح التاريخية و التنظيمية وكذلك شتيه على اعتبار كان هناك مخرج ان هؤلاء حديثي الانتساب لحركة فتح ولم يتدرجوا في اطرها التنظيمية او مؤسساتها واتوا تحت مفهوم "العضو الناظم" وهو من احد طرق العضوية التي يمكن ان ينتسب فيها العضو لفتح اذا كان ذو كفاءة او له جمهور واسع فيستقطب تحت هذا البند و من خلال مفهوم العضو الناظم و بدون نصوص تم ادخال الاخيرين الى اللجنة المركزية فما عادت العضوية في فتح ينظر لها حسب النظام والتجربة والتدرج التنظيمي وهو حال فتح في الانقلاب الذي حدث على برنامجها وادبياتها ايضا .
اذا ممكن الرئيس عباس ان يأتي بأمين سر من خارج اطار حركة فتح ليخرج من حالة التناحر والتنافس الفتحاوي على ملئ هذا المكان ، فجميع من هم متنافسين او متصارعين يعتبروا مراكز قوى في الضفة الغربية وليس بمقدور محمود عباس ان يقف ضد احدهم .
ولكن ايضا هناك ما دفع لحدوث متغير فلسطيني اتى بلقاء امناء الفصائل مع الرئيس وحوار انقرة و حوار الدوحة والان القاهرة للوصول الى توافق وطني او مصالحة او انتخابات و هي محل خلافات في التقديم والتأخير ، فهناك من يرى في فتح المصالحة اولا قبل الانتخابات مثل عزام الاحمد و هناك من يرى ان الانتخابات هي الطريق للوصول الى المصالحة و الوحدة الوطنية مثل جبريل الرجوب، وهل تنجح الوساطة المصرية في فك شفرة البيضة ام الدجاجة اولا برغم ان الضغوط و الحقيقة التي تمارسها القاهرة على كل الاطراف ناتجة من اهمية بلورة وحدة وطنية فلسطينية لمواجهة المتغيرات القادمة عن المنطقة ، فقبل الانتخابات الامريكية كان هناك متغيرات قد تحدث ويصعب مواجهتها فلسطينيا و قد تنهي القضية الفلسطينية سياسيا و جغرافيا في عهد ترامب و اما الان وان فاز بايدن فإن مشروعه مناقض لمشروع ترامب في المنطقة وان كان هناك في المدرسة الامريكية توافق على ان يكون لصالح امن اسرائيل و لكن يحتاج المجتمع الدولي وامريكا في عقد بايدن الى نظام سياسي قوي موحد للشعب الفلسطيني لتبدأ عملية التفاوض من جديد لاقامة الدولة في الضفة وغزة مع احتفاظ اسرائيل بالمستوطنات الكبرى و تبادلية الاراضي وهي قواعد اللعبة في عهد بوش واوباما و لذلك اعتقد امانة سر التنفيذية مهمة جدا للمستقبل السياسي ومهماته في المرحلة القادمة و كذلك حقيبة رئاسة التفاوض و السؤال الاخير وامام الفصائل المجتمعة التي لن تقبل ان تستحوذ فتح برئاسة عباس على موقع امانة السر ورئاسة المنظمة هذا اذا نجحت نظرية الانتخابات اولا او المصالحة اولا .