عن الخطوة الفلسطينية ورسالة إسرائيل "الملتبسة"!

حجم الخط

 كتب حسن عصفور

 بعيدا عن "دهشة" الفصائل من قرار السلطة الفلسطينية بإعادة الاتصالات مع إسرائيل، فما يجب الإشارة اليه هل حقا هناك "قيمة سياسية" للرسالة الإسرائيلية التي "استندت" اليها السلطة في قرارها، وما يمنح "الشرعية" لكسر قرارات الرسمية، بما فيها قرار مايو 2020، لتعليق العلاقات العام.

من حيث المبدأ، لا يمكن تناول الرسالة الإسرائيلية الى السلطة الفلسطينية بعيدا عن "القناة" التي فتحتها رام الله مع فريق الرئيس الأمريكي المنتخب، وما وصلها من "وعود" أصابها بـ "نشوة سياسية" لا يمكن لأي سياسي أن يغفلها، عدا من لا يحب الإدراك.

الرسالة الإسرائيلية، الى السلطة جاءت ردا على سؤال محدد، هل لازالت إسرائيل ملتزمة بالاتفاقات وما تلاها التي تم توقيعها مع منظمة التحرير الفلسطينية، ويمكن اعتباره "سؤال ذكي" سياسيا من حيث إعادة الاعتبار للإطار القانوني – السياسي الذي يربط العلاقة بين الطرفين، ما دام السلطة لم تكسر أواصر العلاقة نحو تنفيذ إعلان دولة فلسطين.

الرد الإسرائيلي تحايل بشكل ما، على جوهر السؤال، فكان الرد التزاما بالاتفاق، مع زج ذلك بقضية الأموال، دون فاصل واضح بين المسألتين، وتجاهل، بقصد معلوم تماما أي إشارة الى منظمة التحرير بصفتها "الشريك" الرسمي لتلك الاتفاقات.

ولذا ما يجب على السلطة ان تذهب اليه، وما قبل وصول الإدارة الأمريكية المنتخبة الى البيت الأبيض، الطلب مجددا، بالطريقة التي تراها مناسبة، ولكن بالضرورة أن تعرضها، عن "التجاهل" الغامض لأي إشارة للمنظمة بصفتها الطرف الآخر فيها.

وأيضا، وكي لا تنحصر المسألة في إعادة العلاقة بالمسألة المالية، والتي كان رفض استلامها موقف خاطئ من السلطة، فمطلوب التوضيح الإسرائيلي من "القضايا العالقة الأخرى"، والمعرفة في الاتفاق بقضايا مفاوضات الحل الدائم، اللاجئين، القدس، المستوطنات، الحدود، العلاقات بين الطرفين.

والى جانب ذلك، يجب توقف إسرائيل من استخدام تعبير "يهودا والسامرة" والعودة الى ما ورد في الاتفاق بأنها الضفة الغربية، ومع قطاع غزة تعتبر "وحدة جغرافية واحدة" الولاية فلسطينية عليها، وتلك مسألة جوهرية في الوقت الراهن، مع الترويج للتهويد والضم، وتوقف حكومة الكيان عن استخدام ذلك يمثل تقييدا موضوعيا للفكر "التهويدي"، وتلك ليست مسألة هامشية، بل جزء من صلب المواجهة السياسية التي يجب أن تصبح جزءا من معركة التواصل.

لعل البعض نسي تلك القضية الجوهرية في الاتفاق الأساسي الذي حكم العلاقة، وما دامت السلطة تريد الاستمرار به، فلها أن تبحث عما فقد منه بسهو أو بجهل، فتلك ليس المسألة، وفي حال لم تلتزم إسرائيل بتعريف قضايا مفاوضات الحل الدائم الخمسة، وصلتها بها، الى جانب تسمية الضفة الغربية وعلاقتها بقطاع غزة وفقا للمادة الرابعة من اتفاق "إعلان المبادئ" – أوسلو – 1993، عليها الذهاب الى ما هو حق لها.

إزالة الالتباس السياسي من الرسالة الإسرائيلية لا يقل أهمية عن قيام السلطة الفلسطينية من جانبها بوضع "مفهوم للعلاقة" التي تريد إعادتها مع إسرائيل، ووضعها في إطار أقرب للتبادلية، أي أن رفض إسرائيل تحديد ما يجب تحديده، يقابله تحديد أي تنسيق أمني وفقا لذلك، وعندها تنحصر العلاقة في البعد الخدماتي – الأمني، دون ان تتقيد السلطة بقيود دون مقابل.

ولأن موقف السلطة وقرارها بعودة الاتصالات لا يرتبط جوهريا بتلك "الرسالة الإسرائيلية الملتبسة"، لكنه متعلق بـ "وعد بايدن" الذي تحدثت عنه نائب الرئيس المنتخب هاريس، وكبير موظفي البيت الأبيض القادم، وكي تحتفظ فلسطين بحقها فيما تتنكر له إسرائيل، من المفيد أن ترسل رسالة رسمية الى فريق بايدن حول رؤيتها لإعادة الاتصالات مع إسرائيل لا يلغي ما لفلسطين من حقوق سياسية، ويمكن إعادة تسميتها نصا صريحا.

قيمة الرسالة الفلسطيني الى الإدارة الأمريكية المنتخبة، تحديد أسس الموقف الكلي دون مساس به نتاج تلك الرسالة الإسرائيلية الملتبسة، ففك تلك العقد يمثل قوة سياسية لفلسطين، تساهم بتصويب مسار فقد كل قواعده المتفق عليها، وأن تحتفظ بحقها في الذهاب الى الخلاص من الاتفاقيات الانتقالية والاعتراف المتبادل نحو إعلان دولة فلسطين عبر الشرعية الدولية، وأن المؤتمر الدولي لم يفقد أهميته بل سيكون هو القاعدة التي تنطلق منها نهاية الصراع.

تلك ما يجب استكماله قبل الذهاب بعيدا في اتصالات تنتهي بأموال المقاصة، وعندها لكل حادث حديث.
ملاحظة: دولة الكيان تستعد لفتح معركة ضد مساعدات الاتحاد الأوروبي لفلسطين..هل تبدأ الجهات الفلسطينية بالعمل لحملة مضادة وما تقدمه دولة الكيان لمجرمي الحرب وخاصة المستوطنين!

تنويه خاص: قيام رئيس حكومة العدو القومي في تل أبيب بتعزية "مواطن" سعودي بوفاة والده تكشف ضحالة التطبيع الذي هلل له الفاسد الأكبر نتنياهو...ضمير الأمة ربما أصابه "خدش" لكنه لم يمت ولن يموت!