يجب أن تعلم واشنطن أنه لن يكون هناك إخلاء للمستوطنات

حجم الخط

بقلم: د. حاييم مسغاف


لا أدري كيف أقول الأمر بالرقة الواجبة؛ ذلك أن الكياسة تفترض تعاطيا محترما مع قرار الحسم الذي اتخذ في الولايات المتحدة.
ولكن الإحساس هو أن دولة إسرائيل توشك على أن تكون عرضة لهجمة من الفوضويين المتطرفين.
غير قليل منهم أعربوا منذ الآن عن آرائهم علنا، وآخرون يخفونها، حاليا؛ على أمل أن يحظوا في السباق الجاري، الآن، في جورجيا على المقعدين الأخيرين في مجلس الشيوخ.
لا أدري، بالطبع، ماذا ستكون عليه نتائج الانتخابات هناك، ولكن إذا ما منحت الرئيس المنتخب سيطرة في مجلس الشيوخ أيضا، فإن أمورا سيئة كثيرة ستنقلب فوق رأسنا.
وهذا هو السبب، على ما يبدو، في أنهم في القدس يحاولون، الآن، تثبيت حقائق على الأرض في ظل استغلال حقيقة أن إدارة الرئيس المنصرف ستبقى في مكانها حتى 20 كانون الثاني القادم.
وتتعلق الأمور، بالطبع، سواء بالبناء المتسارع في نطاق القدس الموسعة، في جفعات همتوس وفي عطروت، أم بالنشاط العسكري ضد ايران في سورية؛ ولكن كل هذا لا يمكنه أن يهدئ روع من يعتقد ان دولة إسرائيل هي دولة رفض.
لقد اعترفت أمم العالم بحق الشعب اليهودي في أن يقيم وطنه القومي في «بلاد إسرائيل»، وهذا ما كتب في كل الوثائق الدولية (بما في ذلك في صك الانتداب الذي سلم في حينه لبريطانيا). وعمل دافيد بن غوريون بالضبط وفقاً لهذا المخطط. أقام الدولة اليهودية. وكرر هذا الاصطلاح خمس مرات في وثيقة الاستقلال.
عارضه كثيرون. حتى في اوساط اليهود وكذا في اوساط أمم العالم، ولكن بن غوريون فعل ما اعتقده صحيحا في ضوء ما قاله الحكماء، «شعب وحده يسكن – وبالاغيار لن يأبه».
وهذا ما كنت اقترحه ايضا على بنيامين نتنياهو. فالفزع زائد تماما. البناء في «يهودا» و»السامرة» سيستمر في عهد الادارة الجديدة، بل وفي عاصمتنا ايضا. ولو كان رأيي يسمع لكنت سأسارع الى تحذير كل التقدميين في المعسكر الديمقراطي من مغبة أن يحاولوا مصالحة الايرانيين. فإسرائيل لن تقف جانبا، وكفى انبطاحا.
مهما يكن من أمر، فان الدولة اليهودية هي حقيقة ناجزة، وحتى المحاولات من الداخل لتحطيم ما بني هنا بكد شديد منذ بداية استيطان الحركة الصهيونية في هذا المكان – ولكن في أي مكان آخر على وجه البسيطة – لن تنجح. ما يعني ان كل من يعتقد بأن هناك مجالاً لتقام غرب النهر دولة اخرى، يمكنه أن يتنكر لهذه الفكرة الشوهاء.
فالجيش الإسرائيلي سيواصل السيطرة في كل المنطقة التي بين البحر والنهر، وللعرب الذين يسكنون في ما يسمى «الضفة الغربية» ستكون بطاقة مواطنة، تصدرها لهم السلطة الفلسطينية.
لقد فعل الرئيس دونالد ترامب العجائب في هذا المجال، ومن المهم ان يفهموا في واشنطن ايضا بأنه لن يكون تراجع للوراء. فلن تخلى مستوطنات ولن يطرد يهود من بيوتهم. بدأ عصر جديد. اتفاقات السلام الموقعة لتوها تشهد على ذلك.
وهذا يعيدني إلى ما يحصل داخل بيتنا. ثمة غير قليل من الأشخاص ممن يريدون تبديل الحكم. هذا مشروع بالتأكيد. ولكن ليس بالطريقة التي يريدون السير فيها. لن تكون هناك فوضى. انتخابات – نعم؛ فوضى – لا. وهذا ما يقلقني؛ وتقلقني اكثر من ذلك الادارة الجديدة في العاصمة الأميركية.
إن كل من يكفر بحق الشعب اليهودي في أن يقيم هنا دولة يهودية يتعاون عمليا مع منظمات كل هدفها هو قضم قدرة دولة إسرائيل على مواصلة الوجود بالصيغة التي توجد فيها منذ قيامها. والطرق كثيرة ومتنوعة، ولكن النية واحدة. وهي لن تنجح برأيي ولكن يقف الوقت لها بالمرصاد.
وهذا اغلب الظن سيكون مصير الدولة اليهودية من الان فصاعدا وحتى الابد. من كل صوب سيحاولون قضمها. سبق لهذا ان حصل، وينبغي الأمل ألا يحصل مرة أخرى.

عن «معاريف»