بعد أشهر من مقاومة السلطة الفلسطينية؛ لسياسة الاحتلال الإسرائيلي بخصم رواتب أسر الأسرى والشهداء من "أموال المقاصة" التي تُشكل العمود الفقري لموزانتها المالية؛ والذي أدى رفض استلامها هذه الأموال لمرورها بأزمة مالية خانقة كادت تقضي على وجودها في ظل تعطل عملية المفاوضات، استأنفت مؤخراً التنسيق الأمني والمدني مع الاحتلال.
وجاء استئناف التنسيق الأمني والمدني مع الاحتلال بعد رسائل متبادلة بين السلطة ومنسق الحكومة "الإسرائيلية" تعهدت فيها الأخيرة باحترام الاتفاقات الموقعة؛ لكنّ سرعان ما انقضت "إسرائيل" على تعهداتها بإعلان خصم 600 مليون شيقل من أموال مقابل رواتب دفعتها السلطة الفلسطينية لأسر الشهداء والأسرى، الأمر الذي يطرح تساؤلات عن خيارات السلطة للتعامل مع الوضع الراهن؟ وهل تدفعها الأزمة المالية لقبول الأمر الواقع الذي فرضه الاحتلال؟ وماذا عن خيارات السلطة للتعامل مع مستحقات الموظفين؟
إنهاء ملف الأسرى والشهداء
الخبير الاقتصادي أنور أبو الرب، قال: "إنّ خصم 600 مليون شيقل من أموال الشعب الفلسطيني خلال ثمانية شهور من القرصنة، أيّ بمعدل 45 مليون شيقل شهرياً، هدفه الضغط على السلطة لإنهاء ملف الأسرى"، مُبيّناً أنّ الملف مطروح منذ فترة حكم الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما.
ولم تتسلم الحكومة الفلسطينية أموال المقاصة منذ يوليو الماضي، والتي تمثل ثلثي الإيرادات المالية بمتوسط شهري 200 مليون دولار، ما دفع الحكومة إلى صرف أنصاف رواتب لموظفيها.
ويعود عدم تسلم أموال المقاصة إلى قرار الرئيس محمود عباس في 19 مايو الماضي، وقف كافة أشكال التنسيق مع "إسرائيل"، بما فيها جلسات المقاصة بين الجانبين.
و"أموال المقاصة" عبارة عن إيرادات ضريبية فلسطينية على السلع الواردة من "إسرائيل" أوعبرها، تجبيها دولة الاحتلال نيابة عن السلطة وتحولها للخزينة الفلسطينية نهاية كل شهر، بعد اقتطاع عمولة 3 بالمئة.
وتابع أبو الرب خلال حديثه لوكالة "خبر": "منذ زمن يتم مطالبة السلطة بضغوط دولية من الولايات المتحدة وإسرائيل، بعدم دفع رواتب للأسرى، وتحويل الأسرى القدامى إلى موظفين والجدد إلى الشؤون الاجتماعية".
وبالحديث عن خيارات السلطة المالية للتعامل مع الأسرى والشهداء، رأى أبو الرب أنّ السلطة ستحول الأسرى إلى المؤسسات المدنية والأجهزة الأمنية؛ للتعامل معهم كموظفين وإنهاء هذا الملف، مُوضحاً أنّها بدأت فعلياً بتطبيق ذلك على قدامى الأسرى.
اتفاق مشترك مع الاحتلال
وأشار إلى أنّ الأسرى الجدد سيتم إحالتهم إلى الشؤون الإجتماعية ودفع مبلغ مالي لهم حسب الوضع الاجتماعي، مُشدّداً على أنّ السلطة ستتبع التوجه سابق الذكر؛ لأنها لا تستطيع مواجهة "إسرائيل" التي ستقوم بالخصم مرة آخرى من أموال المقاصة حال استمرت بتسديد هذه الرواتب.
وبيّن أنّه حال إنشاء البنك الحكومي سيتم حلّ المشكلة؛ مُستدركاً: "لكنّ الأساس بحل المشكلة هو الاتفاق مع إسرائيل؛ باعتبارها قوة الاحتلال التي تجني هذه الأموال وتجلبها للسلطة".
وختم أبو الرب حديثه، بالقول: "أما مستحقات الموظفين؛ فالأولوية لموردين القطاع الصحي؛ لتمكينهم من مواجهة جائحة كورونا، ومن ثم مستحقات الموظفين التي سيجري تسديدها على دفعات".