جل الصناعات في العالم، هي صناعات سوداء، تخلف نفايات متفاوتة الخطورة على البيئة وعلى صحة الإنسان، وتعتبر البلدان الاوروبية من اكثر دول العالم صناعة و تنمية، لكنها في الجهة المقابلة تتصدر قائمة الدول الاكثر جمالا، نظافة ونظارة، اكثر من البلدان النامية، التي تشهد نقصا كبيرا في مجال الصناعة.
نقطة استفهام كبيرة تحوم حول مصير النفايات الاوروبية؟.. بارقام مفزعة من مركز الاحصائيات "يوروستات"، الذي يقول بأن أكثر من 2.5 مليار طن من النفايات سنة 2016، منتجة فقط من الدول المنخرطة في الاتحاد الاوروبي، حيث يصدّر منها 41.1 مليون طن من النفايات الى الخارج سنة 2018، وبالطبع لمعرفة هذه الدول بخطورة النفايات الكيميائية، البلاستيكية والالكترونية، فأنها تلجأ لدفنها في القارة السمراء، مستغلة الوضع الاداري والسياسي والاقتصادي الهش.
اتفاقيات بيئية رُميت عرض الحائط..
على الرغم من اتفاقيات عدة تمنع او على الاقل تراقب دورة النفايات بين الدول، وخصوصا حضر نقلها الى الدول الفقيرة والضعيفة طبيا واقتصاديا، كاتفاقية بازل سنة 1989، الا ان معظم النفايات السامة والخطرة، تنقل الى هذه المناطق، حيث تسبب الفضلات، الامراض المزمنة وضرب في جودة التربة والهواء والمناطق الطبيعية هناك، ولعل من اشهر الفضائح البيئية على الاطلاق، ما حدث في ساحل العاج، حين تم اكتشاف مقابر لنفايات جد ضارة، بل ومميتة تزن اكثر من 400 طن، تم دفنها سنة 2006، بعد نقلها من هولاندا، حيث تسببت هذه الكارثة بصعوبات في التنفس وحساسية ورعاف واعراض اخرى مخيفة وغريبة، فيما اكد خبير بيئي وناشط في المجال البيئي، ان النفايات السوداء التي تم طمرها هناك، هي السبب في هذه العوارض، ويذكر انه لقي أكثر من 6 اشخاص حتفهم، فيما نقل ما يقارب الـ 9000 الاف شخص الى المستشفى في حالات حرجة، نتيجة هذا التسمم.
ماما افريقيا..
الام التي تتحمل عبئ اولادها.. لطالما كانت قارة افريقيا المصدر للكثير من المعادن النادرة والثمينة والمطلوبة عالميا، لكنها فقيرة مهمشة وهذه المرة .. ملوثة ومتسخة.. فنيجيريا مثلا التي احتلت المركز الاول افريقيا، في انتاج النفط سنة 2015، تواجه مشاكل بيئية كارثية، من جراء النفايات الالكترونية المتأتية من اوروبا، التي يتم تصديرها بطريقة غير شفافة وغير اخلاقية، حيث يتم دسها بين صادرات الخردة كالسيارات، فلقد كشفت دراسة امريكية ممولة من قبل وكالة حماية البيئة، ان ما يعادل 17 الف طن من النفايات الالكترونية استقبلتها نيجيريا بين سنتي 2015 و2016 من اوروبا، وهذه النفايات هي عبارة عن هواتف واجهزة الكترونية، مليئة بالمعادن الثقيلة الغير قابلة للتحلل، فتكون خطيرة على صحة الانسان وجودة التربة والهواء والماء.
النفايات.. مالحل؟
دفن النفايات في افريقيا، موضوع مسكوت عنه، ليس لقدرة القارة على تحمل رسكلتها ولا لمعرفتها التامة بطرق التخلص منها، ولكن بحجة اعادة الاستعمال والتصرف، حيث يخجل البعض بل ويرفض تسميتها بالفضلات ويختار اسم "مواد مستعملة"، لكن المشكل ليس في التسميات ولا في طرقومكان الدفن بل المشكل الاكبر هو مصدر هذه النفايات، حيث يجب على الانسان، ان يعي، اينما كان، ان المخاطر البيئية ستصل اليه وان كان في آخر نقطة في الأرض، فالمشاكل البيئية لا تعترف بحدود جغرافية، بل هي فقط مسألة وقت، وما يصيب الافريقي سيصيب حتما الاوروبي، لذلك الحل الانسب هو الحد من انتاج هذه المواد الضارة، واستبدالها بمواد ووسائل اخرى، والتفكير في تنمية مستديمة وحلول صديقة للبيئة.