بقلم: إياد الدريملي

آن أوان تطبيق قانون ذوي الإعاقة واتخاذ تدابير جديدة في فلسطين

إياد الدريملي
حجم الخط

غزة - وكالة خبر

مع حلول اليوم العالمي للأشخاص ذوى الإعاقة الذى يصادف الثالث من كانون الأول من ديسمبر كل عام, وفقاً لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في تعزيز الوعي وحشد الدعم من أجل القضايا الحرجة المتعلقة بإدماج الأشخاص ذوي الإعاقة وتنميتهم في مجتمعاتهم, وتعزيز حقوقهم ورفاههم في جميع المجالات المجتمعية والإنمائية، وفي جوانب الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية تأتي هذه المناسبة هذا العام في ظل ظروف مختلفة زادت من تدهور أوضاع الأشخاص ذوي الاعاقة، الذين يعشون أوضاع استثنائية مختلفة، فجائحة كورونا زادت من أعباءهم الاجتماعية والاقتصادية والصحية بشكل كبير على اعتبار أن فلسطين من الدول التي تعانى من وجود أعداد كبيرة من ذوى الإعاقة إلى جانب استمرار الاحتلال الاسرائيلي الذي يرتكب انتهاكات تجاه حقوقهم الإنسانية المكفولة دولياً وما آلت إليه نتائج توالى الاعتداءات والحروب على السكان المدنيين وخاصة فئات الأطفال والنساء والشباب, مع وجود قلق كبير تجاه تردي أوضاعهم في ظل واقع الانقسام الداخلي الذي يعيق من إمكانية إقرار قوانين أكثر عدالة وانصافاً تجاه الأشخاص ذوي الاعاقة  حيث تفيد الإحصائيات ان فلسطين من الدول التي ترتفع بها نسبة الأشخاص ذوي الإعاقة، وفق معطيات عام 2019 وأن هناك 92,710 فرداً في فلسطين من الأفراد من ذوي الإعاقة، 20%  من الأطفال دون سن الثامنة عشر. وأظهرت الإحصاءات أن الإعاقة الحركية هي أكثر الأنواع انتشاراً في فلسطين لظروف المجتمع الفلسطيني. وأشارت أن هناك 27% من الأفراد (18-64 سنة) من ذوي الإعاقة الذين لم يسبق لهم الزواج تعرضوا للعنف على الأقل لمرة واحدة من أحد أفراد الأسرة في فلسطين.هناك حوالي (100) اسير من الأشخاص ذوي الاعاقة، اضافة الى عمليات الاعتقال اليومية خلال عام 2020، فضلاً عن انتهاكات مختلفة تتعلق بحرية التنقل والحركة.

وكان البرلمان الفلسطيني أقر منذ حوالي 17 عاماً قانون خاص بذوي الإعاقة, اعتبر في حينه من أرقى القوانين في المنطقة العربية, ولكنه سرعان ما اصطدم مع برامج الحكومات المتعاقبة, أهملت تطبيقه وإدراجه في موازناتها العامة, لأسباب كثيرة لسنا بصدد سردها, ويشكل الاهتمام بالأشخاص ذوي الإعاقة إحدى الأولويات الفلسطينية التي تنبثق من مشروعية وحق فئة ( ذوي الهمم) في فرص متكافئة مع باقي أفراد المجتمع في كافة مجالات الحياة والحق في العيش بكرامة ومساواة  وحرية وبدون تمييز, فتحرص كثير من المؤسسات المهتمة بهذه الفئة بشكل دائم على تحقيق التنمية الاجتماعية الشاملة وتقديم الرعاية الاجتماعية المتكاملة لفئات المجتمع كافة بما فيه الأشخاص ذوي الإعاقة، ويشكل هذا الاهتمام المتزايد أحد المعايير الأساسية التي تقاس بموجبها حضارة الدولة ومستويات تطورها.

فلم تعد قضية الإعاقة فردية أو أسرية وإنما هي قضية مجتمعية تتطلب تدخلا ومشاركة جميع المؤسسات والقطاعات العامة والخاصة والمجتمع المدنى للتقليل والحد من آثار الإعاقة، كما أن حقوق المعاقين لا تقتصر فقط على تقديم الخدمات التربوية والتدريبية والتأهيلية والصحية، وإنما تعمل الدول والحكومات وفقا لدراسات وأبحاث مستمرة على إيجاد الحلول لتهيئة البيئة وتكييفها الشامل لتلبي احتياجاتهم ومتطلباتهم وموائمة بيئة مناسبة لهذه الشريحة الهامة في مجتمعنا الفلسطيني

ما نود طرحه هنا هو ضرورة تبني برامج وخطط  الدمج لذوى الإعاقة في المجتمع, وفى مقدمتها معايير موائمة المؤسسات الخاصة والعامة لذوى الإعاقة وفق قانون الإعاقة واحتياجاتهم التي تضمن جعلهم أكثر فعالية وإيجابية وانخراطا في المجتمع  كأفراد منتجين لهم طاقات واحتياجات تتطلب الشروع فوراً بتنفيذها, مثال تعديل الهياكل الهندسية للمباني والمنشآت وممرات المشاة وقوانين السير والمرور والإسكان والمواصلات , والمؤسسات العامة, والخاصة, والمصانع, والحدائق والمنتزهات والشوارع والمباني العامة, والخاصة  من أبرز الأولويات التي يجب ان تخضع لمعايير الموائمة وفق حاجاتهم وغيرها من متطلبات الحياة اليومية لتسهيل عملية دمج ومشاركة ذوى الإعاقة, مع باقي فئات المجتمع في البيئة المحيطة بهم بكل حرية واستقلالية بما يساهم تلقائيا في دمجهم المجتمعي وإشراكهم في الحياة الطبيعية.

فمن تلك الإجراءات على سبيل المثال, منع إعطاء أي تراخيص, او تلقى الخدمات العامة, والبلدية والحكومية إلا بعد ضمان الالتزام بمعايير الموائمة المستجيبة لحاجات  ذوى الإعاقة كمتطلب ضروري لتوفير بيئة مناسبة لهم، تكفل خلالها الرقابة والإشراف على  إنشاء ممرات, وسلالم, و مداخل هذه المرافق مع مراعاة كافة المواصفات الهندسية القياسية داخل هذه المباني, لتسهيل حركتهم وتجوالهم، وكذلك مراعاة القياسات المناسبة في تصميم بعض الحدائق, والألعاب من مقاعد ومظلات، وتخصيص دورات لهم وكذلك المطاعم، والمباني الخدمية، كما يتم دراسة أي معوقات قائمة وتعديلها بما يتناسب واصول  الاستخدام  الامثل و الأيسر لهم، كما يستوجب الاهتمام بجميع الالعاب الرياضية الخاصة بذوي الإعاقة والبحث عن سبل خلاقة لتامين تنقلهم في المواصلات العامة,. والخاصة.

كما يتطلب منا جميعاً الشروع بتدابير وإجراءات تكفل تبني نهجاً واقعياً وعملياً ملموساً تشرع به  الجهات الحكومية والبلدية وفق ضوابط وقرارات صارمة لا تهاون فيها لتفعيل أبسط متطلبات وحقوق  ذوى الإعاقة, وضمان حقوقهم بالوظائف العامة والخاصة بما لا يقل عن 5% وفق القانون حيث رحبت مؤخراً عدة مؤسسات حقوقية ومجتمعية بقرار الحكومة  الفلسطينية بالإيعاز لجهات الاختصاص بتعديل اللوائح والأنظمة التي تنظم عمل التأمين الصحي الحكومي للأشخاص ذوي الإعاقة في الضفة الغربية، بما يشمل الإعفاء من المساهمة المالية (5%)، وتغطية الأجهزة والأدوات التعويضية مع ضرورة تفعيل الجهات الرقابية والفرق واللجان الاهلية والمجتمعية لتضمن تحقيق عمليات الدمج في المجتمع, وتجنيبهم الشعور بالعزلة والانطواء, والاكتئاب, والإحباط, وتشجيعهم على الانخراط وممارسة الحياة الطبيعية كباقي فئات المجتمع.

ان استمرار غياب معاير وإجراءات تسهل حركة ذوى الاعاقة  في المرافق الحكومية والخاصة, ومؤسسات المجتمع المدني, يزيد من حجم الأزمة وعزل هذه الفئة المهمة, ويجعل منهم فئة انطوائية معزولة غير فاعلة رغم وجود أعداد كبيرة في صفوفهم من المواهب والكفاءات والمتفوقين واصحاب الرأي والعلم والرأي والمشاريع الريادية والنماذج الناجحة وصناع الامل من كلا الجنسين.

و لا يمكن تحقيق ذلك الا اذا قامت السلطة الفلسطينية بالالتزام بتطبيق قانون المعاق الفلسطيني وادراجه في خطط وبرامج وموازنات الحكومة واتخاذ الاجراءات والتدابير اللازمة لوضع حد للعنف تجاه الأشخاص ذوي الاعاقة و تعديل التشريعات الوطنية لجهة موائمتها مع الاتفاقيات الدولية التي أصبحت دولة فلسطين طرفاً فيها ومن بينها الاتفاقية الدولية الخاصة بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة   وضرورة تحمل مسؤولياتها في هذا الاطار من منطلق المسؤولية الوطنية والاخلاقية والقانونية والانسانية  إدماج السلطات الوطنية الفلسطينية، لحقوق ذوي الإعاقة في سياساتها وأجنداتها الحكومية، بما في ذلك اعتماد وإصدار “بطاقة المعوق”، التي نص عليها القانون، بهدف تحقيق أكبر قدر ممكن من الإدماج والمساواة، وتوفير حياة كريمة لهم والا استوجبت المحاسبة حول تأخير الحكومة في تطبيق القانون..