تشجيع الاستيطان – ليس بثمن العنصرية

حجم الخط

اسرائيل اليوم– بقلم يوسي بيلين

وقف موضوع توطين اليهود في اماكن مختلفة في اسرائيل السيادية في مركز جهود الهيئات الاستيطانية. واذا كان الهدف الاساس قبل قيام الدولة تثبيت حدود الدولة اليهودية من خلال المستوطنات (وكان لهذا نجاحا جزئيا فقط)، فمنذئذ بذل جهد هائل لتوزيع السكان للحفاظ على حدود الهدنة.

وكانت النية هي لمنع تسلل لاجئين فلسطينيين الى البلاد لفلاحة الاراضي التي تعين عليهم ان يتركوها في اثناء حرب التحرير في 1948. مئات البلدات الزراعية التي اقيمت وعشرات البلدات المدينية جاءت لتضمن الاستيطان اليهودي. لم يكن لهم اهتمام خاص للسكن في البلدات الجديدة، وفضلوا مواصلة السكن في بلداتهم.

بعد انتهاء الحكم العسكري، لم تتجرأ اي حكومة في اسرائيل على منع العرب ممن ارادوا السكن في البلدات الجديدة لان العرب هم مواطنون متساوو الحقوق في الدولة. ولم يتقبل الكثير من اليهود الوضع الذي ينتقل فيه عرب غير قليلين للسكن في بلدات جديدة اقيمت الى جانب مدنهم وقراهم. وفي بعض الحالات كانت مواجهات قاسية بل وعنيفة، ولكن بشكل عام تعلمت الاغلبية اليهودية في تلك البلدات كيف تعيش الى جانب العرب.

مرت السنوات وطفلان عربيان، من سكان كرميئيل (التي 6 في المئة من  سكانها هم مواطنون عرب)، رفعا دعوى على البلدية لانها لا تمول لهما تفقات السفر الى مدرسة عربية خارج المدينة (في كرميئيل نفسها لا  توجد مدارس لغة التعليم فيها عربية). وشطبت محكمة الصلح في الكريوت هذا الاسبوع الدعوى والمسجل الكبير، ينيف لوزون، قضى في قراره المدهش  بان “كرميئيل، مدينة يهودية، جاءت لتثبيت الاستيطان اليهودي في الجليل؛ وتمويل التسفير للتلاميذ العرب… من  شأنه ان يغير الميزان الديمغرافي ويمس بطبيعة المدينة”. ويقتبس القرار قانون القومية، الذي يقضي بان “الدولة ترى في تطوير الاستيطان اليهودي قيمة قومية.

ان قرار “المسجل الكبير” هو احدى الثمار الفجة لقانون القومية والذي هو ادانة ذاتية على نحو ظاهر لدولة اسرائيل، ويمنح اسنادا لحجج كارهيها المتكررة. هذا قانون يتعارض مع كل ما تمثله اليهودية، وهو يشكل صفعة رنانة لكل من يشرح اسرائيل في العالم. آمل جدا من المحكمة العليا، التي ستبحث في نهاية هذا الشهر في التماسات عديدة ضد قانون القومية في هيئة من 11 قاضٍ الا تستخدم قفازات من حرير وان تكون شجاعة بما يكفي لتعيده الى الكنيست وان تطالب – على الاقل – بتعديلات هامة في مضمونه منعا لوصمنا جميعا بعار لا داعٍ له. ان وعد أزرق أبيض  باجراء تعديلات على القانون لا يمكنه أن يتحقق ولا سيما لان ليس له القوة البرلمانية لعمل ذلك. اذا كان ثمة مبرر لتدخل المحكمة العليا في تشريع الكنيست فلا يوجد موضوع صحيح اكثر من هذا لمنع ضرر عن ديمقراطيتنا.

ان اولئك الذين يدافعون عن يهودية البلدات الاسرائيلية في ارضنا السيادية هم الذين يبدون الاستعداد لان يتخلوا بسهولة كبيرة عن ضمان الاغلبية اليهودية التي توجد تحت حكمنا ويقودونا جميعنا الى “حل” الدولة الواحدة التي تحكم فيها اقلية يهودية اغلبية عربية. هؤلاء الاشخاص يخترعون احصاءات اخرى تبين زعما ان  الاغلبية اليهودية شرقي نهر الاردن باقية بل وستزداد ولكنهم يخافون على الاغلبية اليهودية في داخل البلدات الاسرائيلية.

من يريد أن يشجع اليهود على السكن في مكان معين يمكنه أن يفعل ذلك بوسائل مختلفة وشرعية – وان يعرض مركزا لدراسة معمقة لليهودية واصولها، فيعلم عن يهود الشتات ويقيم مركزا اكاديميا ويجلب اليه معلمون يهود من العالم بشروط مغرية على نحو خاص. اما منع ارجاع نفقات السفر الى مدرسة عربية  عن اخوين، فليس في ذلك تشجيعا لاستيطان يهودي بل عنصرية بحد ذاتها.