هل يسقط غصن الزيتون في ذكرى الانتفاضة الكبرى؟!

حجم الخط

كتب حسن عصفور

 خلال تشييع الطفل علي أبو عليا، الذي أعدمته قوات الاحتلال دون أن تحسب حسابا لأطنان الكلمات فقيرة "النخوة السياسية"، أطلق مجموعة من الشباب والفتية، هتافا ملفتا جدا، مر مرورا عبارا خلال الجنازة كانت بلا "غضب عام"، انتهت بمهاتفة من مسؤول وآخر لوالد الطفل الشهيد، والذي لن يكون الأخير في مسلسل الكفاح الثوري لشعب قرر ألا تكون نهايته "متوسلا" كذاك الوزير العربي الجهول.

والحقيقة، ان الهتاف بذاته هو المسألة، مضمونا وممن أطلقه وتوقيته الغريب، حيث عاد بالذاكرة الى الحقبة التاريخية التي تميزت بانتصارات سياسية تاريخية، جسدها خطاب الخالد ياسر عرفات في الأمم المتحدة عام 1974، بقول سيبقى جزءا من الثقافة الوطنية، " "جئتكم يا سيادة الرئيس حاملاً غصن الزيتون بيدي وببندقية الثائر بيدي الأخرى، فلا تسقطوا الغصن الأخضر من يدي ... لا تسقطوا الغصن الأخضر من يدي ... لا تسقطوا الغصن الاخضر من يدي".

شبيبة لم تعش زمن ذلك الخطاب، وربما نادرا ما يستمعوا له في وسائل الإعلام الرسمية والفصائلية، التي ليس لها مصلحة بإلقاء الضوء على تاريخ غير حاضرها، لكن المناداة المفاجئة بقولهم "فليسط غصن الزيتون" شكل رسالة سياسية يمكن اعتبارها "الحدث المفاجئ" الإيجابي، لتكريس أن ثقافة السلام، ليس استجداء من محتل، بل هي حالة كفاحية، لن تفرض استسلاما على "شعب الجبارين".

"فليسقط غصن الزيتون"، مناداة سياسية أعمق من بيانات "الاستهبال السياسي" التي تطلقها فصائل النكبة، صاحبة الأحرف الذهبية التي لا تتآكل، بعد كل فعل عدواني، (سوف، لن، سيرى، في حال، لو تكرر، إذا استمر....)، أحرف وكلمات كانت العامل المكمل لعدوانية العدو...

"فليسقط غصن الزيتون"، قول أوجز أن مواجهة العدو القومي، تهويدا وضما لا تحتاج وعيدا وتهديدا، بل فعل وفعلا من طراز خاص، والرمزية هنا، لا تقود بالضرورة الى فتح "حرب عسكرية" أو مواجهة مسلحة، لكنها دعوة لبعض ملامح من البعد الانتفاضي، الذي له من الأوجه الكثير، وقد أشير مرارا لها، ومن باب ذكر إن نفعت الذكرى:

حراك شعبي متواصل، تعامل فعال مع شعار "قاطعوا منتجات العدو"، صياغة سلوك الرسمية الفلسطينية وكل فصائل المشهد، بما يتفق والواقع الشعبي، حراك سياسي بوضوح لا ضبابي، إعادة نسيج العلاقات الداخلية وفقا لشرعية واحدة، وقف حالة "التكاذب السياسي" التي تصيب الشعب بحالة من "القرف السياسي"...تصحيح واقع المؤسسات الرسمية بما يتوافق والمواجهة الشعبية، والكف عن سلوك التحايل على دورها، ووضع نهاية لسياسية التمييز "العنصري" بين الموظفين وفقا للجغرافيا والجغرافيا السياسية.

ملامح تفرض ذاتها مع عودة المطالبة بـ "فليسقط غصن الزيتون"، وكي لا يمر مرورا باستخفاف قد يفتح الباب لمشهد خارج السيطرة كليا، لبدء مرحلة جديدة نحو صياغة مشهد جديد..وعلى الرسمية والفصائل قبل سلطات العدو القومي، أن تعيد قراءة واقع الانتفاضة الوطنية الكبرى، التي انطلقت وبصدفة قد لا تكون عابرة مع الغضب الشبابي يوم 5 ديسمبر، حيث كان يوم 8 ديسمبر 1987، موعدا لصناعة تاريخ وطني جديد، فعل كفاحي أنتج وضع فلسطين الكيان على الخريطة الجغرافية بقيام السلطة الوطنية الأولى في تاريخ الشعب والقضية عام 1994، فتحت الطريق لقيام دولة فلسطين التي أقرتها الأمم المتحدة 2012، وقبلتها عضوا مراقبا الى حين.

ظروف ما قبل انطلاق الانتفاضة الوطنية الكبرى، لم تكن تشير ابدا الى الحدث الأهم بعد انطلاق الثورة الفلسطينية المعاصرة عام 1965، لكن مخزون الكفاح لا زمن لانفجاره، فكان يوم 8 ديسمبر 87 ليس كما بعده...

دروس تستحق أن تقف أمامها مكونات المشهد الفلسطيني، بعيدا عن "الاستعلاء السياسي" الذي كان ناظما لممارسة وسلوك أنتج أكثر مراحل تاريخ الشعب سوادا بعد النكبة الأولى عام 48...

أعيدوا قراءة مناداة شبيبة فلسطين، بـ "فليسقط غصن الزيتون" في ذكرى الانتفاضة الوطنية الكبرى، علكم تجدون ما يمكن فعله، وغيره جهزوا حقائبكم....

ملاحظة: خطاب تركي الفيصل في منتدى المنامة تمثل "درسا سياسيا" ليس لوزير خارجية العدو القومي، بل هو درس ابلغ لوزير خارجية السعودية ذاتها...كلام يستحق النشر في إعلام فلسطين مرات ومرات!

تنويه خاص: بعض فصائل قطاع غزة ذهبت لتشكيل "إطار خاص" لمواجهة كورونا..هل دق ناقوس مرحلة جديدة لبناء "إدارة مشعل المركزية"...أم هو تجسيد لقول شعبي "الفاضي بيعمل قاضي"!