في مفاجأة قد تكون الأهم سياسيا في السنوات الأخيرة داخل الكيان، فجر القطب الليكودي الأبرز جدعون ساعر، قنبلته التي جاءت دون مقدمات بالانشقاق عن حزبه التاريخي، متحديا بقوة رئيس حكومة دولة الكيان بنيامين نتنياهو.
"خطوة ساعر"، مثلت الحدث الأبرز في المشهد الإسرائيلي لما ستتركه من آثار على مستقبل الليكود ونتنياهو، وبالأساس إنهاء سيطرة دامت ما يقارب من الـ 13 عاما، نهاية ربما تفتح باب السجن للمتهم بقضايا فساد غير مسبوقة، استخدم كل ما يمكنه من "طرق التفافية" للهروب، بل ويتحدى القانون.
"تمرد ساعر"، لن يكون كما غيره من انشقاقات سابقة، كونه الأول منذ زمن داخل الليكود، الذي فرض سيطرته شبه المطلقة على الحياة الإسرائيلية منذ اغتيال اسحق رابين، بعد توقيعه اتفاق إعلان المبادئ (اتفاق أوسلو) مع الخالد المؤسس ياسر عرفات، حيث فاز نتنياهو في انتخابات 1996، ثم تم إسقاطه أمريكيا في انتخابات مبكرة 1999، فاز فيها يهود براك، لدورة انتخابية.
انهاء سيطرة الليكود على المشهد السياسي، ستكون أكثر أهمية من اسقاط نتنياهو نفسه، لأنها ستعيد توزيع الخارطة الحزبية بشكل مختلف، وتفتح الباب لمراكز جديدة، ولن يقف الأمر عند الليكود بل قد تصل الى هزة الحزب الأكثر تطرفا " حزب يمينا".
السؤال المباشر لـ "تمرد ساعر"، هل سيقطع الطريق على الذهاب لانتخابات جديدة، عبر تشكيل تحالف برلماني يتمكن من الحصول على أغلبية تسقط نتنياهو، وحكومة التناوب مع حزب أزرق أبيض، أم تستكمل نحو انتخابات جديدة، لكن كل المؤشرات تقود الى تغيير جذري في مراكز القوى، وأن نتنياهو لن يدخل بعد ذلك منزل رئيس الحكومة، ويتم استبداله بزنزانة مع بدلة سجين برقم مميز.
الهزة التي أصابات إسرائيل، أي كان مظهرها، سيكون لها ارتباط بشكل أو بآخر بالتطورات السياسية الإقليمية والدولية، والخاصة بمناقشة حل الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي (لم يعد يستخدم الصراع العربي الإسرائيلي كثيرا، رغم أن هناك أراض سورية ولبنانية محتلة)، جهود لا يمكن لها أن تصل الى نقطة "الفصل السياسي"، مع وجود نتنياهو.
وسواء كانت "قنبلة ساعر" منسقة مع أطراف غير إسرائيلية، أم جاءت تجاوبا ذاتيا للخلاص من شخصية تمثل عقبة موضوعية أمام الخروج من أزمة مستعصية جدا لحل الصراع الأطول – الأخطر في المنطقة، خاصة وهناك خطوات تطبيعية متسارعة، بعضها بلا حدود، ولا تقف عند "محرمات سياسية"، كان لها أن تشعل غضب شعوب أمتنا من محيطها الى خليجها، لكنها لم تقابل سوى بحملات "هاشتاغية" لا أكثر.
التطورات السياسية المتسارعة، وفوز الرئيس الأمريكي بايدن، وبث الروح في الرباعية الدولية، وحراك رسمي عربي، يفتح الباب لرسم خريطة حل جديد للصراع، بعد أن يتم الخلاص من خطة ترامب التي لا تمثل قاعدة حل سياسي، وبعد أن تخلى الموقف الرسمي الفلسطيني عن "العقد" التي تمسك بها الشهيد الخالد ياسر عرفات في قمة كمب ديفيد، خاصة القدس والبراق، وما يتعلق برفض الرواية التوراتية حول "الضفة والهيكل".
مستقبل التطورات الإقليمية عربيا واتساع رقعة التطبيع العام، تفرض بحثا عن "الحل الممكن" للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وتلك الحقيقة التي أدركتها الرباعية الدولية ودول الاتحاد الأوروبي، ولذا يمكن اعتبار الخلاص من نتنياهو حكما وشخصا المقدمة الضرورية لذلك.
"انتفاضة ساعر"، قد يكتب عنها التاريخ يوما، بأنها الحدث الأبرز الذي فتحت الباب لـ "الحل السياسي التاريخي الممكن"، ومفارقتها الغريبة أنها حدثت يوم 8 ديسمبر يوم الانتفاضة الوطنية الكبرى لشعب فلسطين.
دون رهانات سياسية كبرى، ولكن دون استخفاف بالأحداث الكبرى، على الرسمية الفلسطينية ان تكون مستعدة لما سيكون...!
ملاحظة: لو صدقت معلومة نقل مكان رواتب قيادات فتحاوية ليصبح رام الله بدل غزة، لاستلام كامل الراتب، فنحن أمام فضيحة مركبة لفساد مالي وفساد جيو سياسي تمييزي...كل العيب لا يكفي وصفا لما حدث لو حدث!
تنويه خاص: تمرد أهل الخليل على قرار حكومة الرئيس عباس بفرض الاغلاق في محافظات الضفة رسالة سياسية قبل أن تكون رسالة اقتصادية...من سيفرض كلمته...تلك هي المسألة التي ننتظر!