تونس في خضم الصراعات: "بال وسيباستيان" حلًا

حلًا آمال هاني
حجم الخط

تونس - وكالة خبر- بقلم آمال هاني

لئن كان التونسي اليوم متأرجحا بين كفتي الحياة، الاجتماعية والاقتصادية، وفي ظل تراكم المسؤوليات وتزاحم الأفكار تحت وتيرة المعيشة التونسية، فان التحديات زادت والرهانات صعبت لإثبات الذات والنجاة بالنفس من مخالب الضياع وأنياب الفقر والتهميش.

إذ في إثبات الشاب التونسي لنفسه بنجاحه، إثباتا بل وحجة في نجاح الدولة التونسية وقوة سيادتها ونجاع حكومتها في إدارة شؤون البلاد، ذلك أن تكون رؤوس الدولة والقائمين المسئولين فيها على علم ودراية بمشاكل الشباب، تسير لتسيير الأمور ورفع الحرج عن التونسي، بسد ثغور البطالة وخلق مواطن الأمل لعيش كريم وغد أفضل.

لكن هل حقا الدولة التونسية على علم بما يريده الشاب التونسي؟ بل هل تعمل بالفعل على تحقيق التطور المنشود؟ أو تحت سقف العجز، يكمن السكوت والبهتة؟؟ تونس بين الفقر والبطالة.. بنسبة تطال الـ18 بالمائة من البطالة لسنة 2020، حسب بيانات نشرها المعهد الوطني للإحصاء، يلتف شبح اليأس والنفور من التعليم لدى الشاب التونسي.

وبنسبة تتجاوز الـ15 بالمائة من الفقر في الجمهورية التونسية، يتساءل الشاب التونسي عن حاله، رافعا القضية للدولة والمسئولين الممثلين الناطقين فيها. هل لازال الشاب التونسي، في ظل تداعيات الوضع الراهن، يبحث ويستنير طريقه بالعودة للماضي بملامسة صدأ الطفولة القاسية على البعض، وبعثرة ما تم ترتيبه في الذهن بتراكم السنين، فقط ليعيش على وقع الذاكرة، واسترجاع قطرات حنين، لا تروي عطش الفقر ولا ترضي غول البطالة: التحدي الصح والمشكلة الشبح.

الانمي أفيون البطالة في تونس نتحدث هنا عن عودة مسلسل الكرتون أو الانمي " بال وسيباستيان" لجمهوره الأطفال أصحاب ال40 وال30 سنة، حيث فرح التونسيون بهذا الخبر، فتناقلته محامل إعلامية عدة، ليعم خير الخبر على "البطّالة" في كل مكان، خبر أزاح ثقل الهموم على كاهل الشيب والشباب، وفتح أمامهم أبواب العمل ونوافذ الأمل.

هي بادرة لن تكون إلا كأفيون لتخدير الشباب وتظليل مطالبهم في العمل، بدغدغة حنينهم لهاته الأفلام الكرتونية، ولا دور فعلي وعملي لها اليوم، سوى أنها تمثل بقعة سراب، لتغطية مهازل اقتصادية واجتماعية وجودية بحتة. أهل يمكن لطالب الخبز بلعبة أن يرضى؟؟ وهل يمكن لعطشان في الصحراء بفلم رومانسي أن يروى؟؟ بعلة ربط هاته اللعبة أو هذا الفلم بالحنين لما مضى؟؟؟ إسكات التونسي اليوم، بل واستغفاله بهاته الحلول، كمحاولة لإخماد صوته وإلهائه عن المطالبة بحقوقه، هي محاولة غبية وان دلت على شيء فهو فشل الحكومة التونسية في تلبية مطالب شبابها، والتوجه لحلول حسية نفسية مدمغجة، لا تهدف إلا لتصغير العقل والرقص على وتيرة المشاعر، بزيف الوعود.

إن الشاب التونسي اليوم باختلاف انتمائه الجهوي أو الفكري، وعلى وقع ما يعيشه من ظلم ومشاكل اقتصادية ومظاهر عنف اجتماعي من سرقة واغتصاب وقتل وغيرهم، لا يحتاج إلى أن يجتمع بشتات الماضي الزائف المتمثل في رائحة كتاب قديم أو انمي محبوب سابقا، بقدر ما يحتاج وبشدة، لان يلتقي مع أحلام الطفولة على أرض الواقع، بعد أن رسمها بكل ثقة، ظانا بوطنه خيرا، فعلى المسئولين في تونس، إعادة النظر في ما يريده فعلا الشعب، بدون تقليل لعزيمته، والعمل بمنطق الرقي والتطور، وإرساء بر صدق، لتذليل الموج أمام إرادة التونسي، فلب الأمر، التونسي اليوم يريد عيش أحلامه لا أن يظل يحلم إلى حد الموت.