قال مدير الاتصال والإعلام بوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) سامي مشعشع: "نحن نحتاج إلى 40 مليون دولار لإتمام عملية دفع الرواتب، وتقديم خدمات منقذة للحياة خصوصًا في سوريا وقطاع غزة".
وأكد في تصريح صحفي مساء يوم الأربعاء، على أن (أونروا) استطاعت توفير جزءٍ من المبلغ الإجمالي المطلوب لإتمام عملية دفع رواتب 28 ألف موظف وموظفة، وتقديم خدمات أساسية مباشرة عن شهر كانون الأول/ ديسمبر الجاري.
وأشار إلى أنه حتى اللحظة لم تحصل (أونروا) على جزءٍ كبير من هذا المبلغ، موضحًا أنه بشق الأنفس استطعنا توفير 30 مليون دولار الشهر الماضي بعد تبرع بعض الدول السخية بكامل ما عليها وزادت على ذلك، وقيامنا باستدانة 20 مليون دولار من صندوق الطوارئ المركزي التابع للأمم المتحدة.
وأوضح أن ذات الحال يتكرر هذا الشهر، بل هو أصعب، معتبراً هذه رسالةً مقلقة جداً للاجئين، وكذلك للموظفين الذين يعتمدون على رواتب الوكالة، ليس فقط لأسرهم، ولكن للأسر الممتدة بسبب سوء الأوضاع داخل المخيمات الفلسطينية، وجلُّ عامليها هم أيضاً لاجئين مسجلين لدى الوكالة.
وتابع مشعشع "لا يوجد سيولة نقدية حتى اللحظة تمكننا من دفع الرواتب كاملةً، لكن مازال لدينا فسحة من الوقت، أيام قليلة نربط بها الليل بالنهار، وهناك جهود مكثفة للمفوض العام في هذا الإطار، وجهود مميزة للأمين العام للأمم المتحدة، بالرغم من انشغالته، والمآسي التي تعم العالم، حيث يُخصص وقتاً مهماً لحث الدول المتبرعة على دعم الوكالة".
ونوه إلى أنهم مازالوا ينظرون إلى دور أكبر للدول العربية، وتحديداً دول الخليج الذين سدوا الفجوة الكبيرة التي تركها التبرع الأمريكي، حيث تبرعت ب200 مليون دولار، موزعة بواقع 50 مليوناً، دُفعت من 4 دول هي: السعودية، الإمارات، قطر والكويت، ولازلنا نصبو إلى إعادة ترجمة هذا التبرع، لكي نخرج من عنق الزجاجة.
كما أشار إلى أن هذا الوضع غير مسبوق منذ 70 عاماً، فالوكالة تنظر في أعين الموظفين وتقول لهم: قد لا نستطيع أن ندفع لكم الرواتب كاملةً، مشددًا على عمق الأزمة المالية التي تعيشها الوكالة منذ سنوات، والتي تفاقمت منذ قطعت الإدارة الأمريكية الحالية مساعداتها التي تُقدر بقيمة 360 مليون دولار سنوياً نهاية عام 2017.
ولفت إلى أن الوكالة حتى لو وفرت مبلغ 40 مليون دولار هذا الشهر، ستُضطر إلى ترحيل 70 مليون دولار، للموردين والمتعهدين لديها، وهي فاتورة لا نستطيع توفيرها لهذا الشهر، مؤكدًا على وصف الأزمة بأنها مركبة.
وأوضح أنها أزمة مستأصلة، وأيضاً أزمة سيولة نقدية، كاشفًا عن أن بعض الدول تُقدم مساعداتها للوكالة في بداية العام، وأخرى تُقدمها في أشهر متلاحقة من العام، وهناك دول قدمت مساعداتها مرةً واحدة، والآن نحاول أن نحثها أن تقدم أكثر.
وأشار إلى أن دولة مثل مملكة السويد دفعت مستحقاتها، وزادت عليها، وأيضاً وفرت جزءاً من المبلغ المخصص للعام القادم، لكي نفي ببعض التزاماتنا، ما يؤشر على مدى صعوبة الأوضاع.
وبحسب مشعشع فإن الدول التي تتبرع للوكالة هي ذاتها، لافتاً إلى محاولاتهم الحثيثة، حثَّ بعض الدول الأخرى للارتقاء بمستوى تبرعاتها البسيطة، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن هناك بعض النجاحات، وبعض الإخفاقات بهذا الجانب.
كما كشف عن كون الوكالة الدولية، دخلت في مسارب جديدة للتمويل كأموال الزكاة، والصدقات، والتبرعات الشخصية، ومن القطاع الخاص، لكنها بالمجمل غير كافية.
ووفقاً له فإن احتياجات اللاجئين خصوصاً بعد تداعيات أزمة (كوفيد 19) الاقتصادية والصحية، ضغطت ضغطاً مضاعفاً على الوكالة، وخلق وضعاً يقول الآن: إن مئات الألوف من اللاجئين دون خط الفقر، ويعتمدون على الوكالة كشريان حياة، والوكالة لا تستطيع الإيفاء إلا بالحد الأدنى من احتياجاتهم وخدماتهم.
وتابع مشعشع "نحن الآن في عنق الزجاجة ريثما يُسار إلى عقد المؤتمر الدولي في الأشهر الأولى من العام القادم، والذي نعوِّل عليه كثيراً"، مبينًا أن المؤتمر سيكون برعاية من مملكتي السويد والأردن، وهو يصبو إلى إيجاد تمويل مستدام للوكالة.
ونوه مشعشع إلى أن لجنة الحوار الاستراتيجي، والتي تُشرف عليها مملكة الأردن والسويد منذ عدة سنوات - ولولا هاتين الدولتين خصوصاً في عام 2018 عندما توقف الدعم المالي الأمريكي، حيث قادتا الجهود الدبلوماسية، السياسية والمالية المركزة للوكالة، وبالتالي أخرجتنا من مآزقٍ كبيرة- ولكن اللاجئ، الموظف والمتابع سئم من الأزمات المالية المتكررة لكل عام، لهذا السبب المؤتمر يريد أن يرى آليات تمويلية مستدامة، يمكن التنبؤ بها لعدة سنوات، وبالتالي سنقدم خطة خمسية لخلق هذا الثبات المالي، وهو مهم بالنسبة لنا، لأننا نريد أن نسترد العافية لخدماتنا بالكم والكيف للاجئين، فخدماتنا كلها تعاني من شح الموارد بشكل كبير.
وأوضح أن المؤتمر سينظر في تعزيز الدعم السياسي للوكالة، وأيضاً الدفاع عن الوكالة أمام الهجمة المسعورة لإنهائها، مؤكداً أن هذه الهجمة لم تنته، وهي مستمرة، وبالتالي هذا المؤتمر الدولي يريد أن يُثبِّت ولاية الوكالة، وأن هذه المنظمة الدولية ليست للبيع، وهي لن تذهب للبيت، وستخلق آليات مالية مستدامة تسترد من خلالها العافية لخدماتها، لكي نخلق ثباتاً للاجئ الفلسطيني في حياته، لأن كل شيء حوله غير ثابت كي يلتفت لقضايا أكثر أهمية، وهي الجانب السياسي لقضيته.
وتطرق مشعشع للعلاقة مع اتحاد العاملين بالوكالة، قائلاً : "هناك قنوات حوار مفتوحة معهم، ونضعهم بصورة التطورات، وبصورة الجهود التي تُبذل".