خلال لقاء إلكتروني نظمه البيت الأكاديمي بغزة

أكاديميون يُشددون على أهمية التربية الإعلامية في مختلف المراحل التعليمية  

التربية الإعلامية
حجم الخط

غزة - وكالة خبر

شدّد أكاديميون متخصصون بالشأن التربوي والإعلامي والتكنولوجي على ضرورة اعتماد مقررات في التربية الإعلامية والمعلوماتية لمختلف المراحل التعليمية في فلسطين من أجل التصدي لمحاولات الإخلال بأمن المجتمع، عبر تربية إعلامية تغرس الثقافة الوطنية وقيم السلام الاجتماعي وتحمي عقول الأجيال من الغزو الثقافي والانحراف والتطرف الفكري.

جاء ذلك خلال لقاء إلكتروني نظمه البيت الأكاديمي عبر تطبيق "زوم" لاستعراض نتائج دراسة علمية قدمها الباحث في مجال التربية الإعلامية د. يحيى المدهون، بعنوان: "واقع التربية الإعلامية في الجامعات الفلسطينية".

وقال المدهون: "إنّ التربية الإعلامية هي تربية هادفة تزود أفراد المجتمع بمهارات تلقي المحتوى الإعلامي وإنتاجه ومشاركته والتفاعل معه؛ لخلق تواصل إنساني وحضاري وثقافي وفكري في بيئة الإعلام التفاعلي، يرتكز على الحوار والتفاهم واحترام التعددية من أجل إرساء دعائم الأمن والسلام في المجتمع. 

وبيّنت نتائج الدراسة التي أجراها د. يحيى المدهون، أنّ دور الجامعات الفلسطينية في تمكين الطلبة من مهارات التربية الإعلامية لا يرتقي إلى مستوى أهميتها في حماية المجتمع.

وأشارت النتائج إلى الاتفاق الكبير على تعزيز أخلاقيات الإعلام، وأهمية التربية الإعلامية في تعزيز الانتماء الوطني والحفاظ على الهوية الوطنية وتمكين الطلبة من مواجهة التضليل الإعلامي.

وأوضح د. المدهون أنّ التربية الإعلامية تسهم في مكافحة الأمية الإعلامية، وهي جهود توعوية وتثقيفية في مجال الإعلام تهتم بتزويد الأجيال بمهارات التعامل معه من خلال استخدام وإنتاج ومشاركة المواد الإعلامية بصورة آمنة وأخلاقية.

ولفتت نتائج الدراسة إلى أنّ أكبر التحديات التي تواجه التربية الإعلامية هو تدني مستوى المهارات في اللغات الأجنبية، إلى جانب افتقاد الإعلام المتخصص، والتنسيق بين الجامعات والمؤسسات الإعلامية.

وفي مداخلته، قال الباحث في مجال التربية الإعلامية من مؤسسة "بيالارا" أ. حلمي أبو عطوان: "إنّ التربية الإعلامية تمثل حاجة معرفية ملحة للأفراد بغض النظر عن تخصصاتهم ومستوياتهم التعليمية"، مُؤكّداً على أهمية إدراج مساقات في التربية الإعلامية تستهدف طلبة الجامعات كافة؛ نظرًا لما يتعرضون له من محتويات إعلامية يحتوي بعضها على الأخبار الكاذبة وخطاب الكراهية. 

وتطرق أ. أبو عطوان إلى أهمية مواصلة جهود تدريب الطلبة ومعلميهم في المدارس؛ لتصبح ثقافة عامة تجنبهم من المخاطر المحتملة للإعلام وشبكة الإنترنت.

ونوّه المحاضر الجامعي والمختص التربوي أ. إسلام الساعاتي، إلى أهمية تنمية التفكير الناقد الذي يمثل محور التربية الإعلامية وجوهر اهتمامها، مضيفًا: "أن تنمية التفكير الناقد للطلبة يعد الأساس لمشاركة الطلبة في عملية التأثير الإعلامي من خلال توجيههم لصناعة محتوى إعلامي مفيد ومسؤول".

وبيّن الساعاتي أن مهارات التفكير الناقد التي تعززها التربية الإعلامية لها دور في عملية التأثر، الناتجة عن تلقي واستقبال المعلومات، لافتًا إلى أنه يقع على التربية الإعلامية الدور القوي في تنبيه الطلبة بآليات التعامل مع الرسائل الإعلامية الخبيثة بحذر شديد والابتعاد عن مشاركتها أو التفاعل معها.

من جانبه، أكّد المحاضر الجامعي والإعلامي د. أدهم حسونة، على أهمية التربية الإعلامية ودورها في تنمية المجتمع والحفاظ على استقراره نظرًا لدورها في محاربة ما تبثه الجهات المعادية من شائعات وأكاذيب وسموم تستهدف وحدة المجتمع وتماسكه، لافتاً إلى الارتباط الوثيق بين التربية الإعلامية وأخلاقيات العمل الإعلامي.

وقدم د. حسونة مقترحات تتعلق بالاهتمام في تنظيم ورش عمل وندوات، لنشر ثقافة التربية الإعلامية، واعتماد مقررات دراسية في التربية الإعلامية تتناسب مع مختلف المراحل التعليمية.

بدوره، تحدث رئيس قسم الإعلام السابق بجامعة سرت في ليبيا د. عبد الله إطبيقة، عن الدور الهام للتربية الإعلامية في مكافحة الأكاذيب والحد من خطر الشائعات وما يبث على مدار الساعة، من مواد إعلامية تحرض على العنف والكراهية، وتعمق الانقسام السياسي وتؤجج الصراع في ليبيا.

كما اشتكى د.إطبيقة، من غياب مقرر التربية الاعلامية في أغلب أقسام وكليات الإعلام في ليبيا، مؤكدًا على ضرورتها في محو الأمية الإعلامية وتوضيح الحقائق للجمهور حول مختلف القضايا.

ولفت إلى جوهر التربية الإعلامية الذي يكمن من تزويد الأجيال بآليات الاستخدام الآمن والإيجابي للإعلام، والسعي لنشر الحقيقة والصدق والنقل الموضوعي للأحداث دون تحيز، وتنمية قدراتهم على النقد والتحليل للمحتوى الإعلامي المنشور من أجل التمييز بين الأخبار الصحيحة والكاذبة.

وقال الإعلامي د. محمد قنيطة: "في ظل الانتشار الواسع لمواقع التواصل الاجتماعي باتت التربية الإعلامية ضرورة ملحة لإيجاد مواطن ناقد، إلى جانب إعلامي مهني للحد من المشكلات التي تطرأ بشكل مستمر، نتيجة الممارسة والتفاعل من قبل الطرفين مع الإعلام".

وطالب بضرورة الاستفادة من الانتشار الواسع والتفاعلية التي توفرها شبكات التواصل، لنقل ما يكتسبه الدارسين للتربية الإعلامية إلى المواطنين من أجل الوصول لمجتمع واع يخدم الوطن والقضية الفلسطينية.

وتطرق المحاضر الجامعي د. إسماعيل داوود، إلى دور التربية الإعلامية وأهميتها في نطاق تخصص التربية ومقاربتها بالتربية الموسيقية، كون الأخيرة تؤثر على سلوك ونمو الفرد الاجتماعي والعقلي والفكري والجسدي ويكتسب منها الطالب تعلم حسن الاستماع والتذوق الموسيقي وتهذب اختياره، إلى جانب اكتسابه مهارات التعاطي معها ضمن منظومة إلكترونية واسعة عبر شبكة الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي والتمييز بين الغث والسمين الذي يساهم في تشكيل شخصيته الفنية أو الإعلامية وتحسن من ثقافته ومعلوماته بشكل عام.

ودعا المحاضر الجامعي د. محمود الأسطل، لضرورة لفت انتباه المختصين بمجال الإعلام إلى تربية الأجيال القادمة على منظومة فكرية متكاملة تعرف كيف تدافع عن الافتراءات المحيطة بالقضية الفلسطينية، ولديها معرفة كافية لمحاربة الشائعات والمواد التحريضية.

وأوضح الدور الذي تؤديه التربية الإعلامية في تنمية التفكير الإبداعي والتحليل الناقد، وتعزيز القيم الإعلامية من صدق وموضوعية وعدم التحيز وتغليب الصالح العام.

وأوصى د. الأسطل، بضرورة إدخال التربية الإعلامية في مختلف المراحل الدراسية، وتعليم الطلاب التصدي للهجمات الإعلامية التي تستهدف التاريخ والقضية الفلسطينية.

وقال المحاضر الجامعي د. إياد حمدان، إن التربية الإعلامية وسيلة مهمة؛ لتحصين أجيالنا من الشائعات والأخبار الكاذبة وتزويدهم بمهارات التعامل مع الإعلام وتقنياته بوعي ومسؤولية. 

وشدّد على ضرورة حشد الجهود لمواجهة الغزو الفكري والثقافي، من خلال تقديم نموذج تربوي إعلامي يواكب تطورات هذا العصر، في ظل المتغيرات المتسارعة التي يشهدها العالم والمنطقة العربية المستهدفة. 

وبيّن التربوي والإعلامي أ. عيد العطار، أن التربية الإعلامية ضرورة ملحة في المؤسسة التعليمية؛ لتزويد الطلبة بمهارات التقييم والنقد لأي من المواقع الإلكترونية والمواد الإعلامية التي يتم نشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي حتى لا يقع فريسة للمواقع المشبوهة.

وقال أ. العطار: "نحن الآن في مرحلة من المراحل التي تتطلب منا كمعلمين وأولياء أمور وطلبة التعامل مع الأجهزة الذكية كضرورة وواقع في التعلم عن بعد في ظل جائحة كورونا، حيث أن التربية الإعلامية تزيد من وعي الطلبة؛ لفهم عملية الاتصال واستخدام الإعلام ووسائله بشكل إيجابي وآمن".

كما أكّد على حاجة التربية الإعلامية لوجود كادر من المعلمين المتخصصين في المجال الإعلامي والرقمي، تدعمهم مادة علمية لتدريسها في مختلف المراحل التعليمية.

وانتهى اللقاء الإلكتروني بالتأكيد على ضرورة تفعيل دور الجامعات الفلسطينية في تعزيز التربية الإعلامية والعمل على توعية الطلبة بالسلوكيات الأخلاقية والمسؤولية الاجتماعية، وإرشادهم للتمسك بالقيم السليمة ونبذ القيم الهدامة، باعتبارها معايير السلوك الجيد ومدخل للتعامل المثمر والإيجابي مع وسائل الإعلام.