زرع الكراهية إرث نتنياهو الحقيقي

حجم الخط

بقلم: أوري مسغاف

 


العنوان مكتوب على الحائط، كما يقولون. «هنا يسكن يساري خائن» على سور بيت لمتظاهر ضد نتنياهو. ليس في القدس المشحونة وليس في «دولة تل أبيب»، بل في نستسيونا بالضبط. وعلى سور بيت آخر تعيش فيه عائلة تشارك في التظاهرات في المدينة ألقيت قنبلة صوت. الشرطة و»الشاباك «يفحصون». هذا حدث في أحد مستوطنات البارون، التي أسست في إطار ما تسمى «الهجرة الأولى» – حركة هجرة طلائعية لليهود، تطلعوا إلى تأسيس وطن قومي في البلاد المقدسة، بعيداً عن موجات اللاسامية الأوروبية.
وها هو بعد أقل من مئة سنة، بعد أن تم وسم بيوت ليهود في ألمانيا بالطريقة ذاتها، أيضا لدينا يشيرون إلى البيوت.
ما الذي يجب فعله مع الخونة، الجميع يعرفون ذلك. هذا هو البند الأخطر في قوانين العقوبات في جميع دول العالم.
في إسرائيل، التي أُلغيت فيها عقوبة الإعدام في 1954، هو ما زال استثناء يبرر الإعدام.
لكل من يتخبط في مسألة ماذا سيبقى من حكم نتنياهو، هذا ما سيبقى منه.
هذا هو إرث نتنياهو: الكراهية، يمتطيها في كل حياته السياسية، وبوساطتها صعد إلى الحكم (حتى في ذلك الوقت كان هناك خائن كان يجب إبعاده عن الطريق)، وباسمها تمسك بشدة بكرسي الحكم.
فقط في الأسبوع الماضي، في عرض آخر لعدم الخجل، سجل مهندس الكراهية لنفسه مزمورا هو «يوجد في نفسي محبة وهي ستنتصر».  وهكذا، محبته يتم رشها على الجدار في نستسيونا. هي على أي حال محبة. المتظاهرون ضده يتعرضون للكمات والضرب والبصق والشتائم.
يحاولون سحقهم وطعنهم. يرمون عليهم الحجارة والبيض. ويأملون أن يُحرقوا ويُدفنوا ويُغتصبوا. من بين مؤيدي نتنياهو هناك من يأملون وقوع هجوم «إرهابي» على متظاهري بلفور، ويتحسرون على أن هتلر لم يكمل المهمة.
تبدأ سلسلة التحريض برئيس التنظيم وجهاز المخصيين ورجال دعايته. من هناك تمر عبر الصمت واللامبالاة لشركائه السياسيين.
في المستوى القادم هناك تساهل شرطي واستخذاء للنيابة العامة؛ فقط مؤخراً تقرر هناك أن رفع لافتات مكتوب عليها «يساريون خونة» لا تعتبر تحريضا.
في الطرف ستجد «الإرهابي المنفرد» (يونا ابروشمي ويغئال عمير وغيرهم). ولكن هذا المخرب يحتاج إلى فتوى شرعية. عندما يتعلق الأمر بشخص متدين فإن هذه الفتوى يجب أن تأتي من حاخامات. وفي حالات أخرى يكفي المناخ، إباحة الدم، والتأشير.
لهذا يتم توظيف جهد كبير لسنوات طويلة في عملية نزع الشرعية. في ترسيخ معادلة «يساري يساوي خائنا».
من المهم تحويل اليساري إلى غير إنساني؛ أي يستحق الموت. لهذا الإصرار المتواصل لتشويه حتى طبيعة التهجئة (يسار، يساريون)، هذا أيضا مصدر التغذية المستمر لنظام الدعاية بقيادة ابن المهندس، الذي يستخدم مصطلحات تظهر وكأنها عفا عليها الدهر (شيوعيون، بلاشفة، فوضويون)، لكنها تنتمي إلى كتب التشغيل الكلاسيكية للفاشية.
تصل الظاهرة إلى حد اللامعقول في كل مرة يتحدى فيها مرشح آخر من اليمين استمرار حكم نتنياهو.
في الأسبوع الماضي حظي بالاحترام حتى العدو الجديد («خرج المارد من القمقم، وأعلن جدعون ساعر بأنه سينضم إلى حكومة يسار فقط من أجل إسقاط نتنياهو»).
الخارطة السياسية والحزبية في إسرائيل لم تعد مقسمة بين يمين ويسار، بل بين مؤيدي نتنياهو ومعارضيه.
اليسار أصلا يتقلص إلى أبعاد صغيرة جدا، ونتنياهو نفسه هو بشكل عام ليس يميناً بالمرة.
فقد صادق على بيع مصر غواصات متطورة وارتبط بمنصور عباس.
كل هذا غير مهم. منطق البيبية بسيط: التظاهر ضد نتنياهو يعني أن تكون يسارياً.
نتنياهو هو الدولة. أن تكون يسارياً يعني أن تتحول إلى معارضة الدولة، وأن تريد الشر لها وأن تكون خائناً.
عالم مقلوب. المتظاهرون يجسدون بأجسادهم قلب الوجود الديمقراطي.
هم أيضا أولاد جيدون، غير عنيفين تماماً. بدلاً من توظيف جهود للحفاظ على أمنهم، تقوم الشرطة و»الشاباك» بتوظيف جهود كبيرة لمتابعتهم ومراقبتهم، وفي المقابل، يقومون بتوظيف موارد كثيرة وغير متناسبة لأمن عائلة نتنياهو – مصدر التحريض والكراهية الرئيس في دولة إسرائيل.

عن «هآرتس»