قصة الكولونيالية الإسرائيلية

حجم الخط

بقلم: اسحق ليئور

 


أغلق بنيامين نتنياهو الدائرة التي بدأت باتفاق وايزمن – فيصل في 1919، برعاية دولة بريطانيا العظمى التي كانت تطمح الى السيطرة على العرب بواسطة الهاشميين من الحجاز (السعودية التي انتقلت الى حكم عائلة اخرى). الاتفاق «كان سابقا لعصره». القومية العربية كانت جنينا. وقد نمت ايضا من خلال المواجهة مع الامبراطورية وتركزت حول تهجير الفلسطينيين.
كان البريطانيون متعرجين في موضوع الصهيونية، لم يعرفوا اذا كانت قومية فلسطينية ستساعد في ضخ النفط أم ستضر بذلك. ولكن اليشوف اليهودي هب لخدمتهم. هذا هو التراث الصهيوني الاكثر ثباتا: الامبراطوريات سيتم استبدالها والخادمون سيبقون مع العقار: النفط.
خلقت الثورة الفلسطينية في العام 1936 – على خلفية الفهم بأن الصهاينة ينوون طردهم، «هل اخطؤوا؟» –  لليشوف اليهودي «فرصة». لقد علمونا بأغنية «التندر يسافر» و»النسور»، حتى بطولة «فاينغيت» العنصري، مع كتابه المقدس، تم تخليدها. العملية الاولى التي شارك فيها محارب من «الهاغاناه» في قوة بريطانية كانت دورية في خط النفط الموصل – حيفا في منطقة كوكب الهوى. كان قصاص الاثر موشيه ديان. ايضا عز الدين القسام، زعيم الثورة في الشمال، قتلته قرب جنين دورية مشتركة.
تمت إقامة الدولة، والنظام الاقطاعي في مصر سقط واسرائيل قامت بعمليات ارهابية داخل حدود الجمهورية الجديدة. بعد ذلك شاركت في غزو مشترك مع الامبراطوريات الآفلة، فرنسا وبريطانيا. وعندما تم اسقاط الملك الهاشمي في العراق في 1958 سمحت اسرائيل لقطار جوي بريطاني بالطيران في سمائها من اجل الدفاع عن الاردن الاقطاعية. ومنذ العام 1967 تعاونت اسرائيل مع الولايات المتحدة على تصفية الجمهوريات القومية – العلمانية في المنطقة.
جمهورية لا تعني ديمقراطية. ولكن الشعب في الجمهوريات هو السيد، وقد حظي فيها بالنفط الذي تم تأميمه، وحظي بالتعليم والاصلاح الزراعي واجهزة صحة. كان العراق قبل أن دمرته الولايات المتحدة الدولة العربية الاكثر تطورا. صحيح أن هذه الانظمة اعتمدت على الاتحاد السوفييتي وكانت فاسدة وغير ديمقراطية، لكنها لم تكن ضيعا خاصة للشيوخ مع انظمة عبودية. لقد ارتفع صراخ الكثيرين عندنا حول الحرب الوحشية في سورية، وصمتوا، بروح النفاق الغربية، حول موضوع تدمير اليمن على أيدي السعودية.
هذه هي قصة الكولونيالية الاسرائيلية. ستقولون: هي أكثر تعقيدا، بالتأكيد. ولكن اغلاق الدائرة الذي قام به نتنياهو، «سلام مقابل سلام»، يبرز مخطط هذه القصة، ولا يوجد مخطط آخر. اسرائيل، بما في ذلك هذه الصحيفة «اليسارية» تحتفل بخراب القوميات العربية. وآخرها القومية الفلسطينية التي تقع تحت «الابرتهايد»، يقومون، الآن، ببيعها للشيوخ وكأنها فريق اوروبي لكرة القدم. هكذا، صعد الخيار الاردني لبيريس الى الطابق العلوي. يوجد الفلسطينيون الذين بدأ قمعهم منذ اتفاق 1919 الآن، تحت ارهاب يومي وطرد كثيف، تتجاهله بشكل متعمد وسائل الاعلام.
لا توجد معارضة يهودية. المتظاهرون في بلفور والمحاصرون فيه هم جزء من تحالف كولونيالي: الفلسطينيون يمكنهم أن يتبخروا من ناحيتهم. الخطاب في القنوات يسمع كمحادثة في الطابور في صناديق المرضى. بؤس اليسار أكثر اقلاقا، وهو اليسار الذي لا يدرك ما الذي يجب فعله: القومية الفلسطينية هي حليفة للنضال. وقد حان الوقت لتغيير شعارات السلام بشعار «سلام للاكواخ، حرب ضد القصور» (اقتباس شعار جورج بخنر).
تم تدمير القومية العربية وتم أخذ نفطها (ليس عبثا أن الدول التي كانت اكثر تدميرا هي العراق وليبيا). حلم التغرب لليهود يتحقق: لقد تم قبولنا. الاميركيون اعتبرونا جنودا لـ»الابرتهايد»، نذهب للتسوق في دبي وبعد ذلك الى الحرب من اجل نفط ايران، الذي هو لب التوتر الجيوسياسي. هل يمكن أن تكون الامور بهذه البساطة في الغد؟.

عن «هآرتس»