انتخابات داخلية تخص "اليمين الإسرائيلي"!

حجم الخط

بقلم: جدعون ليفي

 



سيكون رئيس الحكومة القادم لدولة اسرائيل رجل يمين مطلقاً، عنيداً وعديم الشفقة. سيتم في 23 آذار القادم اجراء الانتخابات الداخلية لليمين التي ما زالت تسمى، لسبب ما، الانتخابات العامة للكنيست الـ 24. ربما انتخابات، لكن بالتأكيد ليست انتخابات عامة: لعبة بيتية لليمين الذي قام بمحو اليسار، لعبة لا تتضمن بالطبع العرب الذين تم اقصاؤهم والفلسطينيين الذين سلبت حقوقهم. سيتقرر في نهايتها  هل سيقود الحكومة القادمة بنيامين نتنياهو أم جدعون ساعر.
هكذا ستصل الى الذروة العملية التي بدأت قبل سنوات، عملية انجراف وحشي جر اسرائيل نحو اليمين أكثر فأكثر، من خلال اعطاء الشرعية لليمين المتطرف الذي كان ذات يوم غير شرعي. ونزع شرعية اليسار الصهيوني الذي كان ذات يوم شرعي ومر بضعف وخواء وفقدان الطريق. نضجت هذه العمليات، والآن هي تعطي ثمارها التي تجلب العار – الانتخابات هي لانتخاب واحد من بين شخصين قوميين متطرفين، نتنياهو أو ساعر، بيبي أو غيدي. ولن يكون هناك أي مرشح آخر لديه فرصة للفوز كما يبدو.
هذا واقع محبط، لكنه واقعي للغاية. في كل الجولات الانتخابية السابقة كانت تسمع كلمة اخرى، وإن كانت ضعيفة، لكنها ايضا كانت رؤية خاطئة. الآن غابت ومن الصعب معرفة متى ستعود، بالتأكيد ليس في هذه الانتخابات. ما كان يعتبر تيارات عميقة خفية، تحولت الى واقع جلي: اسرائيل هي دولة يمينية وقومية متطرفة، ذات ايديولوجيا واحدة سائدة، من المحظور التشكيك فيها.
ليست  الانتخابات بين نتنياهو وساعر انتخابات حقيقية. والوصول الى وضع من عدم وجود خيار ليس بالصدفة. ليس ظرفا عابرا يعتبر اللقاء بين الاثنين. إن تحولهما الى متنافسين لهما الفرص الاعلى يعكس روح العصر. اسرائيل تريد شخصاً قوياً، شخصاً «يري الجميع»، ويكون «يهودياً» مع كل ما يحمله هذا من معنى، وايضاً اشكنازياً. اسرائيل لا تريد اكثر من ذلك. من المشكوك فيه اذا كان معظم المصوتين لساعر يريدون دكاكين مغلقة في ايام السبت، أو جولات مؤمّنة لأولادهم في مغارة الماكفيلا. ومن المشكوك فيه اذا كان معظم المصوتين لنتنياهو يريدون تخريب الجهاز القضائي أو يحبون سلوكه الشخصي، لكنهم يريدون هذين الاثنين لأنهما يمين قوي، لأنهما سيجلبان الكرامة والفخر لشعب اسرائيل، لأنهما يمثلان قومية متطرفة، وقحة، فظة وذكورية، لا يهم ما هو ثمنها أو ما هو مغزاها.
كان الخطأ الاول انضمام اليسار الصهيوني لحكومات الوحدة مع الليكود في بداية الثمانينيات، في سعيه عديم الاحتمال لكي يكون هذا وذاك – ليبرالياً وأيضا أمنياً، يهودياً وأيضاً ديمقراطياً، يسارياً وأيضاً صهيونياً – والنهاية المحتمة هي أن تكون لا هذا ولا ذاك، وأن تتحول الى لا شيء. هكذا أفل اليسار الى داخل فراغ ذاته، أفولاً اصبح بائساً أكثر فأكثر.
الضربة النهائية القاضية اوقعتها، دون أن تقصد، حركة الاحتجاج الفارغة «فقط ليس بيبي». مقعد واحد تظاهر في الشوارع في الوقت الذي فيه عشرات المقاعد توزعت بين اليمين واليمين. «سنحارب نتنياهو وكأنه لا يوجد احتلال، وسنحارب الاحتلال وكأنه لا يوجد نتنياهو»، هكذا ادعى مرة اخرى اتباع «هذا وذاك». هذا كان شعار كذبهم الاخير الذي استهدف صد النقد «التطهري».
رد عليهم اسحق ليئور أول من أمس في الفيس بوك «أنتم في نهاية الامر لم تحاربوا الاحتلال في أي يوم من الايام. الفلسطينيون يحاربون الاحتلال وأنتم تتجاهلونهم بشكل فظ».
سنوات من الهرب من البشرى، الاعتذار والتلعثم، الخوف وخداع النفس، سنوات «هذا وذاك» وصلت هكذا الى نهايتها: نتنياهو وساعر، يمين ويمين. ستكون الأسابيع التي بقيت على موعد الانتخابات مثيرة للشفقة: هل غادي آيزنكوت سيخلصنا؛ هل عمير بيرتس سيتركنا؟ هل رون خولدائي سيتنافس، هل ميرتس سيحصل على خمسة مقاعد أو ستة مقاعد؛ هل سينضم يئير لبيد الى حكومة ساعر – بينيت؛ ومن سيدعم ايهود باراك. إن شيئا من كل هذا غير مهم حقا، بالضبط مثلما هو السؤال الوجودي، السؤال المصيري: بيبي أم غيدي؟

عن «هآرتس»