للمرة الرابعة ستخوض "إسرائيل" انتخابات جديدة في 23أذار/مارس المقبل، بعد انّ حل الكنيست "الإسرائيلي" نفسه الأسبوع الماضي، نتيجة فشل تمرير مشروع لتأجيل المصادقة على الميزانية، وبسبب وصول التفاهمات بين رئيس حكومة الاحتلال "الإسرائيلي" بنيامين نتنياهو، وزعيم حزب "أزرق أبيض" بيني غانتس، لطريق مسدود.
ووفقاً لاستطلاعات الرأي "الإسرائيلية" فإنّ نتنياهو ربما لن يتمكن من الفوز في الانتخابات القادمة، بعد حصول حزب "الليكود" على 26 مقعداً، مقابل 21 لصالح حزب "أمل جديد" برئاسة جدعون ساعر، والذي بات يُهدد حياته السياسية.
ويرى مختصان بالشأن "الإسرائيلي"، أنّ حزب "أزرق أبيض"، سلَّم رأسه لنتنياهو وهذا أدى إلى تراجع قوته، مُرجحان أنّ الصراع في الانتخابات المقبلة سيكون بين أحزاب اليمين بشكل أساسي، وستشهد القائمة العربية المشتركة تراجعاً في مقاعدها.
أسباب حل الكنيست
قال الكاتب والمختص بالشأن "الإسرائيلي" عليان الهندي: "إنّه منذ تشكيل الائتلاف الحكومي بين غانتس ونتنياهو وحكومة الاحتلال تعيش أجواء عدم ثقة بين الطرفين"، مُشيراً إلى أنّ نتنياهو المسؤول الأول عن حل الكنيست "الإسرائيلي".
كما اتفق الكاتب والمختص بالشأن الإسرائيلي علاء أبو عامر مع سابقه، بأنّ "إسرائيل" تعيش أجواء عدم ثقة بين الطرفين منذ تشيكل الحكومة "الإسرائيلية"، ووصول التفاهمات بينهم لطريق مسدود أدت للدفع نحو انتخابات جديدة.
ورأى الهندي خلال حديثه لوكالة "خبر"، أنّ نتنياهو كان يرغب دائماً بالتوجه لانتخابات جديدة حتى يمنع غانتس من تسلم رئاسة الوزراء، لذلك لجأ للمماطلة وتأجيل المصادقة على الميزانية، حتى يكسب أوراق تُمكنه من خوض الانتخابات والفوز بها مرة أخرى.
وأضاف: "نتنياهو اختار هذا التوقيت لحل الكنيست ظناً منه أنّ معدلات الإصابة بـ"كورونا" ستشهد انخفاضاً، لاسيما مع وصول اللقاح إلى "إسرائيل"، وأنّ نجاحه في التطبيع مع العديد من الدول العربية سيُسهم في زيادة أصوات الناخبين له".
فيما اختلف أبو عامر خلال حديثٍ خاص بوكالة "خبر" مع سابقه، حول رغبة نتنياهو في التوجه لانتخابات جديدة، قائلاً: لم يرغب نتنياهو بحل الكنيست، ولكن عدم التفاهم بينه وبين غانتس أدى لتلك النتيجة"، لافتاً إلى أنّ هدف نتنياهو الأساسي البقاء رئيساً للوزراء، لأنّه لا يضمن النجاح في الانتخابات المقبلة، لذلك كان يلجأ لتأجيل كافة القضايا العالقة بينهم، من أجل تفادى المحاكمة وحتى يتسنى له سن قوانين تمنع محاكمته وتمنحه الحصانة.
منافسة شديدة
وتابع الهندي: "الانتخابات المقبلة ستشهد منافسة شديدة بين أحزاب اليمين، لا سيما بعد انشقاق جدعون ساعر عن "الليكود"، وتشكيله حزب جديد "أمل جديد" الذي بات في المرتبة الثانية بعد نتنياهو حسب استطلاعات الرأي الإسرائيلية الأخيرة".
واعتقد الهندي، أنّ فرص فوز نتنياهو في الانتخابات القادمة باتت ضئيلة، حيث لم يعد يمتلك أوراق كثيرة تُساعده على ذلك، فالكثير من الناخبين فقدوا الثقة به، في ظل قضايا الفساد التي تلاحقه.
أما أبو عامر فتوقع، اختفاء وانتهاء العديد من الأحزاب "الإسرائيلية" في الانتخابات الجديدة، كحزب العمال وغيرها من الأحزاب الصغيرة، مُوضحاً أنّ نتنياهو ما زالت حظوظه كبيرة في الفوز بالانتخابات أو أنّ يكون منافساً قوياً على رئاسة الوزراء في حال لم تُحسم لصالحه، بحكم خبرته وتجربته السياسية الطويلة ومعرفته بكيفية الللعب بالأوراق الداخلية والحزبية والخارجية، وقلبها لمصلحته.
ووفقاً لأبو عامر، فإنّ ساعر لن يحصل على النصيب الأكبر من المقاعد باعتباره حزب جديد إلا في حال حدوث تشكيلات جديدة أو انشقاقات أخرى في "الليكود"، مُشيراً إلى أنّ استطلاعات الرأي تُظهر أنّ المنافسة ستكون بشكل أساسي بين نتنياهو ونفتالي بينيت الذي بات يُنافسه على رئاسة الحكومة وبين غانتس.
وفي ذات الوقت، قال أبو عامر: "إنّ الخارطة السياسية في "إسرائيل"، وكل الأسهم التي يمتلكها نتنياهو ربما تتغير، بعد تسلم جو بايدن رئاسة الولايات المتحدة الشهر المقبل، فالديمقراطيين على خلاف دائم معه، ولا يعتبرون نتنياهو شريكاً صالحاً للسلام".
مصير غانتس
وحول مصير غانتس وحزبه في الانتخابات القادمة، لم يستبعد الهندي، أنّ يدفع غانتس الثمن في الانتخابات القادمة ويقرر اعتزال الحياة السياسية، خاصة أنّ استطلاعات الرأي تُشير إلى سيطرة اليمين على المشهد السياسي في "إسرائيل".
ووفق الهندي، فإنّ أحد أسباب تراجع حزب "أزرق أبيض"، أنّه جديد على الساحة السياسية، ولم يفي بوعوده للجمهور "الإسرائيلي"، إضافةً إلى أنّه وضع أماله على نتنياهو الذي سرعان ما سدد له ضربات أدت إلى تآكله وإضعافه.
ووافق أبو عامر، سابقه بالرأي بأنّ أحد أسباب ضعف حزب "أزرق أبيض" هو انشقاقه وجعل جزء منه في رئاسة الكنيست وتحالف الآخر مع "الليكود" الذي سرعان ما غدر به، مُنوّهاً إلى أنّ ما يُحدد مصير غانتس هو نتائج الانتخابات المقبلة.
القائمة العربية المشتركة
ورأى الهندي، أنّ ليبرمان سيسعى في الانتخابات المقبلة للحفاظ على مكانته في الكنيست "الإسرائيلي"، بينما القائمة العربية المشتركة ستشهد تراجعاً في عدد مقاعدها بسبب التصرفات الأخيرة لزعيم "القائمة العربية الموحدة" منصور عباس وتحالفه مع نتنياهو.
وأيضاً اتفق أبو عامر مع سابقه، بأنّ ليبرمان سيسعى للحفاظ على مقاعد حزبه، وأنّ القائمة العربية المشتركة ستشهد تراجعاً، وبالتالي حجم تأثيرها سيقل عما كان متوقعاً في الانتخابات الأخيرة بفعل تعاون منصور عباس مع نتنياهو.