سطو مسلح تطوّر إلى محاولة قتل، جرت قبل أيام في قرية الركيز النائية، جنوب جبل الخليل. اللصوص المسلحون الذين ارتدوا الزي العسكري حاولوا سرقة مولد كهرباء في وضح النهار، وأمام أنظار الجميع.
أثناء السطو حاول اللصوص تحميل المولد على سيارتهم في الوقت الذي كان فيه أصحابه الشرعيون، ثلاثة رعاة، غير مسلحين، حاولوا إنقاذ ممتلكاتهم بأيديهم العارية.
المولد هو ترياق الحياة لهؤلاء الرعاة، الذين منعوا من الارتباط بشبكة الكهرباء أو شبكة المياه في قريتهم. لذلك هم يصارعون من أجله بقواهم الضئيلة.
استمر المشهد بضع دقائق. السارقون المسلحون يحاولون تحميل المولد على السيارة التي سيهربون بها. الرعاة يحاولون استعادته. في كل مرة نجحوا في سحب المولد من أيدي السارقين الذين أعادوه بالقوة إلى أيديهم. الطرفان تحركا حسب تصميم حركات رقص السطو المسلح، مع الشتائم والصراخ البائس كموسيقى خلفية.
عندها حدثت الانعطافة في الحبكة: في الوقت الذي كان فيه المولد ينتقل من يد إلى أخرى والشتائم تنهمر، نفد صبر أحد السارقين. يوم السبت أوشك على الدخول، وأراد المغادرة ومعه الغنيمة. ماذا يفعل الساطي المسلح الذي نفد صبره؟ يقوم بإطلاق النار الحية من أجل أن ينهي القصة.
أطلق رصاصتين، إحداهما أصابت الهدف. هارون أبو عرام (24 سنة)، الذي صارع من حاولوا سرقة ممتلكاته، سقط على الأرض.
أطلق السارق النار من مسافة مترين، مباشرة على عنقه. نُقل أبو عرام في وضع حرج إلى المستشفى في يطا.
انسحب اللصوص مع الغنيمة. كانوا بالطبع جنوداً من الجيش الإسرائيلي. عمليتهم البطولية كانت سطوا على مولد كهرباء لرعاة أغنام، يسميها الجيش «مهمة روتينية للمصادرة أو إخلاء مبنى غير قانوني».
عندما سيخرج الجنود إلى الإجازة بالتأكيد سيروون بفخر عن بطولاتهم: سطو مسلح ومحاولة قتل.
ولكن الجيش الإسرائيلي لم يسم في أي يوم الطفل باسمه. من أجل ذلك تم إنشاء وحدة المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي، التي ستغطي وتكذب كما يجب.
بيان التغطية هذه المرة تحدث عن «خرق عنيف للنظام بمشاركة حوالى 150 فلسطينياً».
في الفيلم الذي وثق السطو المسلح يظهر كما قلنا ثلاثة رعاة أغنام يقفون بأيدٍ عارية أمام خمسة جنود مسلحين يحاولون استعادة المولد الخاص بهم.
هذا يسمى «خرقاً للنظام» في حين أن السطو على المولد هو النظام الذي تم خرقه. وبعد ذلك: «حدث عنيف فيه تم استخدام عنف تجاه القوة التي استخدمها عدد من الفلسطينيين». عنف الجنود؟ السطو على المولد؟
بعد ذلك جاء السطر الحاسم: «من المعروف لنا الادعاء بأن فلسطينياً أصيب بإطلاق النار الحية خلال الحادث».
هذا الادعاء معروف، الجنود الذين وقفوا على بعد مسافة صفر من ضحيتهم لم يروا الشخص الذي أطلقت النار عليه، ولم يروا أنه سقط على الأرض وهو يحتضر.
الجيش الإسرائيلي «يعرف فقط عن ادعاء» عن ذلك، وتقرر أنه لا يوجد متهم ولا توجد مسؤولية ولا يوجد اعتذار، وحتى لم يكن هناك أي أسف.
في أيار أطلق الجنود النار على وجه فتى ابن 17 سنة في مخيم الفوار للاجئين وقتلوه، في الوقت الذي كان يقف فيه مع بنات شقيقه الصغيرات على سطح بعيد ويراقب ما يحدث على الشارع. زيد قيسية كان يحلم بأن يكون مغنياً. المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي قال عن عملية قتله الإجرامية: «بعد النشاط تلقينا تقريراً عن فلسطيني مقتول».
هذه المرة ليس «ادعاء»، بل «تقرير»، لكن البيان مبهم وتقريباً هو شيطاني بدرجة لا تقل عن ذلك.
أيضا في 30 كانون الثاني أطلق الجيش النار على رأس طفل من كفر قدوم. محمد شتيوي، ابن 14 سنة، أصبح مشلولاً تماماً. وما الذي قاله المتحدث بلسان الجيش للدفاع عن التنظيم الذي يشكل بالنسبة له مدير العلاقات العامة؟ «معروف لدينا ادعاء عن فلسطيني أصيب».
أيضا عندما تكون الضحية هي طفل، ربما لم تطلق النار عليه، ربما أطلق النار على نفسه، حيث إن الأمر يتعلق فقط بـ «ادعاء».
في قرية الركيز جرت، يوم الجمعة، جريمة صادمة، شاهدوا الفيلم القصير. عندما يغطي المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي على ذلك فهو يكون مشاركاً في الجريمة.
وعندما يغطي المتحدث بلسان الجيش على ذلك فإن الجنود يعرفون أنه لم يحدث شيء فظيع. هم يمكنهم الاعتماد على المتعاونين، معظم المراسلين العسكريين الذين هم أيضاً لم يعملوا من ذلك قضية كبيرة، حيث لم يحدث أي شيء على الإطلاق.
عن «هآرتس»