إسرائيل تتورّط في حرب اليمن

حجم الخط

بقلم: تسفي برئيل

 

 


الانفجار الضخم، الذي هزّ، الأربعاء الماضي، مطار عدن، والذي قتل فيه على الأقل 26 شخصاً وأصيب العشرات، تم نسبه للحوثيين، رغم أنه لا يوجد أي شخص أو أي جهة أخذت على عاتقها المسؤولية عنه. كان التوقيت منسقا جيدا. فقد استهدف «استقبال» حكومة اليمن الجديدة بعد أن أدت اليمين أمام الرئيس عبد ربه منصور هادي، المنفي في الرياض، عاصمة السعودية. هذه الحكومة تم تشكيلها بعد اكثر من سنة على التوقيع على اتفاق الرياض بين حكومة اليمن المعترف بها وبين مجموعة الانفصاليين التي تسمى «المجلس الانتقالي الجنوبي»، والتي اعلنت في نيسان اقامة اقليم حكم ذاتي في جنوب اليمن.
التبريكات والتهنئة التي أُرسلت لرئيس الحكومة، معين عبد الملك، ولدت الانطباع بأنه قد بدأ عهد جديد في تاريخ الحرب الدموية في اليمن. ولكن الحديث لا يدور عن مصالحة مهمة حقا بين المتمردين الحوثيين وبين حكومة اليمن، بل يدور فقط عن خطوة استهدفت رأب الصدع العنيف بين الحكومة وبين الجسم الذي كان في السابق جزءا منها وقرر الانفصال والقتال ضدها.
تنفُّس الصعداء ما زال سابقا لأوانه، حيث إن جهات كثيرة في «المجلس الانتقالي الجنوبي» وعددا من القبائل المؤيدة له، غير راضين عن الاتفاق. هم يخشون من أنه مثلما حدث في السابق، ستهتم الحكومة الجديدة بمصالح القبائل في الشمال، وستسيطر على حقول النفط والغاز في الجنوب وستبقي الفتات فقط للجنوبيين. إضافة الى ذلك، الاتفاق الذي يضمن مساعدة اقتصادية سخية من السعودية لا يتضمن المطالبة بإخراج قوات الامارات من جزيرة سوقطرة، التي سيطرت عليها فعليا، وحسب التقديرات في اليمن ينوون أن يقيموا فيها قواعد عسكرية، ستخدم ايضا إسرائيل.
حسب التقارير الاولية، فإن الانفجار في المطار تم عبر قذائف هاون وصواريخ وطائرات بدون طيار. هذه الوسائل القتالية توجد بحوزة الحوثيين، لكن توجد ايضا لدى قوات «المجلس المؤقت» صواريخ وطائرات بدون طيار، والتي يبدو أنها حصلت عليها من دولة الإمارات. ومن المثير للاهتمام أن من سارع الى صد اتهام الحوثيين وايران كان بالتحديد نائب رئيس المجلس المؤقت، هاني بن بريك، الذي اقترح عدم التسرع في القاء التهمة على الحوثيين؛ لأنهم «ليسوا الطرف الوحيد الذي تضرر من اتفاق الرياض... قطر وتركيا صرختا بصوت أعلى ضد الاتفاق». وذكر اسماء هذه الدول ليس صدفيا. فهي تعتبر من ألد أعداء الامارات التي رعت ومولت وقدمت السلاح للمجلس المؤقت، وشجعت على فك ارتباطه بحكومة اليمن، والآن، هي تستخدم قواتها لإدارة الجزيرة.
إن غيوم الاتهامات لا تستثني الامارات نفسها. فقد نشرت الصحيفة اليمنية «وطن الغد» في نهاية الاسبوع صورة الملحق العسكري اليمني في الامارات، الجنرال شلال علي شايع، الذي كان مسؤولا عن الأمن في عدن، وهو يغادر بسرعة المطار بسيارته المصفحة قبل وقت قصير من الانفجار. في حين كانت التقارير عما حدث لم تنشر بعد، نشرت الصحف في عدن نبأ يفيد بأن قوات السعودية في اليمن اعتقلت عبد الناصر البعوة، وهو قائد كبير في قوات «المجلس المؤقت»، بتهمة المشاركة في تخطيط وتنفيذ الهجوم على المطار. البعوة، حسب تقرير في «عدن نيوز»، هدد اعضاء الحكومة الجديدة قبل يوم من الانفجار بأن لا يتجرؤوا على المس بـ»الأسس القومية» لليمن، واستبدال علم «الانفصال» (الجنوبي) بعلم الوحدة.
على خلفية خليط الشائعات والشكوك والمؤامرات، تصعب معرفة من الذي يمكن أن يكسب من الانفجار. كما يبدو يوجد للحوثيين وايران مصلحة في ازعاج السعودية في أن تعرض الحكومة الجديدة كانجاز واستعراض عضلاتهم قبل دخول جو بايدن الى البيت الابيض. ولكن توجد مصلحة مشابهة ايضا للانفصاليين غير الراضين. التشويش على العملية السعودية سيصعب على محمد بن سلمان الاثبات بأنه قادر على السيطرة على ما يجري في اليمن. وأنه من دونه لا يوجد للولايات المتحدة أي سند يمكنه أن يخلصه من هذه الورطة.
اضعاف السعودية يعني تعزيز مكانة الامارات في جنوب اليمن وتعزيز احتمالات الجنوبيين، على الاقل حسب تحليلاتهم، لاعادة تأسيس اليمن الجنوبي. هل توجد لبايدن خطة عمل بالنسبة لليمن باستثناء السعي الى انقاذ نفسه من هذه الساحة؟ في العام 2015 عندما كان براك اوباما الرئيس، كشف الجنرال لويد اوستن في جلسة استماع في الكونغرس: «أنا لا اعرف الآن ما هي الاهداف المحددة وغايات المعركة السعودية في اليمن، يجب علي معرفة ذلك كي استطيع تقدير احتمالات النجاح». اوستن مرشح لمنصب وزير الدفاع في ولاية بايدن، ويبدو أنه حتى الآن، بعد خمس سنوات على الحرب، وحيث الفشل المدوي لا يمكن تغطيته، فإنه من غير الواضح للولايات المتحدة ما هي اهداف الحرب في اليمن ومن هي الجهات في اليمن التي ستدعم الولايات المتحدة ومن هي الجهات التي ستعمل ضدها.
يبدو أن إسرائيل ايضا بدأت في الظهور متورطة في النزاع في اليمن. رئيس قسم المخابرات التابعة لقوات الحوثيين، عبد الله يحيى الحاكم، حذر، مؤخرا، من أن «فشل العدوان السعودي على اليمن جعل العدو يستعين بالصهاينة الذين طلب منهم التدخل... وسقوط عدد من الدول في شرك التطبيع... عيوننا شاخصة ونحن نتابع حركات العدو الصهيوني في المنطقة. ويجب عليه أن يفهم جدية تحذيرنا، وأن أي عملية غبية أو مغامرة نتائجها ستكون غير جيدة».
أهلا وسهلا بالقادمين الى اليمن.

عن «هآرتس»