توالد الأحزاب: بازار الانتخابات الإسرائيلية المفتوح

أشرف العجرمي.jpg
حجم الخط

بقلم: أشرف العجرمي

حتى الرابع من الشهر القادم موعد إغلاق تقديم القوائم الانتخابية في إسرائيل ستظل الساحة السياسية والحزبية في حالة حراك وفوضى لا تتوقف أشبه بالبازار السياسي المفتوح، حيث تتشكل أحزاب جديدة وتختفي أخرى، تتخللها انشقاقات وانقسامات وتتوالد فيها ائتلافات واتحادات وتحالفات جديدة.
وهناك أحزاب تتشكل ولها فرصة النجاح وحصد المقاعد مثل حزب «الإسرائيليون» الذي أعلن عنه رئيس بلدية تل أبيب رون خولدائي وأحزاب أخرى قديمة وجديدة فرصها ضئيلة مثل حزب «أزرق - أبيض» وحزب «العمل» وربما الحزب الذي يشكله عوفر شيلح المنشق عن «ييش عتيد» (يوجد مستقبل) وحزب «المتقاعدون الجدد» الذي أطلقه رئيس الموساد السابق داني ياتوم. وسيتقرر مصير الأحزاب وخاصة التي تراوح قريباً من نسبة الحسم بناء على استطلاعات الرأي التي تجريها كل الأحزاب والقوائم بشكل دائم خلال هذا الشهر.
فالأحزاب التي تحصل على عدد معقول من المقاعد ستبقى وتلك التي لن يكتب لها تجاوز نسبة الحسم ستذهب لائتلافات من أخرى أقوى أو تتلاشى تماماً بعد الفشل في الانتخابات.
الخارطة السياسية الإسرائيلية في هذه اللحظات وحسب استطلاعات الرأي المختلفة مكونة بشكل رئيس من أحزاب لها غالبية برلمانية، وهي تقع في خانة اليمين واليمين المتطرف ويقودها حزب «الليكود» الذي لا يزال المتصدر حتى لو انخفضت مقاعده بسبب انشقاق جدعون ساعر الذي أسس حزب «أمل جديد» والذي يلي «الليكود» من حيث المقاعد وحزب «يمينا» بقيادة نفتالي بينيت وحزب «إسرائيل بيتنا» بزعامة أفيغدور ليبرمان ثم الأحزاب الدينية «شاس» و»يهدوت هاتوراة»، في المقابل هناك حزب «ييش عتيد» الذي يعتبر حزب وسط وحزب رون خولدائي و»أزرق - أبيض» الذي يلفظ أنفاسه الأخيرة على ما يبدو، والقائمة المشتركة و»ميرتس» وحزب «العمل» الذي تهاوى تماماً في كل استطلاعات الرأي.
والغلبة لليمين في تركيب الحكومة حسب الواقع اليوم. ولكن ما يميز الانتخابات الحالية عن سابقاتها الثلاث هو الانقسام والصراع في اليمين وخاصة «الليكود».
والاتفاقات التي تمت على فائض الأصوات بين «أمل جديد» و»يمينا» وبين «ييش عتيد» و»إسرائيل بيتنا» تغلق الباب على « الليكود» وتجعله وحيداً لا يستطيع الاستفادة من الكثير من الأصوات الفائضة التي قد تضيع عليه.
وتؤشر في نفس الوقت على تحالفات جديدة محتملة لتركيب حكومة بقيادة اليمين دون «الليكود» وبنيامين نتنياهو على وجه الخصوص. فيبدو أن بينيت يتجه للتحالف مع ساعر ضده، وبطبيعة الحال الأحزاب الأخرى جميعها ستكون ضد نتنياهو باستثناء الأحزاب الدينية وهذه الأخيرة قد تغير رأيها إذا شعرت أن فرص نتنياهو لتشكيل الحكومة القادمة أصبحت ضئيلة أو معدومة.
ولكن ليس قدراً أن يفوز اليمين واليمين المتشدد في الانتخابات، فلا تزال هناك فرص لتشكيل قوائم كبيرة وائتلافات ربما تشجع الناخبين على تغيير اتجاهاتهم، فعلى سبيل المثال لو استطاع خولدائي أن يضم إليه بقايا حزب «العمل» الذي لديه مقرات وبنية تحتية وأصول منتشرة في جميع أنحاء إسرائيل فستكون فرصه أكبر بكثير ليكون من القوائم الثلاث الكبرى، كما أن فرصه ستتعزز إذا ضم إليه عوفر شيلح وداني ياتوم.
كما أن «ميرتس» سيقوى إذا نجح في إقناع جزء من الناخبين الفلسطينيين بأنه حزب يهودي - عربي وشكل قائمة تمنح اليهود والعرب فرصاً متساوية من حيث العدد والأماكن، وقد يتجاوز عدد مقاعده الستة أو ربما العشرة على اعتبار أنه يستطيع جذب عدد لا بأس به من الفلسطينيين الذين لا يصوتون أو الذين خاب أملهم من الأحزاب العربية القائمة.
ومع أن القائمة العربية المشتركة تعاني من تصدعات وخلافات قد تقود إلى انقسامها إلى قائمتين، فعلى الأغلب ستحصل على 10 - 11 مقعداً، وبالتالي هناك احتمال حتى لو كان ضعيفاً أن يحصل نوع من التوازن بين المعسكرين: اليمين واليمين المتطرف من جهة والوسط واليسار من الجهة الأخرى.
والحقيقة المرة تكمن في عدم تصويت الفلسطينيين في إسرائيل بكثافة أسوة بتصويتهم في الانتخابات البلدية والمحلية، والسبب أن الأخيرة عشائرية ومرتبطة بالعائلات والتحالفات المناطقية، بينما الانتخابات للبرلمان مرتبطة أكثر بفقدان الثقة بإحداث تغيير في السياسة الإسرائيلية. مع العلم أن الفلسطينيين لو صوتوا بكثافة وارتفعت نسبة التصويت عندهم بشكل يقترب من التصويت في الانتخابات المحلية ستتجاوز حصتهم العشرين مقعداً في الكنيست. وسيكونون رقماً صعباً لا يمكن تجاوزه. والغريب هو أن يسعى نتنياهو الذي اعتاد على التحريض على العرب إلى محاولة الحصول على مقاعد من الناخبين العرب في تغيير واضح لنهجه تجاه الجماهير العربية بصورة انتهازية ومليئة بالمفارقات.