وهل يسمح الاحتلال بإجرائها!

تحليل: هل تصب المصالحة الخليجية في دائرة إنهاء الانقسام الفلسطيني؟

البردويل يكشف أسباب فشل كل حوارات واتفاقيات المصالحة
حجم الخط

رام الله - خاص وكالة خبر - مي أبو حسنين

استبشر الفلسطينيون خيرًا بإمكانية انتهاء انقسامهم الداخلي الممتد مُنذ أكثر من 13 عامًا، عقب إنجاز "المصالحة الخليجية" بعد أكثر من ثلاث سنوات من خلافات طالت موقف دول الخليج من القضية الفلسطينية بين داعم سياسي وعسكري لحركة حماس -الحاكم الفعلي لقطاع غزّة بعد الانقسام- وآخر داعم لحركة فتح التي تتولي زمام قيادة السلطة في الضفة الغربية المحتلة، الأمر الذي يطرح جملة من التساؤلات، إنّ كانت المصالحة الخليجية ستُلقي بظلالٍ إيجابية على ملف المصالحة الفلسطينية؟، أم أنّه ملف خاضع للإرادة الداخلية؟، وأيضاً في ظل تساؤلات حول إنّ كانت الانتخابات مدخلاً لإنهاء الانقسام؟، وهل سيسمح الاحتلال بإتمام المصالحة الفلسطينية؟.

انعكاس المصالحة الخليجية على الانقسام الفلسطيني

الخبير السياسي الفلسطيني عبد المجيد سويلم، رأى أنّ "المصالحة الخليجية ستصب في دائرة إنهاء الانقسام الفلسطيني؛ لأنها ستكون تحصيل حاصل، بما يخص التوافق المطلوب لصمود المصالحة".

وأوضح سويلم في حديثٍ خاص بوكالة "خبر" أنّه حتى على المستوى الدولي، يوجد رغبة روسية وصينية لإنهاء الانقسام الفلسطيني، مُستدركاً: "حتى إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن، تود إنهائه ولديها تصور للحل السياسي حتى تكون الأمور ممهدة على هذا الصعيد".

من جهته، اختلف رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني "حشد" صلاح عبد العاطي مع سابقه، مُعتبراً أنّه لا علاقة مباشرة بين المصالحة الخليجية والفلسطينية.

وأضاف عبد العاطي لـ"خبر": "إنّ كانت ستنعكس بصورة أو بأخرى على الملف الفلسطيني، سيكون ذلك في إطار تموضع كل الأطراف في المنطقة في ضوء وصول "بايدن" لسدة الرئاسة، ورغبة كل الأطراف في المشاركة بالمتغيرات السياسية القادمة.

أما الكاتب والأكاديمي الفلسطيني عبد الستار قاسم، اتفق مع سابقه بأنّه لا علاقة بين المصالحة الخليجية وإنجاز المصالحة الفلسطينية؛ لأنّ الموقف الإقليمي ليس هو من يُحدد المصالحة، على حد قوله.

وبيّن قاسم خلال حديثه لـ"خبر"، أنّ مشكلة المصالحة مرتبطة بعوامل مختلفة عن دول التعاون الخليجي، مُضيفاً: "مشكلتنا في اتفاق أوسلو، وما دامت هذه الاتفاقية قائمة لا يمكن أنّ نتفق، وهما تغزلنا بالمصالحة وتحدثنا عن محاسنها لن تتم؛ وإنّ تمت لا تستمر؛ لأنّ التنظيم أهم من كل فلسطين والشعب الفلسطيني"، وفق حديثه.

فيما اختلف الكاتب والمحلل السياسي أحمد رفيق عوض مع سابقه، حيث قال إنّ المصالحة تحتاج إلى دعم مالي وضوء أخضر من كل القوى العربية؛ وبالتالي المصالحة ليست قرارًا فلسطينيا خالصًا وإنما مصالحات عربية داخلية، مُعتقدًا أنّ المصالحة "القطرية -السعودية" قد تُساهم في توفير جو أفضل للمصالحة الفلسطينية.

وتُعاني الساحة الفلسطينية مُنذ يونيو 2007 من انقسام داخلي بين حركتي فتح وحماس، لم تنجح حتى الآن العديد من الاتفاقات والوساطات والمؤتمرات في إنهائه واستعادة الوحدة الوطنية.

هل تؤدي الانتخابات لإعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني؟

وفيما يتعلق بإمكانية أنّ تكون الانتخابات مدخلاً لإنهاء الانقسام الفلسطيني، رأى عوض في حديثٍ خاص بوكالة "خبر"، أنّ الانتخابات مصلحة حقيقية لحركتي حماس وفتح؛ لأنّها رافعة لهما من أجل إثبات الحضور وعدم تجاوزهم من العرب ومن دولة الاحتلال "الإسرائيلي" أيضاً.

أما قاسم فقد شكّكَ في احتمالية إجراء الانتخابات في مطلع مارس/ آذار كما يرى مراقبون، قائلاً: "ما دام أنّ أمريكا وإسرائيل لم تجدا بديلاً لمحمود عباس لن تتم، وإذا وُجد بديل بنفس المواصفات ستُجرى الانتخابات".

وأضاف قاسم: "ليس من مصلحة الرئيس محمود عباس وجماعته إجراء الانتخابات؛ لأنها ستفقدهم المال والقرار الفلسطيني"، مُردفاً: "حماس سيكون لديها القدرة على التخلي عن حكمها في قطاع غزّة؛ لكنّ الأمر يعتمد على من سيفوز".

ولفت عبد العاطي، إلى أنّ الانتخابات ليست المدخل الصحيح والوحيد؛ لإنهاء الانقسام، وإذا تم الاتفاق عليها لابد من تحصينها بجملة من الضمانات المتعلقة في الحقوق والحريات وتوفير كل الضمانات السياسية والقانونية.

وقال: "على المستوى السياسي، لابد من توفير أسس للشراكة والاتفاق كيف ستجري انتخابات تحترم حقوق الإنسان والعمل السياسي والحزبي وتوفير كل المناخات المطلوبة؛ وكل ما يتعلق بشروط وبيئة الانتخابات على المستوى السياسي".

وتابع: "لا بد من الاتفاق كذلك على برنامج وطني يقوم على قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة والاتفاق على ترتيبات الشراكة في المنظمة والسلطة والاتفاق، إنّ كانت الانتخابات ستُجرى في إطار اتفاق أوسلو أم إطار دولي".

واستبعد عبد العاطي، إجراء الانتخابات في مطلع مارس/ آذار المقبل؛ لأنّ الأمر يحتاج إلى وقت وترتيبات كبيرة، إضافةً إلى أنّ التجارب السابقة تُشير إلى صعوبة الأمر بين الفرقاء.

 ورأى أنّ قبول الأمر بالنسبة للرئيس محمود عباس تكتيكي، مُستدركًا: "إلا إذا ضمن نفسه كمرشح توافقي؛ وبالتالي ضمان نتائج الانتخابات بشكل مسبق ضمن القائمة المشتركة كمرشح توافقي".

وتوقع حال حدوث أيّ تغيير في ميزان القوى بعد ظهور نتائج الانتخابات التشريعية، عدم الذهاب إلى انتخابات رئاسية  ومجلس وطني كذلك.

من جهته، بيّن سويلم أنّ مسألة الانتخابات تتوقف على سؤالين الأول هو إنّ كانت حركة حماس مستعدة فعلياً للانتخابات، واقتنعت بالفعل بأنّ نتائج هذه الانتخابات ستُعيد بناء النظام السياسي وفق التمثيل النسبي وعلى أساس وحدة المؤسسات في كافة أنحاء الوطن، مُستدركاً: "إذا وصلت لهذه القناعة، لن يكون هناك مشاكل كبيرة".

وأردف: "لكنّ إنّ كانت الانتخابات مجرد مدخل لتحويل الانقسام من سياسي إلى إعلامي، واختلاف ومناكفات إلى انقسام شرعي؟، فإنّ هذا الأمر سيُشكل خطراً كبيراً على المشروع الوطني".

الاحتلال والانتخابات الفلسطينية

وفيما يتعلق بسماح الاحتلال بإجراء الانتخابات وإتمام ملف المصالحة، رأى سويلم أنّه يجب عدم إعطاء الاحتلال الدور الأساسي في هذا الشان، لأنّه لا يستطيع أنّ يفعل شيئاً إذا قررنا إنهاء الانقسام؛ مُردفاً: "من الممكن أّن يمنع الاحتلال إجراء الانتخابات بالقدس؛ وبالتالي بإمكاننا تحويلها لمعركة ضد الاحتلال".

أما عبد العاطي، فاعتقد أنّ الأمر يتوقف على استقلالية القرار الفلسطيني، وليس ضمن تجديد اتفاق أوسلو، لكنّ ربما يقبل بها الاحتلال بناءً على ضغوط دولية وضمن اتفاق فلسطيني.

فيما أشار قاسم إلى أنّه في حال كانت "إسرائيل" متأكدة من نتائج الانتخابات، وأنها ستكون ضمن أوسلو وتبعاتها فإنّها ستوافق عليها؛ لكنّ إذا رأت أنّ الأمور لن تسير وفق رغباتها، يُمكن أنّ لا تسمح وتستطيع عرقلتها بسهولة.

كما توقع عوض، أنّ تقبل "إسرائيل" بإجراء الانتخابات بضغط من الدول العربية والمجتمع الدولي، ودون ذلك ستمنعها.

وعُقدت آخر انتخابات رئاسية عام 2005، فيما أجريت آخر انتخابات تشريعية "برلمانية" في 2006.

وتحكم حركة "حماس" قطاع غزّة، فيما تُدير حركة "فتح" التي يتزعمها الرئيس محمود عباس، الضفة الغربية المحتلة، منذ بداية الانقسام الفلسطيني، عام 2007م.