الحوثيون التهديد الجديد لإسرائيل

حجم الخط

بقلم: يوني بن مناحيم

 


تنظر الجهات الأمنية في إسرائيل بقلق كبير إلى تعاظم قوة المتمردين الحوثيين (الشيعة) في اليمن. المتمردون المنتمون إلى تنظيم «أنصار الله» المدعومون من إيران. لقد تحولوا إلى وكيل لها في اليمن، مثل «حزب الله» في لبنان، والميلشيات الإيرانية في العراق، وتنظيمي «حماس» و»الجهاد الإسلامي» في قطاع غزة.
عملية التعاظم العسكري للمتمردين الحوثيين في اليمن مستمرة منذ عدة سنوات. تهرّب إيران كميات كبيرة من السلاح إلى اليمن عن طريق البحر، وترسل إليه خبراء عسكريين لتحسين تكنولوجيا إنتاج صواريخ بعيدة المدى ودقيقة، وأيضاً مسيّرات دقيقة للمتمردين في اليمن.
هذا السلاح موجّه حالياً ضد السعودية، لكن المتمردين الحوثيين سبق أن هددوا في الماضي باستخدامه ضد إسرائيل. وهم يستخدمون ألغاماً بحرية وسفناً مفخخة صغيرة للقيام بتفجيرات انتحارية ضد سفن كبيرة.
تعمل الولايات المتحدة وإسرائيل بصورة مشتركة وسراً في وسط البحر على إحباط تهريب سلاح إيراني عبر البحر إلى المتمردين الحوثيين في اليمن، من خلال تبادل المعلومات الاستخباراتية بينهما. حقيقة أن إسرائيل أرسلت قبل نحو أسبوعين غواصة إلى البحر الأحمر لتقديم رد عسكري على تهديد المتمردين الحوثيين في اليمن قبيل الذكرى السنوية لاغتيال قاسم سليماني، تدل على التخوف الكبير في المؤسسة الأمنية من فتح جبهة جديدة في مواجهة إيران في اليمن. تسيطر إيران فعلياً على صنعاء عبر المتمردين الحوثيين، كما تسيطر أيضاً على عواصم عربية، مثل دمشق وبيروت وبغداد، عبر وكلائها.
الأخبار التي نشرتها وسائل الإعلام الإسرائيلية والأجنبية عن الغواصة الإسرائيلية التي أُرسلت إلى مياه البحر الأحمر، ثم إلى منطقة الخليج الفارسي، أغضبت الحوثيين في اليمن.
هيئة الاستخبارات في تنظيم «أنصار الله» أعلنت أنها «تتابع كل تحركات إسرائيل في المنطقة وكل مخططاتها العدوانية تجاه اليمن». رئيس الهيئة، الجنرال عبد الله يحيى الحكيم، قال: إن تنظيم «أنصار الله» في جهوزية أمنية وعسكرية ومعنوية لتنفيذ كل «العمليات النوعية» لمواجهة المعتدين والمرتزقة، وعلى العدو الصهيوني المحتل «أن يفهم تحذيراتنا وألّا يقوم بأعمال حمقاء، متسرعة أو مغامرة».
جاء التهديد الحوثي في أعقاب المقابلة التي أجراها موقع «إيلاف» السعودي مع الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي، هدي زيلبرمان، والتي أعلن فيها أن إسرائيل تتابع عن كثب التحركات الإيرانية في اليمن والعراق.
قدم المتمردون الحوثيون في اليمن قبل بضعة أيام نموذجاً لقدرتهم الإرهابية من خلال هجوم إرهابي نفذوه ضد الحكومة الجديدة في اليمن لإفشال «اتفاق الرياض» الذي تم التوصل إليه في السعودية، وكي يظهروا فشل السعودية في الحرب المستمرة منذ خمس سنوات، وأنهم لا يزالون يمسكون بخيوط اللعبة في اليمن. استهدف الهجوم المطار في عدن بعد وصول وزراء الحكومة اليمنية الجديدة في طائرة من السعودية حطت في المطار. وأسفر قصف المطار عن مقتل 26 شخصاً وجرح 100، بينما لم يُصَب وزراء الحكومة لأنهم لم يكونوا قد نزلوا من الطائرة.
الهجوم على مطار عدن سيزيد على ما يبدو مطالبة المملكة السعودية من إدارة ترامب الإسراع في الإعلان أن المتمردين الحوثيين وتنظيم «أنصار الله» تنظيمان إرهابيان، وفرض عقوبات عليهم قبل أن يغادر الرئيس ترامب البيت الأبيض.
بالاستناد إلى مصادر أميركية، اتفقت الولايات المتحدة مع السعودية على زيادة الضغط على الميليشيات الموالية لإيران حتى نهاية ولاية ترامب. وبدأت الولايات المتحدة بفحص احتمال الإعلان أن المتمردين الحوثيين «تنظيم إرهابي»، لكنها تتعرض لضغوط من أطراف متعددة لعدم القيام بخطوة في هذا الاتجاه. ألمانيا والسويد والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان تطلب من الولايات المتحدة الامتناع عن القيام بهذه الخطوة التي ستؤدي في رأيهم إلى مفاقمة الوضع الإنساني وإلى الجوع في شمال اليمن. في رأيهم، فرض العقوبات على المتمردين الحوثيين يمكن أن يجعل من الصعب توزيع الغذاء والمساعدة الطبية، وتدّعي منظمات حقوق الإنسان أن عامليها لن يستطيعوا العمل على الأرض، وأن المساعدة الطبية والغذائية لن تصل بوساطة متعهدين محليين.
المطالبة الدولية المتبلورة حالياً هي أن تستبعد الولايات المتحدة موضوع المساعدة الإنسانية من أي عقوبات تُتخذ ضد المتمردين الحوثيين في اليمن من أجل المحافظة على خيار التوصل إلى وقف إطلاق النار.
المتمردون الحوثيون يصعّدون هجماتهم على السعودية بوساطة صواريخ بعيدة المدى ومسيّرات دقيقة. والهدف من الهجمات ممارسة ضغط على السعودية في أي مفاوضات لإنهاء الحرب، وتحقيق إنجازات تخدم إيران، مثل التقدم باتجاه مناطق حيوية لأمن السعودية بالقرب من حدودها في منطقة مأرب.
يواجه السعوديون صعوبة كبيرة من الناحية العسكرية لحسم الحرب في اليمن لمصلحتهم. هم الآن في سباق مع الزمن إزاء الإدارة الأميركية فيما يتعلق بتصنيف الحوثيين «كتنظيم إرهابي». الحوثيون يتّكلون على بايدن الذي لا يؤيد المملكة السعودية ويريد، بحسب تصريحاته، إنهاء الحرب في اليمن بسرعة.
سياسة جو بايدن إزاء اليمن والمتمردين الحوثيين تؤثر في إسرائيل، وفي تقدير جهات سياسية في القدس، سيكون من الصعب على إسرائيل أن تتحرك ضد الحوثيين في اليمن إذا هاجموا أهدافاً إسرائيلية في البحر الأحمر من دون الحصول على موافقة إدارة بايدن. السياسة المتساهلة المتوقعة للرئيس الجديد إزاء إيران، في تقدير جهات سياسية في القدس، ستشجع فقط العمليات الإرهابية لوكلاء إيران في الشرق الأوسط، الأمر الذي سيحوّل اليمن إلى جبهة إضافية ستضطر إسرائيل إلى مواجهتها في المواجهة مع إيران، على الرغم من بعدها الجغرافي الكبير.

عن موقع «مركز القدس للشؤون العامة»