6 يناير...ليلة القبض على الحقيقة الأمريكية

حجم الخط

 كتب حسن عصفور

 لو سأل مواطن فلسطيني، ولا نود القول مواطن عربي، هل تعتقد يوما ما أن هناك رئيس أمريكي منتخب ثم يتم التصويت له بأكثر من 70 مليون أمريكي، سيوقد "تمردا" صريحا من داخل البيت الأبيض، ويناشد الأنصار باقتحام الكونغرس، لقالوا أن ذلك هو "الجنون"، مع ما يرافقها من مكملات اتهامية، قد تصل الى حد العمالة للاتحاد السوفيتي الذي كان.

مشهد يوم 6 يناير 2021، لن يمسحه التاريخ، أي كانت محاولات الإعلام الرأسمالي، ولن يتمكن ابدا من اعتباره يوما شاذا في التاريخ الأمريكي، بل هو جزء حقيقي من المخزون الكامن ثقافة وسلوكا في العمق الأمريكي

العنصرية كانت ولا تزال جزءا مكونا للثقافة الأمريكية السائدة داخل ذاك البلد، دون أن تصدرها حركة تزييف الوعي عبر إعلام لعب دورا جذريا في تزوير الحقائق لتكريس الغزو الفكري والسلوكي لرأسمالية تغولت جدا على شعوب العالم.

الرئيس الأمريكي الذي قاد التمرد هو جزء هام من التكوين السياسي في الولايات المتحدة، وما حدث ليس سوى مؤشر مفصلي الى مرحلة قادمة لن تكون كما كانت، وما حدث ليس ليلة عابرة، بل هي أيام مستمرة وقادمة، فأمريكا ما قبل 6 يناير لن تكون هي ما بعدها.

عام 1977، كتب وأخرج رومانو فاندربس الفيلم الوثائقي "هذه أمريكا" (This Is America)، ويمكن اعتباره الأهم في تاريخ السينما الكاشف لحقيقة المجتمع الأمريكي، والوجه المظلم للولايات المتحدة. ففي الفيلم، تشاهد مناطق حافلة بالفقر والجرائم والمخدرات ومظاهر التخلّف، كنيويورك وواشنطن وكاليفورنيا وفلوريدا وغيرها.

في حينه، كان الاتهام لكل ما يكشف واقع العنصرية المخزونة في المجتمع الأمريكي، أو ملامحه الحقيقة يكون عميلا للشيوعية، وهو ما تعرض له مخرج الفيلم وكاتبه، ولكن، بعد انتهاء المرحلة السوفياتية ومعها قوة الحركة الشيوعية العالمية، لم يعد بالإمكان اعتبار ترامب وأنصاره عملاء شيوعيين كامنين.

الحدث الأمريكي يحمل من الدروس ما يفوق كل ما كتب عن هذه الدولة سابقا، وما أعلنه الرؤساء الأربعة السابقون، بأن هذه ليست أمريكا، وما حدث يمثل "مأساة وطنية" ليس سوى بعض الحقيقة، لأنها هي أمريكا، ولكن التي لا يودون الحديث عنها.

ولن تقف "ليلة 6 يناير" عند حدود الولايات المتحدة، بل ستفرض ذاتها في أوروبا وغيرها، ما سيترك أثره على "الزعامة السياسية" للعالم الرأسمالي، وجاء بيان زعماء أوروبيين وأمين عام الأمم المتحدة، المصدومين من الذي حدث، جزءا من التغيير القادم.

بالتأكيد، لن تنهي تلك الليلة قوة الرأسمالية الحاكمة في أمريكا، ولكنها تشكل أهم هزة تاريخية لها، وما حدث فيها من "فضح الحقيقة" يفوق سنوات من الفعل الانتفاضي ضد عنصريتها واستغلالها، وضد نظام الكارتيلات الذي كان أبرز ناهبي البشرية.

6 يناير سيبقى عنوانا من عناوين التاريخ السياسي، الذي لن يمحى بسهولة، أي كانت المحاولات، مع توثيق الصورة التي نطقت بعد صمت طويل.

ملاحظة: هزة تعيينات وإقالات حدثت في الحكومة الفلسطينية، طالت مواقع حساسة كمكافحة الفساد وقبلها سلطة النقد والتوجيه السياسي...الغريب أن الكشف عنها بدأ تسريبا ونشر عنها خبرا غامضا في وكالة رسمية...معقول هيك يا جماعة شوية احترام للناس بس!