نتنياهو يعد إسرائيل بالعيش على رؤوس الحراب إلى الأبد!

israeli_press
حجم الخط




 أي تفويض لدى رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، للبقاء في كرسيه؟ أي تفويض لدى زعيم يعد أمته بحرب أبدية، احتمال السلام صفر ووكذلك الحياة الطبيعية؟ فقط الموت والمزيد من الموت يفرضه علينا، على ابنائنا، وعلى أحفادنا. «يسألونني اذا كنا سنعيش الى الابد على حرابنا – نعم»، قال نتنياهو على الملأ في لجنة الخارجية والأمن يوم الأحد، دون أن يرمش له جفن. أي تفويض يوجد لرجل عديم الأمل كهذا ليبقى في منصب كل جوهره هو الرؤيا والمنفعة؟
وبعد أن تفوه بجوابه المخيف، بايماءته المغرورة الدائمة، بصوته الرجولي لدرجة الكاريكاتير، بنبرته المحبة للدراما. وعلى أي حال عاد نتنياهو وشبه نفسه برئيس وزراء بريطانيا ترتشل (هواية معروفة لديه)، الذي صرح في خطابه امام البرلمان قبل 75 سنة بانه لا يمكنه أن يعد أمته التي تقاتل ضد النازيين الا «بالدم، بالكد، بالعرق والدموع». حسنا، أي أمل كان يمكن لونستون العجوز ان يعرضه على الشباب الممتاز الذي خرج الى الجبهة كي يقضي على جنود المفتي؟.
ولعله بالضبط لهذا السبب مر تصريح نتنياهو الصادم من تحت الرادار الوطني، إذ اننا لم نهدأ بعد من المفتي، الاسبوع الماضي، ذاك الذي حرض هتلر الشقي على الكارثة. فبعد سماع تزييف فظ كهذا للتاريخ، وتزييف آخر موجه مباشرة لعصفور النفس الوطنية، فإن الوعد بالحرب الدائمة من رئيس الوزراء يبدو أشبه بالبشرى الطيبة.
ولكن تصريح نتنياهو هو افلاس قيادي لرجل لا يفهم على نحو ظاهر، رغم تجربته عديدة السنين كرئيس للوزراء، جوهر منصبه: اصلاح أخطاء الماضي، الحفاظ على الامة في الحاضر، ودفعها الى الامام نحو مستقبل افضل. فضلا عن ذلك، فان هذا تصريح لا يصدم فقط بل خطير جداً أيضا، لان نتنياهو ليس محللا، بل خالق للواقع. عندما يقول نتنياهو: «الى الابد سنعيش على حرابنا»، فانه لا يخمن، بل يعد ويستعد. فكره هو أن حروبنا التي لن تنتهي أبدا ستصمم مصير الدولة والشعب.
زعيم لا يرى أي احتمال للسلام في المستقبل، يرى مئة في المئة احتمال الحرب، وكونه كذلك يرى المستقبل فانه يعمل هكذا بشأنه: لا يتحدث مع الاعداء، إذ ان هذا مجرد تبذير للوقت. لا يوجد في سباق تسلح بل في مراثون ليس فيه خط نهاية. منشغل بزرع المخاوف بين الجمهور، سواء كان فيها ما هو حقيقي أم انه يسهل التحكم بالرعايا الخائفين. ولكن حتى في ظل التهديدات التي يؤمن بها نتنياهو بصدق ثمة ما هو عديم اي اساس، جنون، اضطهاد ليس إلا.
ان انعدام الجدوى الذي اقترحه نتنياهو على الامة في تصريحاته هو القطعة الناقصة في لوحة «الحياة نفسها». أتذكرون أن مراقب الدولة وجد في شباط حكومات نتنياهو مذنبة بغلاء المعيشة وازمة السكن؟ «الساحر» عاد وامتشق ايران من كمه، وبالأحرف والمفتين (وحتى فقط مفت واحد) شرح بان ما هو مهم حقا هو «الحياة نفسها»، والتي لا تتضمن التعليم، الثقافة، الرفاه، وما شابه.
والان يعدنا نتنياهو «بالموت نفسه». شكرا جزيلا، حقا.  

 عن «يديعوت»