"عين" صغيرة في المناطق "ج"

حجم الخط

بقلم: عميره هاس

 


قامت الادارة المدنية بفتح مركز اتصالات لتلقي المعلومات عن البناء غير المرخص في الضفة الغربية، موقع مستوطنة «كوخاف يعقوب» يعتبره «عميلا صغيرا» – ولا يترك أي مجال للتكهن: الوشاية تستهدف الفلسطينيين. موقع المستوطنة نشر في الاسبوع الماضي اعلان للادارة المدنية عن المركز الجديد المسمى «غرفة العمليات ج»، والتفسير هو: «هل شاهدتم اعمال بناء لفلسطينيين بدت لكم مشبوهة وغير مصادق عليها؟ هل شاهدتم مكرهة صحية لفلسطينيين يستخفون بالقانون؟ من الآن، يوجد لكم عميل صغير خاص بكم. توجهوا في كل ساعات اليوم، وبكل الطرق الممكنة وقدموا شكوى بشأنهم. في كل يوم نقوم بوضع اجمالي للشكاوى ونعرض ما تم فحصه وما تمت مصادرته في حالة وجود سلوك غير سوي. نتمنى لكم النجاح».
أقيم مركز الاتصالات لغرفة عمليات «ج» بهدف معلن يتمثل في تركيز وزيادة نجاعة اعمال انفاذ القانون من قبل الادارة المدنية. حسب رد المتحدثة بلسان وحدة منسق اعمال الحكومة في المناطق (التي تتبع لها الادارة) على «هآرتس»، فإن غرفة العمليات انشئت في تشرين الثاني 2020 وموضوع وجودها لم ينشر بعد رسميا على نطاق واسع. «بيان بشأن اقامة غرفة العمليات نشر على ضباط الادارة المدنية والعاملين فيها، وكذلك على عدد قليل من الجهات فقط، هذا كمرحلة أولى في عملية تشغيل انشاء هذه الغرفة»، كتب في الرد للصحيفة.
هكذا فإن البحث في كلمات «غرفة عمليات ج» في «غوغل» يقودنا الى نشر واحد ووحيد، الموجود في موقع «كوخاف يعقوب». الجهات المجهولة الاخرى، التي وصل اليها البيان، فهمت أنه غير مخصص للنشر. في المقابل، مركز الاتصالات نفسه اصبح فاعلا. في الاسبوع الماضي، اتصلت مع الارقام الثلاثة الموجودة في الاعلان. على احد هذه الاتصالات اجابت من بدت لي كجندية شابة، والتي أكدت أن هذه هي «غرفة العمليات ج»، وأنه يجب أن نرسل لهم احداثيات وصورا وشرحا عن نوع البناء الذي يتم الابلاغ عنه. يمكن ذلك عبر الواتس اب أو الى رقم الهاتف المحمول الموجود في الاعلان، قالت بصوت ودود.
كم من الواشين نحتاج؟ الجمعية اليمينية «رغفيم» تعمل كواش كبير منذ اكثر من عقد. هي مزودة بمروحيات تتجسس على التجمعات الفلسطينية ومحامين يقدمون استئنافات متباكية على عدم هدم المزيد من بيوت وقرى الفلسطينيين. ايضا للمستوطنين يوجد دائما خط مباشر مع الادارة المدنية. وزارة شؤون الاستيطان بادرت الى تخصيص ملايين الشواكل من اموال ضرائبنا من اجل أن يشتري المستوطنون مروحيات تجسس وأن يرسلوا المزيد من الاشخاص لتعقب الفلسطينيين. ولكن كيف من الناحية البيروقراطية كل ذلك يعمل معا؟ مصدر امني قال للصحيفة، إن «غرفة العمليات ج» «انشئت بعد عمل واسع لعدة جهات داخل الادارة المدنية، التي هي غير مرتبطة بهذا النشر أو ذاك». أي أن غرفة العمليات تم التفكير فيها قبل وقت طويل من مبادرة المنافسين في وزارة شؤون الاستيطان. هل لوشاة المنافسين سيكون هناك مركز اتصالات آخر؟ هل المركزان سيتشاجران؟ سنعيش ونرى.
رسميا، يمكن أن تخدم «غرفة العمليات ج» ايضا من يبلغون عن البناء الاسرائيلي غير القانوني. «عندما يتخذ قرار بنشر نشاطات مركز الاتصالات بصورة مبادر بها، الاعلان سينشر سواء باللغة العبرية أو باللغة العربية»، قيل لي. هكذا، في بداية شهر كانون الاول، محامو منظمة «حقل» التي تمثل المزارعين الفلسطينيين الذين سيطر المستوطنون ويسيطرون على اراضيهم، تم توجيههم الى هذا المركز من قبل وحدة التنسيق والارتباط التابعة للادارة المدنية. ومنذ ذلك الحين قدموا ثلاث مرات تقارير لـ»غرفة العمليات ج» عن بناء غير قانوني جديد في «آفي غيل» و»حفات معون» على اراضي مسافر يطا، وفي مستوطنة «ايش كوديش» الواقعة على اراضي جالود. هذه هي بؤر استيطانية غير قانونية وغير مرخصة، تحظى بعملية تبييض فعلية وقانونية، وهي آخذة في التوسع رغم أوامر الهدم والاخلاء التي صدرت رسميا ضد المباني ورغم العنف الذي امتد لسنوات طويلة والذي مارسه سكانها ضد فلسطينيين وضد معارضي  احتلال اسرائيليين. ممثلو وحدة التنسيق والارتباط ارسلوا شخصا لفحص ما يحدث، قيل لـ»حقل».
هل يجب علينا أن نفرح؟ هيا لا نسقط في شرك التناظر، حتى لو أنه في مركز الاتصالات تم وضع من يفهمون العربية، فلا توجد امكانية للمقارنة بين بناء بدون ترخيص لفلسطينيين في الضفة الغربية وبين بناء غير قانوني وبدون ترخيص لليهود. الفلسطينيون يتم دفعهم للبناء ليس طبقا للاجراءات، على اراضيهم، لأن الاجراءات التي تطبقها اسرائيل استهدفت اخفاءهم. واليهود تم ارسالهم من قبل الدولة للمشاركة في عملية غير قانونية تتمثل في توسيع مشروع الكولونيالية اليهودي.
الادارة المدنية هي احدى الجهات القديمة والمدربة جدا في تنفيذ سياسة الكولونيالية اليهودية. ومع ذلك، في الـ 12 سنة الاخيرة هي خاضعة لهجوم مركز من لوبي المستوطنين، وعلى رأسه جمعية اليمين «رغفيم»، وكأنها لا تعمل بما فيه الكفاية من اجل طرد الفلسطينيين والسيطرة على اراضيهم. تحت هذا الهجوم، الادارة المدنية ورجال قانون عسكريون سارعوا الى اختراع المزيد من الحيل من اجل تسريع عملية النهب. الواشي هو وسيلة اخرى. في نهاية المطاف موظفو الحكومة والضباط هم بشر: يجب عليهم أن يظهروا بأنهم يحسنون أداءهم من اجل أن يرضوا اسيادهم المستوطنين والفوز في المنافسة على من له الفضل، والذي يعطى لمن صادر الواحا الشمسية وانابيب مياه اكثر، وطرد عدد اكبر من الفلسطينيين.

عن «هآرتس»